صفحات العالم

أوباما وخطاب الارتباك والإرباك!/ راجح الخوري

لم يكن كافياً ان نشاهد تصفيق الديموقراطيين لخطاب “حال الاتحاد” وقد القاه باراك اوباما بما يشبه عرضاً مسرحياً يقوم على الايماءات التي يجيدها، فمن الضروري ان نتوقف عند لغة الجسد التي قدمها جون ماكين في تعبير واضح عن السخرية.

ليس ماكين وحده الذي كان يسخر بمرارة، هناك جزء كبير من الاميركيين واقع في السخرية [36% شعبية اوباما في آخر الاستطلاعات] اضافة الى كثير من الدول والشعوب التي لم تعد تنظر الى اميركا إلا بمزيد من الخيبة.

لهذا لا اتردد في القول انه لم يكن خطاب “حال الاتحاد” السنوي، الذي ينتظره الاميركيون والعالم تقريباً، بل كان خطاب “الارتباك والارباك”، بمعنى ان لا شيء يوازي الارتباك الداخلي من سياسات ادارة اوباما الا الارباك الخارجي الذي تسببه على الأقل لحلفاء اميركا في العالم!

واذا كان اوباما استعاد نظرية ليندون جونسون [1964] ليعلن حرباً داخلية على الفقر بزيادة الحد الادنى للأجور ستدخله في اشتباك مع الجمهوريين، فقد اعلن في المقابل ما يشبه الاستقالة من دور اميركا الخارجي على قاعدة نزوح متزايد نحو “نظرية مونرو”، ولهذا بدت مقارباته لمسائل خارجية لا يمكن تجاوزها، هامشية وربما سطحية باستثناء تلويحه باستخدام حقه في اسقاط اي عقوبات جديدة يقرها الكونغرس على ايران في “مرحلة المفاوضات النووية الصعبة معها”!

كان مضحكاً تماماً ان يقع أوباما في التناقض في أهم مسألة تشغل الغرب والعالم اي الارهاب، عندما قال: “لقد وضعنا قلب القاعدة على طريق الهزيمة، ولكن التهديد تطور مع انتشار مجموعات مرتبطة بالقاعدة ومتطرفين آخرين في مختلف انحاء العالم، ففي اليمن والصومال والعراق ومالي علينا مواصلة العمل مع شركائنا لإضعاف هذه الشبكات وشلّها “!

لست ادري لماذا تناسى سوريا حيث ساهم تغاضيه الترهيبي عن شلالات الدم، في قيام تجمع ارهابي كبير يحارب من سوريا الى العراق ويحاول الامتداد الى دول الجوار، في حين يقول مدير الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر بعد ساعات ان اوروبا ترتعد من عودة المتطرفين الذين ذهبوا الى سوريا، وان النظام السوري لا يزال قادراً على انتاج سلاح بيولوجي!

اخطاء اوباما لا تقل عن خطايا سلفه جورج بوش، الذي اعلن حروبه الاستباقية على الارهاب، لأنه اعلن الانسحاب من هذه الاستراتيجيا مركزاً على النتائج [لن ارسل جندياً الى الخارج] من دون ان يلتفت لحظة الى الاسباب التي تؤمن البيئة الملائمة لنمو الارهابيين، وسوريا تمثّل نموذجاً صارخاً عن هذا.

هل قليل ان لا تحتل قضية فلسطين اكثر من جملة انشائية سطحية لا تستر عورة فشل وعود اوباما الزهرية لإنجاح التسوية السلمية؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى