صفحات العالم

سورية والنفق المظلم


د. محمد صالح المسفر

(1) خمسة اشهر مضت وسورية الحبيبة تعيش اسوأ مراحل حياتها منذ عهد الاستقلال من الاستعمار الفرنسي، انها تسير في نفق مظلم. الشعب السوري يريد العزة والكرامة وهو يستحقها بجدارة، انه يريد يريد الحرية في القول والعمل من اجل سورية القوية العزيزة، انه يرفض الذل والاذلال من اي قوة في الارض، الشعب السوري العظيم قاوم كل جحافل الغزاة والطغاة عبر التاريخ وانتصر.

اليوم المعركة في سورية الحبيبة ليست كالمعارك التاريخية التى خاضها الشعب السوري، معركة اليوم هي مع نظام سياسي سوري طغى وتجبر على مدى اربعين عاما ونيف. مطالب الشعب في مطلع حركته الحالية هي الاصلاح وشعار ردده الثوار ‘الشعب لا يذل’، كانت مطالبة متواضعة لا للاذلال، والقهر، والاستبداد، والفساد والمحسوبية، نريد العزة والكرامة، لكن الرسالة لم تصل الى اذان الرئيس بشار الاسد الا عبر ‘فلاتر’ اي عبر اجهزة الامن الرهيبة.

النظام الحاكم في دمشق صعد مواجهته منذ اللحظة الاولى في مدينة درعا ضد المدنيين العزل وانزل الجيش بقوته العسكرية المخيفة وجنوده بلباس ميداني وكأنهم متجهون لتحرير الجولان من الاحتلال الاسرائيلي. جنود او مجندون (شبيحة) يمتطون ظهور مواطنين قيدت ايديهم وبطحوا ارضا، رقص هؤلاء (الشبيحة) على ظهور الرجال وركلت رؤوسهم باحذية الشبيحة (البسطار الصلب وكأنهم يركلون كرة قدم. في مقابل تصعيد النظام لقمع المواطنين بالقوة المسلحة المطالبين بالاصلاح والكرامة والحرية. صعد المواطنون مطالبهم باسقاط النظام، وامتدت الثورة المطالبة باسقاط النظام لتشمل كل الارياف والمدن السورية من انطاكية شمالا مرورا بمدن الساحل والوسط حتى محافظة درعا في الجنوب، ومع بعد الشبه يذكرنا هذا الموقف بموقف الشعب السوري من اغتصاب السلطة في دمشق من قبل االجنرال الفرنسي هنري غور ومقاومتهم له رغم بطشه الشديد بالشعب.

يقيني بان القيادة السورية الماسكة بزمام السلطة لم تقرأ تاريخ الشعب السوري ومقاوماته لكل اصناف الاستبداد والظلم، لم يعتبروا من حملة الجنرال الفرنسي هنري غور وسياساته التي أعتقد انه بمجرد احتلاله لدمشق فانه سيسيطر على كل بلاد الشام. تداعى الشعب السوري لنجدة دمشق فهبت الثورة من حوران لنصر مقاومة دمشق للاحتلال الفرنسي وهتف اهل حوران كلهم ‘حوران هلت البشائر’ وتنادت مدن الشام من انطاكية الى الفرات والجزيرة امتدادا الى دير الزور والحسكة والقامشلي وحمص الى جسر الشغور الى ادلب وكل مدن الساحل والى درعا الى كل مكان في سورية وانتصر الشعب السوري في مقاومته للاحتلال. تاريخ سورية كله عبر لمن يعتبر فهل آن للرئيس بشار الاسد ان يعتبر؟

(2)

قلنا كغيرنا من شرفاء هذه الامة ونقول لكل الحكام العرب ان الحلول الامنية لمواجهة مطالب الشعب لن يكتب لها النجاح مهما طغت وتجبرت تلك الانظمة. الشعب ركن من اركان الدولة اذا اختل توازنه انهارت الدولة، الحكم اداة لتحقيق الانسجام الاجتماعي بين افراد الشعب متفق على ادارته بعقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم فاذا دب الفساد والاستبداد وانتشر الظلم وانعدمت العدالة انهار الحكم لكن الدولة والشعب لا يمكن ازالتهما او تبديلهما، الحكومات مستقبلها وبقاؤها مرتبط برضا الشعب عليها فاذا رفضها الشعب فلا عاصم لها من غضبه وستسقط وستلاحقها لعنة التاريخ طالما بقي الانسان.

( 3)

في مطلع الاسبوع الحالي اجتاح الجيش السوري مدنا مثل حماة وقرى وارياف سورية لاخضاع الشعب لارادة السلطة الحاكمة في دمشق وكأن النظام السياسي في دمشق في سباق مع الزمن باستخدام القوة المسلحة لانها ثورة الشعب السوري السلمية المطالبة بسقوط النظام قبل دخول شهر رمضان المبارك، ارتفع عدد القتلى لاكثر من 140 انسانا وتزايد ت اعداد الجرحى بعضهم جراحة خطيرة كما تؤكد وكالات الانباء المختلفة ولعل هناك جنودا سقطوا في هذه الحرب اللا اخلاقية بدلا من سقوطهم على سفوح الجولان وقممه المحتلة منذ عام 1967. النظام السياسي يقول ان هناك قوى مسلحة وايادي اجنبية تريد الحاق الهزيمة بسورية دولة التصدي والمقاومة والممانعة وعلى الحكومة السورية ان تحمي الوطن والمواطن من المؤامرات الاجنبية والعملاء والخونة. ونحن نؤيدها في ذلك ونشد من ازرها ونعينها للتصدي لهم. لكن اليس اقصر الطرق لحماية الوطن والمواطن في سورية وغيرها هي احلال العدل والمساواة والقضاء على الفساد والمفسدين وتسييد مبدأ حرية التعبير وتداول السلطة بالطرق الديمقراطية وايجاد دستور متفق عليه ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم؟ اليس اقصر الطرق واسلمها لحماية الوطن والمواطن هو الاستجابة لمطالب السشعب وتحقيق الانسجام الاجتماعي بين مكوناته في جو من الحرية والامن الجماعي؟

اخر القول: نؤكد ان الاجراءات الامنية وسن قوانين حمالة اوجه لا تحمي نظاما ولا تحقق له الاستقرار. لكن اعان الله امتنا العربية على امورها.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى