صفحات العالم

شظايا الـ”سكود” ترتدّ على دور روسيا

 

ومقاطعة مؤتمر روما تصيب المعارضة

روزانا بومنصف

لزمت روسيا الصمت على اثر اطلاق النظام السوري صواريخ سكود الروسية الصنع في القصف على مدينة حلب بعد اقل من 48 ساعة من اتهامها الولايات المتحدة باعتماد معايير مزدوجة نتيجة رفض واشنطن الموافقة على صدور بيان ادانة عن مجلس الامن للتفجير الاخير في دمشق. فيما سارعت واشنطن الى ادانة قصف النظام حلب بصواريخ سكود مستخدمة تعابير قاسية في وصف هذا القصف. وتزامن ذلك مع بيان للائتلاف السوري المعارض اثر اجتماعات في القاهرة اعلن فيه تعليق مشاركته في اي زيارات او اتصالات مقررة مع الخارج احتجاجا على صمت العالم على “الجرائم” التي يرتكبها النظام في حق شعبه، علما ان على جدول اعمال الائتلاف زيارة قريبة لموسكو متوقعة في مطلع آذار استنادا الى محاولة روسيا رعاية حوار بين النظام والمعارضة في ضوء زيارة يقوم بها وزير الخارجية وليد المعلم لموسكو الاسبوع الطالع واخرى لواشنطن ومشاركة في اجتماع لاصدقاء سوريا في روما في 28 الجاري حيث تلتقي خلاله المعارضة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي يزور ايطاليا ويشارك في الاجتماع من ضمن جولة له في اوروبا والشرق الاوسط تتناول الوضع السوري في شكل اساسي. ويحرج اطلاق صواريخ سكود وما تسفر عنه من قتلى بالعشرات روسيا التي تعتبر نفسها مؤهلة للعب دور في سوريا خصوصا انها لا تزال ترسل اسلحة الى النظام السوري بذريعة انها تفي بعقود سابقة بينها وبين النظام فضلا عن ان الاسلحة التي ترسلها هي اسلحة دفاعية وليست هجومية، في حين تأتي الوقائع اليومية السورية لتدحض كل الحجج الروسية علما انها ليست المرة الاولى التي يستخدم فيها النظام صواريخ سكود الروسية، لكن موسكو تعتبر انها حققت خطوات على طريق فرض نفسها لاعبا مؤثرا في الازمة السورية وتملك الاوراق اللازمة لذلك.

وبحسب مراقبين متابعين للوضع في سوريا، فان توقيت استخدام النظام صواريخ سكود بدا في توقيت يثير التساؤل. اذ ان هناك حربا جارية في المدن السورية، واللجوء الى صواريخ روسية الصنع معروفة بقوتها التدميرية وسقوط قتلى بالعشرات عشية توجه المعلم الى موسكو قد لا يكون بريئا في اهدافه. اذ هو يساهم في وضع روسيا في موقف حرج جدا في الوقت الذي تبدو الاخيرة متحمسة للعب دور الراعي لحوار ثنائي بين النظام والمعارضة حيث لا يستطيع النظام القول بانه يرفض الحوار ولراعيته روسيا بالذات التي اثنت على مبادرة معاذ الخطيب التي ازاحت من الواجهة مبادرة الرئيس السوري وعطلتها فيما النظام يرغب في رمي التبعة على خصومه في رفض الحوار وتعطيل المبادرات. واستخدام النظام صواريخ سكود هو الذريعة التي اعتمدتها المعارضة من اجل تعليق زيارة العاصمة الروسية التي حملها بيان الائتلاف السوري الذي يحتج على الصمت الدولي على استمرار القتل في سوريا “مسؤولية خاصة اخلاقية وسياسية لكونها لا تزال تدعم النظام بالسلاح”. ذلك علما ان معطيات تحدثت عن جملة اعتبارات وراء قرار المعارضة وليس فقط استمرار الصمت الدولي على ما يجري في سوريا. اذ هناك الضغط من اجل الحصول على مواقف دولية اكثر حزما والعمل على مساعدة المعارضة السورية من خلال خروج الدول الكبرى عن ترددها. وهناك ايضا خلافات داخل المعارضة حول مبادرة رئيس الائتلاف معاذ الخطيب بالحوار مع شخصيات من النظام لم تتلوث ايديها بالدماء والتي فاجأت اعضاء الائتلاف وظلت تتفاعل داخله على وقع الاقتناع الكلي بان النظام لن يحاور اطلاقا وهو يستفيد من موقف المعارضة لتوظيفه ضدها على ما افاد الموفد الاممي الى سوريا الاخضر الابرهيمي في موقف له قبل ايام. يضاف الى ذلك اختلافات حول الدور الذي تستعد موسكو للعبه في هذا الاطار وهي لا تزال على موقفها المستمر بدعم النظام وتوفير الاسلحة له. والتطورات الاخيرة وفرت المجال لقطع الطريق امام زيارة الخطيب لموسكو وعدم استكمالها وتاليا على المبادرة للحوار كما سلطت الضوء ايضا على دور سلبي لروسيا يتخطى الدور الايجابي الذي تستعد للعبه في الوقت الذي تجهد موسكو لنفي عدم حيادها ودعمها للنظام.

ويعتقد المراقبون انه في الوقت الذي تبدو زيارة رئيس الائتلاف لكل من موسكو وواشنطن لاحقا معلقة حتى اشعار اخر على الاقل تحت وطأة الموقف الذي اتخذه الائتلاف، فان تعليق المشاركة في اجتماع اصدقاء سوريا في روما لن يصب في الاطار الصحيح بالنسبة اليها او الى الشعب السوري وفق ما يقول هؤلاء. وهو الامر الذي تعرفه المعارضة وقد يضطرها الى مراجعة موقفها خصوصا اذا اثمر موقفها ردود فعل مناسبة. اذ سارعت بريطانيا مثلا الى تلقف الموقف لمعالجة ذلك ولتقديم مخرج للمعارضة التي لا يقع في مصلحتها مقاطعة الدول الداعمة لها ولو ان هذه مترددة ولا تقدم خيارات حاسمة، وذلك من خلال اعلان وزارة الخارجية البريطانية انها “تعد عرضا جديدا لدعم الائتلاف” ستقدمه في روما مشجعة الائتلاف على اعادة النظر في قراره تعليق مشاركته ومصرة على ان “الوقت ليس للانسحاب”. كما سارعت واشنطن الى ادانة استخدام النظام صواريخ سكود في اطار “حربه على شعبه” لكن من دون ان تبدي رد فعل على موقف الائتلاف ودعت المعارضة الى الحوار. لكن الايام المقبلة الفاصلة عن موعد الاجتماع قد تساعد اكثر على بلورة الاتجاهات في هذا الاطار.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى