صفحات الثقافةمنذر مصري

شذرات مذهبية لاذقانية/ منذر مصري

 

 

1- السبب الذي أسلمت لأجله جدتي زكية الياس كوتيّا

أعيد هنا بعض ما كتبته في «نوافذ» (24 آب 2014): حدث هذا عام 1917، من يصدق!؟ كان عمر جدي لأبي رفعت مصري 23 سنة، ولم يكن عمر جدتي زكيّة قد تجاوز 16 سنة، أي أنه كان فتى في بداية عهد الشباب وكانت هي فتاة قاصراً، عندما هرعت إلى محله في سوق القماش والحرير في طرابلس صائحة: «رفعت.. أهلي سيزوجونني من ذلك الطبيب.. غداً«. فقام وهرب بها من طرابلس إلى طرطوس، كما كان مخططه منذ زمن، ولكن ليس قبل أن يأخذها إلى دار الإفتاء في دمشق، حيث نطقت زكيّة الياس كوتيا بالشهادتين مشهرة إسلامها على يد مفتي الديار الشامية، الذي، (لا أدري مدى صدق هذه الرواية التي نقلتها لي عمّتي مستهام)، انبهر بجمالها، فعرض عليها الزواج من ابنه، فأجابته بكل صراحة، بأنها أسلمت لتتزوج من رفعت مصري وليس لأيّ سبب آخر. بعدها كما دفع الحب جدي للنزوح من طرابلس لطرطوس، تابع أبي موسم الهجرة إلى الشمال عند زواجه من أمي، من طرطوس إلى اللاذقية..

2- جدتي فاطمة روشن.. الأرجح شيعية والمؤكد فارسية

هذا ما هو مكتوب على بطاقة هويتها التي لا تحتوي على صورة: (فاطمة مهدية روشن)، مسلمة متحجبة. وإذا كان اسم فاطمة، على قدسيته شيعياً، فهو شائع عند السنة والشيعة معاً، فـ(مهدية) اسم يخص الشيعة عموماً، ولذلك يرجح كونها شيعية أكثر مما يؤكد، ولكن إذا أنتبهنا إلى لقب عائلتها: «روشن«، يتأكد لنا كونها من أصول فارسية، فكلمة «روشن« ليست عربية قطعاً، وهي تعني بالفارسية «الضوء«. ومؤخراً عندما كتبت هذا في مكان ما، جاءتني بعض الاحتجاجات من بعض أقاربنا الروشانيين: «من أين جئتنا بكوننا شيعة يا منذر!؟«. فكان أن طيبت خاطرهم ورددت عليهم: «لا تزعلوا.. جدي محمد صائب نحلوس، زوج فاطمة مهدية روشن، الحاصل على شهادة عال العال من جامعة الإستانة، تركي«. لأن كلمة «نحلوس«، هي أيضاً ليست عربية، والدليل القاطع على هذا، صورة شاهدة قبر لشخص ذي مكانة من آل النحلوس التقطتها في زيارتي الوحيدة، منذ ربع قرن، لمقبرة التكية السليمانية في اسطانبول..

3- لا.. جدك ليس شيوعياً

بل ماسوني

تناهى لي، أنا الذي ولدت بعد وفاة جدي محمد صائب نحلوس (1897-1933) بـ 16 عاماً، مع أني أتعامل مع ذكراه وكأنه مات قبل ولادتي بقرن!؟ أن حامل شهادة عال العال من جامعة الإستانة في استانبول، وصاحب صحيفة الرغائب العلمية والأدبية والاجتماعية، كان عضواً في أوائل الخلايا البلشفية التي ظهرت في بدايات العقد الثالث من القرن العشرين، وأنه شارك بحلقات الشيوعيين في مدينة اللاذقية. وأعتقد أن ذلك، رغم عدم وجود أي اثبات، كان صحيحاً. فإضافة إلى ما عرف عن الصائب بكونه رجل علم واستنارة، عرف عنه أيضاً عدم حرصه على مزاولة طقوس الدين من صوم وصلاة وحج، حتى إنه ذات يوم كاد يصطدم ببعض المتدينين الذي وصل إليهم قوله إن الشمس ستكسف في يوم كذا ساعة كذا، وكان قد عرف هذا من مصدر صحافي ما، فتجمعوا تحت بيته في اليوم والساعة المحددين، على نية محاسبته على تقولاته هذه إذا لم يحدث الكسوف، فمن أين له أو لسواه العلم بمشيئة الله ومعرفة ساعة كسوف الشمس، والتصريح بذلك أمام الملأ. فكان أن خافت جدتي لمرآهم، بينما وقف جدي على النافذة المطلة على الجمع الصغير منتظراً معهم كسوف الشمس المرتقب، مع بعض الشعور بالقلق. وبالفعل حدث الكسوف، وتفرق الناس عائدين إلى بيوتهم. وهكذا كلما قرعتني جدتي على عدم صيامي وصلاتي كنت أقول لها، شبه متباه، إني ورثت هذا، عن جدي الشيوعي. فتصيح: «لا.. ما صحيح هالحكي، جدك لم يكن شيوعياً.. كان ماسونياً«. ولم يكن لها أن تقتنع أبداً بأن الحزب الماسوني له علاقة بالصهيونية، وأنه قد تم حظره من قبل جمال عبد الناصر، الزعيم الذي، خلافاً لنا جميعنا، لم تبد تجاهه أي عاطفة..

4- الله، قال لي

لم يكن ابني شكيب قد تجاوز السادسة من عمره عندما كنت أمسك به من يده الصغيرة ونحن نعبر أمام كنيسة اللاتين ذات الثلاث بوابات في شارع بغداد. الأجمل بين كنائس اللاذقية جميعها. عندما خطر لي أن أسأله مشيراً إلى الكنيسة: «ما هذا يا شكيب؟«. فأجاب بعد قليل من التفكير: «بيت الله«. في الحقيقة أدهشني جوابه، فيوماً لم أذكر له شيئاً عن ذلك، كما لم أصحبه إلى جامع أو كنيسة أو أي شيء من هذا القبيل، ولكن عندما سألته مرة ثانية: «كيف عرفت؟« أجاب هذه المرة مباشرة، من دون تردد: «الله قال لي«..

5- قبول أب مسلم بزواج ابنته

من مسيحي بشرط؟

كريستوف شاب مسيحي أنهى مؤخراً دراسته الجامعية كمهندس مدني، وقع في حب فتاة مسلمة تدرس الطب. ومن المعروف أن قانون الأحوال المدنية في سوريا لا يسمح بزواج المسلمة من مسيحي إلا بعد أن يشهر إسلامه ويثبته حسب الأصول. فتقدم الشاب لخطبة الفتاة مبدياً استعداده لاتخاذ هذه الخطوة، مهما كانت عواقبها الأسرية والاجتماعية بالنسبة له. فإذ بالأب وهو من عائلة معروفة بالتدين في اللاذقية، يبدي موافقته على زواج الشاب من ابنته بشرط… أن يبقى كريستوف على دينه، قائلاً له: «يشرفني زواجك من ابنتي، ولكن بالنسبة لي كرجل مسلم، لا أرضى لابنتي بالزواج من رجل يترك دينه لأي سبب، سوى الإيمان«. فكان أن سافر كريستوف وخديجة للخارج حيث تزوجا وعاشا وأنجبا أولاداً مسلمين ومسيحيين على السواء..

6- يسلملي صليبك أنا

يعرف عن جمهور حطين، أن أغلبيته، نستطيع القول، من الطائفة السنية الكريمة، ولكن نجم حطين التاريخي، عمار عوض، كان مسيحياً، مثله مثل نجم حطيني آخر هو كيفورك مردكيان الشهير، ويعرف أيضاً عن المسيحيين الأرثوذكس أنهم يكثرون من رسم علامة الصليب، بمناسبة ومن دون مناسبة. وهذا ما كان يفعله عمار أمام عشرات الآلاف من جمهور نادي حطين في بداية كل مباراة، فما أن يخطو خطوته الأولى داخل المستطيل الأخضر، حتى يصلب، ثم عندما يقرأ لاعبو الفريق الفاتحة، ويمسحون وجوههم بأكفهم، كان هو يصلب. وفي كل مرة يصنع أو يحقق هدفاً، يصلب. أذكر مرة، وكأنني أرى المشهد أمامي الآن، أنه ومن زاوية في غاية الصعوبة، مرر عمار بدقة متناهية كرة إلى مهاجم حطين، أودعها بسهولة متناهية في مرمى الفريق الخصم. عمار كعادته قام برسم إشارة الصليب، فإذ اسمع صيحة بالقرب مني شقت الفضاء وارتفعت فوق كل الصخب الذي ساد الملعب بعد الهدف: «يسلملي صليبك أنا«..

كلا، لم يكن حطين فريقاً أو جمهوراً طائفياً كما كان يشاع عنه، بل أكاد أجزم أنه كان العكس، محرقة للمشاعر للطائفية بكل أشكالها. ليس فقط لوجود نجوم من الطائفة العلوية، مثل لاعب الوسط بشار حسن، وقلب الدفاع محسن بسمة، وأشرس مهاجم عرفته كرة القدم السورية زياد شعبو، بل لأني كثيراً ما رأيت خلال زيارتي المتكررة، بحكم عملي، أعلام حطين الزرقاء والبيضاء ترفرف فوق أسطح القرى والبلدات الريفية، مؤكدة ليس فقط حقيقة حطين وجمهوره، بل حقيقة الشعب السوري..

7- قداس وجناز المفكر الراحل الياس مرقص

تفاجأ أغلب حاضري القداس الجنائزي للمفكر الماركسي الراحل إلياس مرقص، صاحب «الماركسية في عصرنا«، من الطقوس الجنائزية الطويلة والمعقدة التي كان يقوم بها خوري الكنيسة الصغيرة الملحقة بمقبرة الأرثوذكس في حي الفاروس، حيث كانوا، ماعدا الأقارب، رفاق الراحل في الحياة والفكر.. والنضال. همس لي من كان يقف بجواري وقد أفقدته قدرته على البقاء صامتاً، أصوات الأجراس ورائحة البخور القوية النافذة، والتراتيل التي كان يطلقها بصوته الأجش الخوري الشاب ذو اللحية السوداء المشعثة، وخلفه ذلك الصبي الصغير الذي لا يتعب: «ما هذا يا منذر، كنت أظن المسلمين، نحن، هم المتخلفون، لا والله، أنتم الأرثوذكس لا ريب مازلتم تحيون في العصور الوسطى!؟«.

كالعادة، يظنني من يعرفونني معرفة محدودة ، وأحيانا من يعرفونني معرفة لا بأس بها، مسيحياً. ثم يصعقون حين أخبرهم، بأنه تم إيقافي على الحاجز العديد من المرات، بسبب تشابه اسمي محمد منذر مصري مع ما يزيد عن مائة، أو ربما ألف، أو ربما مليون، مواطن سوري يحملون اسم محمد مصري مطلوبين لأسباب أمنية..

8- بول مع الثلج

في ستينات وسبعينات القرن الماضي، خضعت اللاذقية لسيطرة طرفين اثنين، على اختلافهما، وتفاوت مكانتيهما، لا يعرفان الله ولا يخافان منه، و«اللي ما بيخاف الله خاف منه« يقولون اللوادقة. وهما حزب البعث العربي الاشتراكي، والسيد «علي زهر الفول« في اللاذقية. وبما أن سيطرة حزب البعث، وفرعه، في اللاذقية لا داعي لشرحها، فسيطرة «أبو عمر« الطيب عامل كهرباء المركز الثقافي العربي «أيضاً« تحتاج لبعض الشرح، ذلك أنه كان الخبير الوحيد في المدينة بتركيب المايكروفونات ومكبرات الصوت لاجتماعات مجلس المحافظة والمؤتمرات الحزبية والمهرجانات الثقافية والأدبية بأنواعها، ولا أنسى مرة في أحد عروض نادي السينما عن الحرب العالمية الثانية، وكان «أبو عمر« من يقوم بتشغيل آلة العرض، عندما طلبنا منه إبطاء سرعة العرض بسبب أن شخصيات الفيلم كانت تجري وتزعق طوال الوقت، لكنه أجاب بكل ثقة: «أن الألمان هم عصبيون هكذا«. وإضافة للمبالغ الضئيلة التي كان يتلقاها مقابل ذلك، كان، يجمع الزجاجات التي بقي في قعرها بعض الويسكي، شراب البعث المفضل. ويأخذها إلى بيته، حيث يطيب له، من حين لآخر شف كأس ويسكي صغير على العشاء. وذلك أمام النظرات الشزرة لأبنائه الثلاثة. إلا أنه ذات مساء، وبعد يوم متعب، قام أبو عمر وفتح البراد وصب كأساً من الويسكي مع الثلج، مستشعراً، منذ الشفة الأولى، ببعض الملوحة، بدل المرارة اللذيذة، إلا أن برودة السائل العسلي التي جعلته يتقبل الطعم الغريب ويكرع الكأس حتى آخره، لم تمنعه من فحص وتذوق ما كانت تحتويه الزجاجة التي صب منها، ليكتشف، بالطعم والرائحة، أنه لا ريب قد شرب لتوه من بول ابنه عمر، الذي كان قد أفرغ الزجاجات ووزع بوله عليها، والذي لم يكذب خبراً، وغدا فيما بعد مدرساً لمادة التربية الدينية..

9- كيف أنقذتني أمي وهي في ذمة الرحمن؟

في عام 1987 بعد انتهاء دورة ألعاب المتوسط في اللاذقية، وجد النظام السوري أنه الوقت المناسب للقيام بموجة اعتقالات واسعة لأعضاء تنظيم رابطة العمل الشيوعي المعارض. وأذكر أنني كنت في مكتبي أساعد محاسب بلدية القرداحة في إعداد خطة البلدية الاستثمارية، عندما استدعاني المدير لغرفته، ومن هناك، رفعوا كنزتي لتغطي وجهي وقادوني إلى حيث لا أدري، حيث لدهشتي سمعت وأنا على الأرض مكبل اليدين ومطمش العينين صوت أخي الأصغر يجيب: «رفعت شكيب مصري، مواليد 1962 الصليبة«، فإذ به قد اعتقل قبلي من مكتبتنا (فكر وفن). ولكن، ويا للحظ السعيد على غير عادته، كان رئيس فرع الأمن العسكري حينئذ، ابن خال أمي، أو لأقل بمثابة ابن خالها، ذلك أنه بعد وفاة أبيه انتقلت أمه لتحيا مع أطفالها في بيت أختها زوجة ابن خال أمي المساعد في الجيش، وكأن قد اعتاد وهو يتدرّج بالرتب في الأمن العسكري، أن يتردد إلى بيتنا حين يأتي للاذقية لزيارة أقاربه، فكانت أمي سيدة عائلة «روشن« بكل الاعتبارت، تدعوه للغداء أو العشاء عندنا. وكان رغم انقطاعه بعد وفاتها 1978 يكنّ لها الكثير من المودة والتقدير. وبعد أن وصل إلى معرفة خالي خالد أنني معتقل لديه، ذهب إليه في مكتبه وأخبره أنني، ابن المرحومة خالدية، من بين المعتقلين، وأنه بدون أدنى شك لا ناقة لي ولا جمل بأي شيء. فلم تستغرق ضيافتنا في قبو الفرع أكثر من أربعة أيام، قام خلالها قريبنا النافذ باستدعاء المعتقل الحمصي الذي أعطاهم اسمي، لمواجهته بي، فلم يتعرّف إلي، مما ادى إلى إطلاق سراحنا، وتجنيبنا المصير المجهول، بل المعلوم، لا بل المحتوم، الذي واجهه، ليس فقط رفاقنا المناضلون الثوريون الذين لم يتركوا اسماً يعرفونه إلاّ وذكروه خلال التحقيقات، وذلك، كما أشيع، بناء على تعليمات وجهت لهم من قيادتهم: «تكتّموا على أسماء الرفاق واذكروا أسماء الأصدقاء«، وذلك لتعظيم شأن الرابطة وتوريط أكبر عدد من الشباب فيها. وفي الحقيقة، لا يتوفر لدي أي إثبات على هذا الاتهام، سوى أنني سمعت الآخرين يذكرونه الكثير من المرات أمامي، وكما ترون حصل معي، كما حصل مع آخرين لم تتخطّ جرائمهم، أنهم تسلّموا منشوراً ما وقرأوه بدافع الفضول، أو أنهم جلسوا مرّة وشربوا شاياً مع أحد أعضاء التنظيم..

10- الأمور في ضمور والإسلام

في خطر

لا أدري إن كنت أنا من اخترع هذه العبارة: «الأمور في ضمور والإسلام في خطر«، التي كثيراً ما أستخدمها، ولو على سبيل المزاح، للتعبير عن أن الأمور لا تجري على أفضل حال. غير أنني بالتأكيد من حدثها وطورها حيث أضفت: (الأمور في ضمور والإسلام في خطر، تحت المطر، قال عمر)!؟. التي كنت أحرص أن أحيي بها كل يوم تقريباً وأنا أدخل غرفة زميلي في العمل، الذي صدف وكان مفكراً سورياً آخر، ماركسياً بدوره يدعى «بوعلي ياسين« صاحب الكتاب الشهير «الثالوث المحرم: الدين والجنس والصراع الطبقي«، ويكون كعادته جالساً وراء مكتبه بالقرب من السخانة الكهربائية، وتجلس قبالته زميلتنا المشتركة سميرة عوض، وقد سبقاني بالقيام بطقوس الشاي الصباحية، فأبدو وكأنني أهددها بتلك الجملة المخيفة!؟ عندها تقوم سميرة بتمرير كفها على صدرها صعوداً وهبوطاً، وهو تقول: «آخ يا شماتة قلبي«!؟ ويتبعها ياسين ويرد: «والله.. الاسلام ليس في خطر، بل هو الخطر«..

11- سبابة محمد شاكر عضيمة

عرف عن محمد شاكر عضيمة، صاحب «كنت مفتشاً بالسعودية«، مدير ثانوية جول جمال في الثمانينات، من بين الأمور التي عرفت عنه وهي ليست قليلة، جهره بعلمانيته وإلحاده. حتى نقل عنه قوله: «إذا الله موجود، فليمد رجله ويريني إياها«!؟ كما عرف بعنايته الفائقة بصحته وشعره المصبوغ والمدهون والمسرح دائماً على طريقة الممثل الأمريكي، بطل فيلم «ذهب مع الريح« كلارك غيبل. فمنه أحفظ هذه الاستعارة الشعرية: «غدرك شعرك«. وهو أيضاً من قال لي، عندما التقيته أثناء قيامه برياضته اليومية، بالسير السريع على الأقدام من الساعة الخامسة حتى السادسة مساء، إنه سيحيا لعمر 120 عاماً، إلا أن هذا، للأسف، لم يحصل، ومات صديق الأمير سيهانوك، كما روى لي يوماً، إثر إصابته بورم دماغي خبيث، وهو شاب لم يتجاوز الخامسة والسبعين. وكما لا يعرف في تاريخ مدينة اللاذقية، أنه تم رفض دفن المنتحرين أو الشيوعيين أو حتى من عرف عنهم مقارعة الخمر أو الشذوذ أو الإجرام، وفق الشريعة الإسلامية، فقد رفضت جمعية دفن الموتى القيام بذلك بسبب شهرته كملحد. إلاّ أن أبناءه وبعض الأقارب أقسموا إنهم رأوا أباهم، قبل أن يسلم الروح، يرفع سبابة يده اليمنى ثلاث مرات متتالية، متمتماً بآيات من الذكر الحكيم. فكان أن قبل أحد الشيوخ بهذا وتم غسله والصلاة عليه وتأبينه كبقية المسلمين الصالحين. ما دفعني لأن أهدد صديقاً لي، شغل يوماً أمين عام أحد الأحزاب الشيوعية المعارضة، وكان هو السبب في استدعائي لعدة فروع أمنية: والله والله.. سأربط كلتا سبابتيك بشريط لاصق، إذا خطر لك في آخر حياتك أن تتوب وتفعل مثله.

اللاذقية

المستقبل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى