صفحات مميزةوليد بركسية

صفحات سوريّة محجوبة: وليد بركسية

 

وليد بركسية

النافذة الواسعة التي فتحها الإنترنت منذ مطلع الألفية الجديدة، أطل منها المواطن العربي رأسه خارج الأسوار التقليدية التي فرضتها عليه السلطات الرسمية من المحيط إلى الخليج، ليصبح المتنفس الأول لحرية التعبير بما يوفره من إمكانيات هائلة للأفراد وتحديداً للمثقفين على صعيد النشر والخروج من عباءة الرقابة الرسمية.

 ولا يختلف الوضع في سوريا عن هذا الإطار، إذ انتشرت المواقع والمدونات السورية على الشبكة العالمية ملقية الضوء على تفاصيل خفية في الحياة المعاصرة هناك. وأعطت هذه المواقع الفرصة للكشف عن تنوع لطالما نمطته وأخفته أجندات الإعلام الرسمي.

 ضمن هذه الرؤية، تطور موقع “صفحات سورية” للشاعر والصحافي حسين الشيخ من مدونة شخصية ذات أرقام متابعة عالية عام 2003، إلى مشروع طموح يقوم على فكرة جمع مختارات ثقافية وسياسية تدور في فلك سوريا، مطالبة بالتعددية الفكرية والحريات المدنية.

 مع الثورة السورية تحول الموقع إلى قاعدة بيانات ضخمة تجمع معظم ما له علاقة بالإنتفاضة الشعبية في البلاد، مع محافظة الموقع على خصائصه العامة متمثلة بالتركيز على المقالات إلى جانب الأخبار اليومية التي باتت ضرورة ملحة يفرضها الواقع الدامي.

 يطرح “صفحات سورية” بصورته الراهنة كماً كبيراً من التعددية الفكرية دون قيود أيديولوجية مسبقة، مع التزام واضح بنهج الثورة السورية، وهنا لا بد من الإشارة إلى مستوى المتقدم الذي يحمله الموقع على مستوى الاختيارات نفسها، فنرى مقالات لكتاب ومفكرين سوريين وعرب على أعلى المستويات مع تجنب كل ما له علاقة بأسلوب الشتائم الرخيص أو الانفعالية، كما يفتح الموقع أبوابه للكتاب الشباب بغرض تشجيعهم ودفع حركة الإنتاج الفكري وتحويل الموقع إلى مرجعية ثقافية لكل المهتمين بالشأن السوري.

 يشير مؤسس الصفحات حسين الشيخ لـ”المدن”، إلى أن “ميزة موقعه الأساسية هي ابتعاده عن التمويل ما يتركه بمعزل عن الضغوط والتوجيهات المختلفة، فيما يمثل نشر الثقافة الديمقراطية هدفه الأسمى”. وتضم أسرة الموقع مجموعة من المثقفين السوريين من الروائي السوري رفيق الشامي، الكاتب عزيز تبسي، إضافة الى الكتاب عبد السلام اسماعيل، سمير سلمان وطريف الخياط.

 ويوثق الموقع مقالات ونتاجات المعارضيين السوريين كهيثم مناع، هيثم المالح، برهان غليون، وميشيل كيلو وغيرهم .. وذلك لتأسيس قاعدة فكرية تشكل أساس الانتفاضة في سوريا. ولا يشكل تعدد الاتجاهات حجر عثرة في ذلك، بل على العكس يبدو الموقع كصالون حواري كبير يجمع الرؤى المتعددة في مكان واحد.

 وعن آلية عمل صفحات سورية يلفت الشيخ إلى “أن الموقع ينشط بشكل يومي على صعيد التغطية الإخبارية، فيجمع معلوماته من متابعة دقيقة لحوالي 80 موقعاً متخصصاً، ويجري تحريرها وفق سياسة الموقع العامة، أما على صعيد المقالات فيصدر الموقع أربع نسخ شهرية صباح كل اثنين، تضم كل نسخة كمية كبيرة مما تناوله أبرز كتاب الصحف ووسائل الإعلام العربية والعالمية إلى جوار مقالات مميزة للمغمورين في المدونات والإعلام التقليدي، مقدمة لرواد الموقع وجبة فكرية دسمة مثيرة للاهتمام، متنوعة بين الثقافة والسياسة والاقتصاد والرأي العميق والحالات الإشكالية”.

وفي السياق، أطلق الموقع تجربة غير مسبوقة على صعيد نبذ الديكتاتورية الفردية المحتكرة لرئاسة التحرير، فتعطى مسؤولية المنصب كل شهر إلى رئيس تحرير شاب يطلق عليه اسم رئيس التحرير الزائر، يتولى مسؤولية اختيار المواد الصالحة للنشر وتحديد تراتبيتها وفق الأهمية، مع ضرورة نشره أربع مقالات افتتاحية تتصدر الموقع كل أسبوع، وهي تجربة مميزة حقاً وتدل على نضوج عال في التعاطي الإعلامي والتنوع المنشود في إعلام المستقبل.

 كما  أطلق الموقع مبادرات مثيرة للاهتمام في مجالات متعددة بتخصيص أعداد كاملة منه لمحاور معينة كالطائفية والشباب والأدب، ومن أبرزها على الإطلاق العدد الصادر بتاريخ 31 كانون الأول 2012 الذي قدم تحية للمرأة السورية بنشر مقالات لأقلام نسائية فقط، باعتبار  المرأة هي الحاضن الأساسي للحياة والثورة والحب في أي مكان.

 ويوضح الشيخ أن “الموقع تعرض لمحاولات قرصنة عديدة ارتكبها النظام السوري مما تسبب في ضياع قسم من نتاجات الموقع”. وعلى الرغم من أن “صفحات سورية” محجوب في البلاد، إلا أنه يتربع على المرتبة 18 في قائمة المواقع الأكثر متابعة في الداخل السوري حسب تصنيف أليكسا الشهير التابع لـ”غوغل”.

موقع المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى