صفحات الحوار

صبرا لـ”النهار”: لا مشاركة مع “التنسيق” ■ مناع: 12 يوماً لحل الأحجية

ولادة وفد المعارضة السورية إلى “جنيف – 2” تعاني مخاضاً عسيراً

رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” بالانابة جورج صبرا.

تواجه عملية تأليف وفد المعارضة السورية الى مؤتمر”جنيف – 2″ الموعود مخاضاً عسيراً يزيد الغموض الذي يكتنف جدول أعمال المؤتمر والمشاركين فيه، حتى أنها تهدد بتقويض فرص نجاحه كما صدقية من يفترض أن يكونوا بديلا لنظام بشار الاسد.

ليست النداءات الملحة التي وجهها وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف الى المعارضة السورية لدعم المساعي المبذولة لعقد المؤتمر الدولي الرامي الى البحث في حل سياسي للأزمة السورية، الا انعكاساً للمشاكل التي يواجهها الجانبان منذ قررا أخذ الامور على عاتقهما.

بدا واضحا أن واشنطن وموسكو اتفقتا على تقاسم الادوار. وقد عكست الحركة الديبلوماسية المكثفة للاميركيين لدى المعارضة السورية واللقاءات، المعلنة منها وغير المعلنة، للسفير الاميركي في دمشق روبرت فورد مع شخصيات من المعارضة السورية في تركيا بينهم رئيس “المجلس الوطني السوري” جورج صبرا ورئيس هيئة أركان “الجيش السوري الحر” اللواء سليم ادريس، الى لقاءاته في واشنطن مع السفيرين الفرنسي اريك شوفالييه والبريطاني جون ويلكس، المساعي التي تبذلها الادارة الاميركية لدى المعارضة. وقد نجحت الجهود الاميركية على الأقل في اقناع “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” بالمشاركة في المؤتمر، بعد الاصوات التي عادت ترتفع منذ السابع من ايار رافضة الجلوس الى طاولة واحدة مع اركان النظام. ومع ذلك، لا تزال التجاذبات مستمرة في شأن شكل الوفد وتركيبته. وفيما كان بديهيا أن تتولى موسكو التنسيق مع النظام، يبدو أنها تنزل بثقلها ايضا للتأثير في تشكيلة وفد المعارضة.

ويستعيد مصدر مطلع على التحضيرات للمؤتمر، الدرب الشاقة التي تسلكها مفاوضات تأليف الوفد المعارض، قائلا إن الاميركيين بدوا مصممين منذ البداية على انجاح المؤتمر، وقدموا خيارين للائتلاف، هما إما الموافقة وإما الموافقة بشروط. وقد انطلقوا من فكرة أن الائتلاف هو ممثل المعارضة، فاما أن يمثلها باسمه فقط وإما أن يضم اليه جماعة ميشال كيلو. لكن هذا السيناريو سرعان ما سقط لاعتبارات عملية ومبدئية.

ويشرح المصدر أن الاطياف الاخرى للمعارضة السورية، ومنها “هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي” رفضت الذهاب الى المؤتمر تحت مظلة الائتلاف واقترحت تأليف وفد مشترك من الائتلاف والهيئة و احزاب اخرى، وذلك تحت اسم “سوريا الوطن والمواطن” مثلا، أو المشاركة بوفدين منفصلين.وعزز موقفها تأييدها الثابت لـ”وثيقة جنيف – 1″، ومبادرتها الى الموافقة على المشاركة في “جنيف – 2”. ولا يستبعد أن تكون الخلافات داخل الائتلاف نفسه أتاحت لهيئة التنسيق فرض نفسها على المهندسين الاميركيين للوفد.

ويضيف إن الاميركيين الحرصاء على زيادة فرص نجاح المؤتمر، يخشون تكرار تجربة مدريد وأوسلو، “فاذا استبعدت هيئة التنسيق وأحزاب صغيرة أقل تمثيلا قد تمضي هذه وحدها في التفاوض مع النظام، ويمكنها تعزيز موقفها بالاستعانة بدول البريكس لحشد دعم دولي”.

وقبل هذا السيناريو وذاك، يقول المصدر إن الاميركيين طرحوا بداية فكرة تأليف وفد عسكري الى المؤتمر برئاسة رئيس هيئة أركان “الجيش السوري الحر” اللواء سليم ادريس،وحاولوا اقناع جميع أطياف المعارضة بتوطيد علاقتهم به، قبل أن يعودوا ويصرفوا النظر عن الفكرة.

قبل أيام من اجتماع الائتلاف في اسطنبول الخميس المقبل والذي يفترض أن يسمي فيه وفده الى “جنيف – 2″، يفيد المصدر أن ثمة مساعي حاليا لعقد اجتماع بعيدا من الاضواء بين كوادر من الائتلاف وهيئة التنسيق وآخرين من أجل العمل على تأليف وفد مشترك وبرنامج مشترك للمؤتمر. فوقت يبدو الاميركيون مقتنعين بفكرة الوفد المشترك، لا تزال قطر مثلاً القلقة من اضعاف تأثيرها في العملية السياسية بعد جنيف تدعم الوفد “الائتلافي” الصرف، وهي تحاول فرض مصطفى الصباغ، المقرب منها، في عضويته.

كذلك تميل فرنسا الى وفد من الائتلاف، وثمة تقارير تحدثت عن ترشيحها الرئيس السابق لـ”المجلس الوطني السوري” برهان غليون لرئاسته.

صبرا

إزاء هذه الميول المتضاربة، سألت “النهار” كلاً من الائتلاف “وهيئة التنسيق عن السيناريوات المفترضة لمشاركة المعارضة السورية في “جنيف – 2”.

بمعايير رئيس الائتلاف الوطني بالوكالة جورج صبرا، لا خلاف على من يمثل المعارضة في المؤتمر الموعود، فوفدها هو وفد “الائتلاف الحاصل على مقعد سوريا في جامعة الدول العربية واعتراف الجامعة والجمعية العمومية للامم المتحدة”. باختصار، الامر محسوم بالنسبة اليه: “الوفد المشترك مع هيئة التنسيق مرفوض ونحن غير معنيين به”. في رأيه إن “مشاركة هيئة التنسيق هي رغبة روسية ذات أهداف سياسية معروفة،وليسألوا الجميع في الداخل السوري من هو الممثل الحقيقي للمعارضة”. ولم يفاجئه السؤال عن فكرة وفد عسكري مفترض، الا أنه أكد أن علاقة الائتلاف بهيئة الاركان واللواء سليم ادريس وطيدة ولا تسمح بأي شكل بأن يدخل طرفا ضد الائتلاف.

الى ذلك، يرفض صبرا اعتبار المحادثات الجارية حاليا تراجعاً عن رفض الائتلاف التفاوض مع النظام “فحتى الان لم نقرر التفاوض، وما نبحث فيه حالياً هو المشاركة في المؤتمر ونواصل المشاورات مع الدول الغربية، اضافة الى قطر والسعودية وتركيا، لاستكشاف المناخات المرتقبة تمهيدا لتسمية الوفد في المؤتمر المقرر عقده في اسطنبول الخميس المقبل”. أما حظوظ نجاح “جنيف – 2” فهي في رأيه قليلة جدا “وليس لدينا ما يمكّننا من التفاؤل”، لافتا الى أنه “حتى الآن، لا جدول أعمال واضحاً للمؤتمر ولا قائمة واضحة بالمشاركين فيه، كما أن هناك تباينا بين الروس والدول الاخرى في شأن مشاركة المعارضة”. وحذر من أنه “إذا لم تتلق المعارضة ما يكفي من الدعم والضمانات الحقيقية التي تبدل ميزان القوى وتمهد لخطة سياسية تنقلنا من نظام الاستبداد، سيكون المؤتمر مثله مثل المبادرات السياسية السابقة”.

وخلافاً للاعتقاد السائد حاليا، لا يرى صبرا توافقاً كبيرا بين الاميركيين والروس على سوريا. ويقول إن “رزمة المصالح الدولية كبيرة بين الدولتين لكن الفارق لا يزال كبيرا بين الموقف الروسي الداعم للنظام السوري، والموقف الاميركي الذي يسجل تقدما في اتجاه المعارضة وإن يكن ليس بالمستوى المطلوب بعد”.وعن قطر والسعودية، يقول إنهما لا تزالان “السند الاساسي للثورة السورية وأقولها بشفافية يقدمون ارادتنا على كل شيء”. وينوه خصوصا بموقف السعودية من المعارضة.

ومع ذلك، لا ينفي مواجهة “الائتلاف الضغوط والمرغِّبات طوال سنتين من أكثر من جهة وعلى أكثر من صعيد”، الا أنه يؤكد أن “قرارنا كان يلامس دائما مصالح شعبنا”.

مناع

أما هيئة التنسيق، فتعتبر نفسها شريكاً أساسياً في “جنيف – 2”. ويقول رئيسها في المهجر هيثم مناع: “عندما أُبلغت الهيئة من الطرفين الروسي والاميركي الخطوط الاساسية لمشروع المؤتمر وطلب منها أن تؤيد هذا التوجه باعتباره يوفر على سوريا الدمار ومزيدا من التمزق والعنف، كان جوابنا أننا دعونا منذ آب 2012 الى مؤتمر كهذا”. لكنه لم يقلل شأن الخلافات التي لا تزال تعترض طريق تأليف وفد المعارضة، قائلا: “أمامنا حتى نهاية الشهر لحلّ الاحجية المتعلقة بالمعارضة، وإذا لم نحلها خلال 12 يوماً لتحضير خطاب سياسي قوي، من المؤكد أن النصر السياسي سيكون للنظام”. ويبدي انفتاح الهيئة على الحوار مع الائتلاف، موضحا أنه أجريت اتصالات أولية مع بعض الاعضاء الذين وافقوا على المؤتمر والحل السياسي والتفاوضي “ولن نترك العالم يردد علينا عبارة تجتمعون بالجميع الا بعضكم بالبعض”.

ومناع لا ينتظر حل الخلاف على مسألة الوفد ليضع تصوره لمؤتمر “جنيف – 2” والمرحلة المقبلة، ويقول: “لن نقبل باستمرار العمل بدستور بشار الاسد خلال الفترة الانتقالية، ويجب وضع خطة عملية قابلة للتحقق وتصور لكيفية تحقيق ذلك”. ويصر على أن يكون المؤتمر عملية اجرائية، أي اجتماعات مفتوحة تركز على مناقشة البدائل، بدءا باتفاقات محلية تشمل مسائل جوهرية منها وقف النار واطلاق معتقلين وايصال المساعدات الى السوريين وضمان الحريات”.

هيتو

والى البند الطارئ على جدول أعمال مؤتمر الائتلاف في اسطنبول الخميس المقبل والمتمثل في البحث في الوفد الى “جنيف – 2″، كان مفترضا أن يعرض رئيس الحكومة الموقتة غسان هيتو خلاله تشكيلته المؤجلة ويضعها أمام اختبار الثقة، وفي حال سقوطها يكلف شخص آخر المهمة، على ما قال صبرا، ولكن بعد النداءات المتزايدة له الى التنحي، يبدو أن ثمة توجها الى اختيار رئيس حكومة توافقي بدل هيتو يحظى بتأييد جميع القوى في الداخل والخارج.

كذلك يتوقع أن يقر الائتلاف ضم أعضاء جدد الى صفوفه، بينهم عدد من السيدات والتنظيمات الثورية و”المجلس الوطني الكردي” الذي سبق له أن انسحب من الائتلاف، اضافة الى عدد من الشخصيات التي انضمت الى “اتحاد الديموقراطيين السوريين” الذي انطلق أخيرا في القاهرة في حضور نحو 250 شخصية سورية، بينها ميشال كيلو وعمار القربي وفايز سارة وكمال اللبواني.

“تحجيم “الإخوان”

يبدو واضحا أن اعادة ترتيب البيت الداخلي للائتلاف تندرج في ما بات يعرف بمحاولات تحجيم نفوذ “الاخوان المسلمين” والتيار الاسلامي عموماً فيه. ومع ذلك، يقول صبرا إن “الثورة بحاجة الى جميع مكونات الشعب السوري، والتيار الاسلامي في القلب وفي صميم المجتمع ولكن من غير أن نهمل القوى الاخرى”.

في ظل الارباك الذي يسود صفوف المعارضات السورية، يرسم الباحث في معهد “كارنيغي الشرق الاوسط” يزيد الصايغ صورة متشائمة لمستقبل الائتلاف كما لحظوظ “جنيف – 2”. ويقول إن “تمثيل المعارضة بوفد واحد موحد في اطار مؤتمر دولي قد يكون مصيريا، يبدو بالغ الصعوبة”، ويحذر من أن “الائتلاف عند مفترق طرق حقيقي، وإذا لم يحضر بقوة بوفد رزين قد يتخلى عنه أصدقاء سوريا”. وإذ يشكك أصلاً في امكان عقد “جنيف – 2” في موعده المفترض في حزيران، يلاحظ “انه حتى لو عقد فان فرص نجاحه ضئيلة في ظل غياب معطيات حقيقية للخروج من مأزق بهذا الحجم”.

موناليزا فريحة

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى