صفحات المستقبل

صديقي ……. أرجوك اركب معنا


رغم أن صديقي ليس من فئة أولئك المستفيدين من النظام ولا بأي شكل من الأشكال، إلا أنه اختار ومنذ بداية الثورة أن يكون في طرف السلطة، اختار ذلك عن قناعة لا أكثر.

أعرفه منذ عدة سنوات، نحن أصدقاء كما يقال حتى النخاع، يشاركني وأشاركه كل تفاصيل حياته، وأكاد أكون صديقه الأوحد، زوجته تغار مني لشدة حبه لي، يثق بي ثقة عمياء، ويأخذ برأيي في كثير من الأمور مخالفاً بذلك رأي الأغلبية، لديه موهبة فريدة في قراءة ما بين السطور وفراسة وحدس عاليين.

 لكن لا أدري ما الذي أصابه مؤخراً، لقد أرهقني برسائله المؤيدة للنظام، مقالات يقتطفها من هنا وهناك، أخبار من فئة المؤامرات الكونية على سورية، يجاهر بقوله بالوقوف خلف القيادة الحكيمة للقائد (المفدى) بشار الأسد رغم أنه كان شديد الانتقاد للوضع العام في سوريا قبل الثورة، لم أجب أياً من هذه الرسائل، وكثيرا ما أهملت قراءة المحتوى بمجرد قراءة العنوان.

 أذكر مرة أنه أرسل لي ما قال أنه تحريف متعمد من قبل الجزيرة لخطاب أردوغان الأول إبان الأزمة، وأرسل لي النص الصريح للترجمة متمسكا بذلك بحبه لأردوغان، وأن مثل هذا الكلام لا يصدر عنه، فهو صديق النظام، ثم لما تبين له موقف أردوغان الصريح بات يهاجم أردوغان بنفسه، كنت أظن أنه مع مرور الوقت سيعرف الحق من تلقاء نفسه، لكن ظني بقدرته على رؤية الحق قد خاب.

كان يسألني كثيرا عن رأي في الثورة، وكنت أجيبه بصيغة عامة يفهم منها أني معه، لكني كنت أقصد أني مع جهة الحق، هو كان يفهم أن جهة الحق هذه هي جهة النظام، في حين أني كنت أعني بذلك جهة الثورة.

مؤخراً بات يرهقني وأشعر أني بحاجة لأبوح له بسري العظيم، أني مندس للعظم، ومنذ اليوم الأول للثورة، لكن ما يحول بين وبين ذلك أني حتى اللحظة أخاف على مشاعره، أعلم أنه سيصدم بصديقه الأوحد، وهو رجل يعاني من الأمراض ما يعاني، أخاف بكل معنى الكلمة أن صدمته بي (من وجهة نظره) ستسبب له مشكلة صحية، لا أزال أحبه وسأبقى أحبه وأحترمه على الرغم من وقوفنا على وجهي نقيض إزاء الثورة.

منذ عدة أيام أرسل مقالة لكاتب عربي يقف فيها في صف النظام، أرسلها للعديد من رفاقه وأقربائه ولصديقه الأوحد، كان يريد أن يقول لنا انظروا إلى هذا الكاتب العربي كيف يقف إلى جانب النظام رغم أنه ليس طرف فاعل في المشكلة، يريد أن يقنعنا أن هناك من العرب من يرى الأمور كما يراها هو ونظامه. كعادتي لم أجبه، لكن أحد أقربائه أجابه يفند له كل ما جاء في المقال ويضع له النقاط على الحروف إزاء الأزمة بالعموم، لقد كانت صدمته بقريبه واضحة، وكادت تصل إلى حد القطيعة، لكن بعد عدة مكاتبات بينهما أرسل لي كل ماجاء في تلك المكاتبات وطلب مني أن أعطي رأيي في ذلك بحياد.

رغم أنه استخدم في طلبه كلمة ( حياد ) إلا أنه يتوقع وبنسبة مئة في المئة أني في صفه، هكذا ظنه، إلا أنه لا يعرف أن صدمته ستكون مضاعفة بقريبه أولا وبصديقه الأوحد ثانيا إن كتبت له رأيي في الموضوع.

حتى اللحظة لم أكتب له جوابي، لكني سأفعل

لقد تحملت منك يا صديقي رسائل تشبيح على مدى التسعة أشهر الماضية، آن لك الآن أن تستلم مني رسالة واحدة تعرف فيها من أنت ومن أنا، آن لك أن تعرف أن لوني المفضل هو الأخضر في حين جعل نظامك اللون الأحمر أحب الألون إليك ولأقرانك، وجعي أني في المهجر، ولا أدري إن كان لون دمي الأحمر سيغير وجهة نظرك فيما لوكنت في ميدان الثورة وعلمت أن شبيحتك أسالوا دمي.

لقد قال قريبك قولة حق لا تشوبها شائبة، أوافقه في كل ماقال وأخالفك في كل ما قلت، صديقي لا تغضب مني، فكما تحملتك تسعة أشهر، أرجو أن يتسع صدرك لعدة سطور

أنا مندس، نعم أنا مندس، ولي في ذلك موضع عز وفخر

أحبك منذ عدة سنوات، لكني حبي لحمزة وهاجر أكبر

يؤلمني عشقك لياسمين دمشق الذي لا يزهر إلا في الربيع

في حين أن أزهار حمص تزهر كل ساعة بلون أحمر

تظن أن نظامك صامد وهو الأقوى والأصمد والأقدر

يفجعني كيف نسيت أن الله أعلى وأبقى وأكبر

صديقي سفينتنا باتت جاهزة، وسنبحر قريباً  إلى شاطئ الحرية الأخضر

 صديقي أرجوك اركب معنا ولا تكن مع المنحبكجيين……….. صدقني لا عاصم لنظامك من طوفان الثورة، هذا أمر ليس منه مفر…..

صدقني أن يوم الحسم بات قريب وستلتقي دعوة الأرض مع إجابة السماء ويأتي أمر الله بالنصر……

صديقي لن أملك أن أقول لك يومها إلا  كما سيقول كل أخوتي المندسين لك ولأخوتك المنحبكجية، سنقول لكم قولة يوسف لأخوته :

 لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين

صديقك المخلص والداعي لك برؤية الحق

منداسيوس

http://the-syrian.com/archives/53928

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى