صفحات سوريةمحمد علي الأتاسي

عبد الرزاق عيد وطواحين هوائه.

 


محمد علي الأتاسي

رب ضارة نافعة. هذا أفضل ما يمكن أن يقوله المرء بعد أن ينتهي من قراءة التعليق الناري الذي كتبه عبد الرزاق عيد ردا على تحفظات الدكتور برهان غليون على مؤتمر المعارضة في مدينة أنطاليا في تركيا.

نعم رب ضارة نافعة، لأن هذا الرد يكشف بما لا يدع مجالا للشك، أي عقلية وأي منطق يتحكم ببعض من يتنطح لقيادة المعارضة السورية في الخارج. لا أريد أن أدخل في سجالات لا طائل لها، ولا أريد أن أكشف حقيقة رأي بعض وجوه المعارضة في الداخل من أمثال رياض الترك   بعبد الرزاق عيد وخطابه وممارساته وكيفية وصوله لتراس إعلان دمشق في الخارج.

نعم رب ضارة نافعة، لأنه أمام هذا الخطاب التخويني الخطير، من غير المقبول ومن غير المعقول أن تتأخر بعد اليوم خطوة طال إنتظارها وهي قرار عزل عبد الرزاق عيد عن النطق بإسم إعلان دمشق في الخارج.

نعم رب ضارة نافعة، لأن  على المشاركين بمؤتمر أنطاليا، بعد أن أرتضوا أن يشاركوا في هكذا مؤتمر، أن يبذلوا كل ما في وسعهم لعزل هذا الخطاب وأبعاد عبد الرزاق عيد عن أي هيئة قيادية حتى لا يرتبط مثل هكذا خطاب مع الثورة السورية لا من قريب ولا من بعيد.

إن في فمي ماء، ولكنني سأكتفي بهذا القدر وعلى من يحب أن يطلع على نص عبد الرزاق عيد فإنه يستطيع أن يقرأه في نهاية الصفحة. وإستباقا لأي هجوم ناري جديد أحب أن اقول أن عبد الرزاق عيد سبق له أن إتصل بي وداعني للمشاركة بالمؤتمر وبأن أن أكون عضو في اللجنة التحضيرية ولكنني رفضت، ليس فقط  لإيماني بأن اي تحرك في الخارج يجب ان يكون منبعه واساسه وغطاؤه نابع من الداخل، ولكن لأنني كصحافي وكمثقف لا رغبة لدي باي شكل من الأشكال في المشاركة باي عمل سياسي تنظيمي. ومع ذلك فإنني لن أتخلى عن ممارسة فعل النقد وخصوصا بحق المعارضة التي هي بأمس الحاجة إليه اليوم قبل غدا،

هنا رد عبد الرزاق عيد على برهان غليون:

منذ هذا الصباح والتساؤلات تثار حول الحملة الشعواء التي يشنها برهان غليون على المعارضة السورية، وعلى مؤتمرها في مدينة انطاليا التركية، بعد نجاحها في التوصل إلى صيغة توافقية حول برنامج الحد الأدنى لتتوافق الوطني بين كافة التيارات الفكرية والسياسية (الليبرالية –القومية -اليسارية –الإسلامية والعلمانية)، وذلك تحت ضغط الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه حمامات الدم التي يعيشها شعبنا الأعزل في مواجهة النظام الفاشي البربري المافيوي (الأسدي) ..لإرسال رسالة للأهل في الداخل في أننا وراءكم موحدون تحت راية معركتكم العظيمة في سبيل الحرية والكرامة دون أي تنازل عن سقف شعاركم الذي مهرتموه بدمائكم الطاهرة، وهو شعر “لا حوار مع القتلة الملوثي الأيدي بدماء السوريين”، شعار (الشعب يريد إسقاط النظام).

النقلة الجديدة في حملة غليون هو تبنيه للخطاب الأمني السوري بتخوين المعارضة، حيث يصف المؤتمر (بأنه يخدم أجندات أجنبية)، وذلك ليمهد لنفسه الطريق للحوار وتقسيم الغنائم، حيث عرض منذ فترة في أحد مقالاته على بشار الأسد وزارتي (الدفاع والخارجية ) !!

كنا نفهم الخلاف السياسي بيننا وبين غليون في كوننا دعاة (إسقاط النظام) وهو والذين يكلفونه (داخليا وخارجيا) دعاة الحوار مع النظام مراهنة على إصلاحه، وتلك هي الأطروحة (الأجنبية) بامتياز حتى الآن !!!!

من المؤسف أن يسمح غليون لنفسه أن تهبط إلى هذا الدرك المسف من اللغة التخوينية المنحطة التي هي لغة المخابرات السورية التي أدخلت عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري السجون والمعتقلات عبر عقود المرحلة الأسدية من الأب إلى الابن .

من المؤسف أن ينحط خطاب غليون إلى هذا المستوى ممن يفترض أنه أكاديمي، بل الذي لا ينسى ولا للحظة أن يذكر الجميع بموقعه الوظيفي الجامعي في السوربون، مما جعل الكثيرين يقرؤون أن الحاح الرجل على هذا الموقع يوميء إلى دلالة مضمرة تعبر عن نفسها في صيغة استشعار أن هذا الموقع هو أهم ما يملك الرجل من كفاءات ومواهب … بل يذهب مفكر تونسي كالعفيف الأخضر ليعتبر أن هذا الموقع ذاته هو ثمرة قرار أجنبي، أو يخدم أجندات أجنبية على حد وصف غليون لمؤتمر يحضره المئات من أبناء وطنه السوريين الذين سبق للكثيرين منهم أن اتهمتهم المخابرات السورية ولاحقتهم بالتهمة ذاتها : إضعاف الشعور القومي أو التعاون مع الأجنبي !!!! والغريب أن يأتي هذا التخوين من رجل قضى ثلثي عمره في بلد أجنبي وهو يحمل جواز سفرها ويزور وطنه بهذا الجواز الأجنبي !!!

بل والأغرب أن الرجل الذي قضى كل هذا العمر في بلد كفرنسا تجاوزت عقيدة التكفير، التي هي الوجه الآخر للتخوين منذ قرون، وهو لم يستطع أن يغادر ساحة المعتقدية الشمولية (القوموية البعثية الصدامية منها والأسدية) التي تعتبر كل من يختلف معها خائنا يخدم أجندات أجنبية !؟

لماذا قرر أن يطلق النار أخيرا بعد مناورات عديدة؟

يبدو أنه تلقى قرار إطلاق النار من الجهات الأجنبية التي كرسته أكاديميا والتي لا تزال تراهن على ممكنات إصلاح النظام الفاشي المافيوي والحوار معه، وهي ذات الجهات التي ساهمت بإخراج النظام من عزلته منذ خمس سنوات، حيث منذ هذه الفترة وبرهان داعية “فك العزلة عن النظام” بالتجاوب مع بعض الأطراف الانتهازية في المعارضة، وكنا قد كتبنا حينها مقالا انتقدنا فيها موقف هذه الأطراف تحت عنوان (لماذا هذه الهدية المجانية يا أصدقاء ؟)

ومنذ بضعة شهور أعاد برهان نشر مقاله هذا، الداعي لفك العزلة عن النظام باسم رفع الحصار عن سوريا … وكان قد سبق له ونشر عددا من المقالات عن العمق الاستراتيجي لفكر حافظ أسد الذي أمن له فترة حكم البلاد لثلاثين سنة، وذلك ليرد برهان على الأطروحة القائلة بأن استمرارية النظام الأسدي ليست إلا نتاج طغيان الرجل ووحشيته حتى على أصدقاء عمره .. وقد تزامن ذلك مع الفترة التي تم فيها الانقضاض على المجلس الوطني لإعلان دمشق واعتقال (12) اثني عشر من قيادته …وقد عبر غليون حينها بصيغة مفعمة بالشماتة باعتقالهم فاعتبر أنهم (ذهبوا إلى السجن عبثا )، وذلك لأنهم لم يسمعوا لتعقله ونصيحته الحكيمة في عدم عقد المجلس الوطني…تماما كما ينصح اليوم الذاهبين إلى مؤتمر (انطاليا) وقد دعي له ولم يستبعد رغم معرفة الجميع بكل ما سقناه آنفا …لكن الجديد في الموضوع الآن أن الرجل ارتضى لنفسه تنفيذ (مطالب وطنية -أمنية ) بتخوين أخوانه ورفاقه وأصدقائه في المعارضة باعتبارهم ينفذون أجندة أجنبية، في اللحظة ذاتها التي تطلق الجهات الأمنية حملاتها المسعورة عبر كلابها الأمنيين في مواقعها المخابراتية كموقع (الحقيقة) !!!

ويبدو أن هذه المهمة التخوينية تتلاقى مع توجهات الجهات الأجنبية التي تعتمده أكاديميا في المراهنة على إصلاح النظام، لتلتقي مع العامل الداخلي (النظام) الذي يرسل له إيحاءات وإشارات ليكون هو رجل الحوار القادم …ويبدو أن ثمة توافقا بين الخارج الأجنبي، والداخل الأمني على تأهيله لهذا الدور … لكن الثمن باهظ يا برهان! إنه لباهظ أن تخوّن أبناء وطنك

 

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ما بتعرف يا أستاذ محمد قديش ريحتني بقرائة هالمقال، لأنو عرفت إنو في غيري فكر بنفس الطريقة ياللي فكرت فيها أول ما قريت رد السيد عبد الرزاق عيد على عدم مشاركة برهان غليون بمؤتمر إنطاليا. يعني، برأيي، شوية دبلوماسية ما بتضر شخص موجود على رأس تيار معارض !!!

  2. كما يقولون : اليوم داب التلج وظهر المرج
    وبان من الذي يقاتل طواحين الهواء يا سيد محمد أتاسي
    وبان من يهاجم أشراف الناس كعبد الرزاق عيد
    برهان غليون يوقع اتفاق الخيانه مع هيئة التنسيق الايرانية
    اليوم بان من هو الخائن
    وعبد الرزاق عيد هوفارس حقيقي يقارع سطلة النظام السوري المرعبة وجرذاتهم و من انت يا بعثي يا ابن البعثي لتهاجمه
    لقد كان دائما سباقا عليكم في فكره
    شكرا لسوريا التي أنجبت لنا عبد الرزاق عيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى