صفحات العالم

سورية وفساد النخب


صالح إبراهيم الطريقي

كنت ولأسباب موضوعية لا أتابع القنوات الرسمية العربية، فهي ومنذ أن كنا أطفالا تردد نفس الخطاب، وكانت بعض الجمل نتعاطى معها من باب النكتة، كأن يقول مقدم حفل على شرف الزعيم: «سيدي الرئيس»، فيقول أحد الأطفال: «نعم»، فنضحك ببراءة، لأننا كنا نعيش يومنا، وهكذا هم الأطفال حتى في الحروب حين يتم تهجيرهم يبحثون عن الفرح ولا شيء غير الفرح، وكأنهم يقولون للكبار «لا تأخذوا الأمور بشكل جاد فغدا سنموت».

الجمعة الماضية تابعت القناة السورية لمعرفة كيف يتعاطى الإعلام الرسمي مع الأزمات «الجمعاوية»، وهل تغير وأصبح يحاول إيجاد حل لها، أم هو كما هو منافق ويحاول تزييف الحقائق؟.

لم احتمل المتابعة أكثر من ساعتين، فكمية الكذب والدجل والتحليل السياسي المعتمد على «لعبة الثلاث ورقات» كان حاضرا وبقوة، وللأسف من أكاديميين في الجامعات السورية، أستاذ جامعة يخبر المشاهد بأن حيل الاستعمار لن تنطلي على الشعب السوري، لأن «السوري مسكون بحس قومي عربي كبير»، وآخر يسرد المخطط الإمبريالي الذي بدأ في العراق، ثم تونس، مصر، ليبيا، واليمن، ويريد أن يمتد لسورية وإيران والمقاومات العربية لمصلحة إسرائيل، وأن مؤيدي الثورات في الأوطان العربية هم عملاء للغرب ويقبضون الأموال.

المحزن في كل هذا أن أغلب الأكاديميين السوريين وغير السوريين جاهزون للعب هذا الدور في سورية وغير سورية، وهذا ما يجعل الأمر سوداويا بالنسبة لي، وإن انتصرت الثورة في سورية، لأن تطور أي مجتمع في العالم مرتبط بنخبه الثقافية والسياسية، وعلى أكتاف هؤلاء سيتطور وليس بالثورة الصادرة من ردة فعل لظلم، كما قلت بالأمس.

وحين تفسد النخب الثقافية والسياسية في المجتمع لن ينتج هذا المجتمع إلا طاغية عندما يكتمل ظلمه يثور الشعب عليه، فتحضر لهم هذه النخب طاغية جديدا، يروجون له إلى أن يكتمل ظلمه.

عكاظ ـ السعودية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى