أحمد نظير الأتاسيصفحات مميزة

عناصر أزمة الثورة السورية وبعض الحلول


أحمد نظير الأتاسي

الحاجة إلى العمل الفكري النظري

عندما يعمل الناس في الميدان ويواجهون القمع والعنف والقصف والدم وفقدان الأحبة يتصرفون من وحي خبراتهم الماضية وكثيراً من وحي العادات والتقاليد الإجتماعية السائدة إذ لا وقت للتفكير، وفي كثير من الأحيان يتصرفون بدوافع لاواعية أو بدوافع ليس لديهم الوقت الكافي ليعوا أسبابهم ويفكروا بنتائجها. في هذا الجو القلق المليء بالحزن والتعب النفسي والجسدي لا شيء يبدو طبيعياً، ولا شيء يبدو عادياً أو روتينياً أو خاضعاً لأي ضابط عقلاني. وآخر ما يمكن أن يقبلوه هو أكاديمي بعيد آلاف الكيلومترات يراقب حركاتهم ويحللها وينتقدها ويعطيهم النصائح. القادة الميدانيون معادون للمثقفين والأكاديميين بحكم طبيعة جوهم المحيط. لكن بعد أن يتبدد غبار المعركة ويصمت الرصاص يعيدون التفكير في آلاف التصرفات والقرارات ويعودون ليطلبوا من المتخصصين في برجهم العاجي تفسيراً منطقياً لما اعتبروه حالة استثنائية غير خاضعة لقوانين الطبيعة والمجتمع العادية واليومية. عندها تظهر الحقيقة التالية وهي أن لا شيء استثنائي فيما حصل من وجهة نظر تاريخية ولا شيء غير عادي في تصرفاتهم وقراراتهم من وجهة نظر سوسيولوجية. لقد مرت البشرية أو جماعات من البشر بمثل هذه التجارب آلافاً من المرات على مر آلاف من السنين التي هي عمر الحضارة.

وكأكاديمي يقدم خبرته مجاناً لهيئات الثورة المختلفة ويكتب للعموم على الإنترنت فقد لمح كتاباتي بعض المشاركين في عدد من هذه الهيئات واتصلوا بي بشكل فردي ليطلبوا تحليلي لوضع هيئاتهم. إنهم يحسون بوجود أزمة في العمل وتحديد الأهداف والوصول إلى هذه الأهداف. طبعاً لا يشاركهم بالضرورة زملاؤهم في الهيئة المعنية باعتقاد وجود أزمة، لكنهم اتصلوا بي لانهم يعرفون أني من الذين يؤكدون وجود هكذا أزمة ويبحثون عن توصيف دقيق لها وعن حلول جدية وممنهجة قائمة على تحليل العديد من الحالات وملاحظة العوامل المشتركة واستخدام بعض النظريات السوسيولوجية أو الخبرة التاريخية. لقد أفرزت الثورة السورية العديد من التنظيمات. بعضها صغير الحجم ومحلي مثل التنسيقيات وبعضها كبير ومتعدد الوظائف والتخصصات مثل مجالس الثورة في المحافظات المختلفة. لكن بعد التعامل مع عدد منها ومتابعة أخبار أخريات والإشتراك في أعمال واحدة أو اثنتين من هذه التنظيمات أصبح واضحاً في نظري أن كثيراً منها تعني من أزمات تختلف في التفاصيل وتشترك في النمط والخطوط العامة والعوامل المسببة والمشاكل الناتجة. وهذا ما اريد تفصيله في هذه المقالة. سيغضب كثيرون وسيدافع كثيرون عن تنظيماتهم وقراراتهم وتصرفاتهم لأاسباب ودوافع مختلفة. لكن هذا لا يهم فالأهم هو وجود نظرية نقدية للثورة تراقب وتصف وتحلل وتنظّر وتقترح الحلول. وليست العملية علماً دقيقاً إذ تنقصني الكثير من المعلومات والملاحظات الميدانية لكن ما سأكتبه في هذه المقالة يعتمد على معلومات حقيقة. ولو كانت الفائدة الوحيدة التي يمكن أن نحصل عليها هي الإنغماس في التفكير النقدي لكفاني ذلك ولوصل هذا العمل الفكري، كأي عمل فكري، إلى غايته المرجوة، ألا وهي تحفيز العقل. ولو شاءت الأقدار أن نحصل من النقاش على نظرية صحيحة ذات تطبيقات عملية لكان ذلك غاية سعادتي ومناي.

من الإتفاق إلى المؤسسة

أول وأهم عناصر الأزمة التي ذكرتها أعلاه هو غياب القدرة على تحويل الإتفاق بين عدد قليل من الأشخاص إلى مؤسسة تحوي عدداً كبيراً من الأشخاص. فما هو الفرق بين هاتين الجماعتين: جماعة الإتفاق، وجماعة المؤسسة؟ جماعة الإتفاق تستطيع الإجتماع وجهاً لوجه والمناقشة في جو ودي نظراً لقلة عدد الأعضاء ومعرفة الواحد منهم للآخر، ولا تكون فيها المهمات واضحة وموزعة على الافراد حسب الإختصاص، ويتم تتبع أداء المجموعة خلال الإجتماعات وبجو ودي من التشجيع أو النقد الناعم والعتاب. الأزمات داخل مجموعة الإتفاق تُحل بالتوافق والتراضي واستخدام العرف الإجتماعي والتحكيم. لكن عندما تكبر جماعة الإتفاق تنقسم إلى “شِلل” متقاربة عمرياً وفكرياً ومصلحياً، فيقع التنافس بسبب إنعدام توزيع الإختصاصات والأدوار، ويبدأ الصراع على المكانة و”السلطة” نظراً لانعدام القواعد الضابطة وصعوبة التراضي والتحكيم ووجود المشجعين لكل طرف مما يجعل المواقف أكثر صلابة. خاصة إذا دخل المال والشهرة والمكانة الإجتماعية في عمل الجماعة فإن المنافسة تكون أكبر، نظراً لضخامة “الجزاء”. ولا يمكن في هذه الحالة ضبط العمل والتحقق من إنجاز المهمات ولا حتى الإتفاق على خطة عمل واحدة. ومتى بدأ القيل والقال والغيبة والنميمة تنتهي الجماعة إلى التفكك والإنشطار والتناحر المفتوح، وتضيع الأهداف التي تكونت الجماعة من أجل تحقيقها. أضف إلى ذلك جواً من التوتر والخوف على الأسرة والمال والحياة، فإن التنافس على الرئاسة والمهمات يصبح صلباً لأن يظهر وكأنه تنافس على طريق النجاة وكل طرف يعتقد بأنه يملك الحقيقة والطريقة المثلى.

أما في المؤسسة فإن العلاقات الشخصية والإتفاق والتراضي والتحكيم تعطي مكانها للوائح والقواعد والبروتوكولات المكتوبة التي يخضع لها ويتبعها الجميع بملء إرادتهم. هذه القواعد تُوضع في بداية تكوين المؤسسة حتى تتمكن المؤسسة من الوصول إلى هدفها التي أنشِأت من أجله. إن وضع هذا الهدف وتوضيحه في الحقيقة هو الخطوة الأولى في إنشاء المؤسسة. إذن الخلافات تُحل في المؤسسة بالعودة إلى اللوائح والقواعد، فما أوله شرط آخره سلامة. ولكل مؤسسة هيكلية تشرح توزيع الأدوار على الأفراد والجماعات المختلفة ضمن المؤسسة. هذه الهرمية غالباً ما تكون هرمية على رأسها رئيس أو مجلس إدارة وفي أسفلها مكاتب فنية ينضوي تحتها معظم أعضاء المؤسسة. الهرمية أيضاً تضمن وضع الخطط المناسبة لتحقيق الأهداف المرجوة، وتوزيع المهام على المكاتب والأعضاء كل حسب إختصاصه وكفاءاته، ومراقبة تنفيذ هذه المهام حسب الخطة الموضوعة. المؤسسة إذا تشبه الدولة في عملها: لها أجزاء مختصة وتتعامل مكوناتها بطريقة محددة وتعمل كل مكوناتها من أجل هدف واحد.

المعطيات الميدانية

المجموعات الداعمة والخدمية: لقد أفرز العمل الميداني في بداية الثورة نتيجته الطبيعية وأعني المجموعات الصغيرة والمتجانسة المسماة بالتنسيقيات. كل واحدة من التنسيقيات عملت في حي أو حارة، نظمت التظاهر وكتبت اللافتات وألفت الشعارات والهتافات ودعت الناس للمشاركة في التظاهر. وأثناء التظاهر قام أعضاء من التنسيقية بتصوير التظاهرة ثم قام أعضاء آخرون بتفريغها في كمبيوتر ونقلها إلى نقاط تجميع خارج سورية تكفلت بإيصالها إلى وسائل الإعلام المختلفة. ثم ظهرت الحاجة لشهود العيان وللناطقين باسم التنسيقية من أجل شرح الواقع لمشاهدي وسائل الإعلام. ومع الوقت وتعقد الوضع نشأت إختصاصات وجماعات مختصة متعددة حيث تم انفصال العمل الميداني التظاهري عن الأعمال الأخرى التي تخدم العمل الميداني (ونسميها أعمال الدعم أو الخدمات) ونذكر منها: 1) العمل الإعلامي من جمع الأخبار والفيديوهات وإيجاد نقاط التجميع الموثوقة خارج سوريا وإرسالها إليها، 2) العمل التوثيقي من جمع لأسماء الشهداء وظروف استشهادهم وفيديوهات إستشهادهم لتكون الدليل على جرائم النظام، ومن جمع لأسماء أسر الشهداء والجرحى والمتضررين ليُصار إلى دعمهم بالغذاء والمال والمأوى والحاجيات الاساسية، 3) العمل الإغاثي من تواصل مع الخارج والداخل وجمع التبرعات وإيصالها إلى المتضررين كمساعدات عينية أو مالية، 4) العمل الطبي من نقل جرحى وإنشاء مشافي ميدانية وتزويدها بالادوية والأدوات، 5) العمل السياسي من كتابة البيانات والمطالب والتواصل مع الجماعات السياسة على الساحة والتنسيقيات الأخرى لتوحيد المطالب، 6) العمل التخطيطي من عقد إجتماعات لممثلين عن التنسيقيات والجماعات الداعمة ومناقشة المشاكل وحلها وتنسيق العمل حتى تكون هناك خطة عمل موحدة وتوزيع متساو للدعم على كل الأحياء، 7) العمل العسكري، وهو الأخير في الظهور، وكان ظهوره بسبب قمع النظام الشديد والممنهج. هذه المجموعات الداعمة والخدمية ظهرت بجهود المتطوعين وتفانيهم في الخدمة، لكنها بقيت في أحيان كثيرة خاضعة لعقلية الإتفاق وبعيدة عن العقلية المؤسساتية رغم ظهور التخصص. ثانياً، لا يجب أن نخلط هنا بين الدعم وبين التمثيل والقيادة. الجماعات الداعمة لا تمثل الشعب أو التنسيقيات ولا يجوز لها التكلم باسمهما، وهي لا تقودها نحو تحقيق هدفها بل اقتصر على تقديم الخدمات. ولا يمكن أن تتحول الخدمة إلى موانة، والموانة إلى مركز سياسي. لكن المؤشرات تدل أت هذا يحصل في أحيان كثيرة.

التمثيل السياسي: لقد طلب شباب الثورة في الداخل من سياسيين ومغتربين في الخارج تشكيل واجهة سياسية تمثل الثورة في المحافل الدولية وتتبنى مطالب الثوار وأهدافهم. وقد وقع الثوار في الخطأ الذي ذكرته أعلاه فقد تحولت الخدمة إلى موانة والموانة إلى منصب سياسي. إن المجلس الوطني اليوم لا يمثل إلا الكتل والأحزاب السياسية الداخلة في تركيبه ولا يتكلم إلا باسمها. بالإضافة إلى ذلك يعاني المجلس الوطني من نفس المشاكل التي تعاني منها تنظيمات الثورة المختلفة. وأعني أن المجلس نشا عن تحالف وإتفاق ولم يستطع بعد ذلك أن يتحول إلى مؤسسة تسعى لتحقيق هدف واحد. ولذلك نرى أن المجلس مليء بالمتنافسين والمتناحرين والباحثين عن المناصب، لا بل تأخر اشهراً قبل إعلان هيكليته ونظامه الداخلي. وحتى بعد إعلانهما في إجتماع تونس لم يتم تفعيل أي من المكاتب المتفق عليها في النظام الداخلي ولم يطبق أحد النظام الداخلي أو يعيره اي اهتمام لانهم مشغولون بتجديد البيعة لبرهان غليون أو منعه من التمديد لولاية جديدة. وحتى لو تغير غليون فإن المشاكل نفسها ستظل موجودة وسيكون للمجلس الأداء السيء نفسه، إضافة إلى أن المجلس في نظامه الداخلي ينصب نفسه قائداً للمرحلة الإنتقالية (تعديل الدستور، تشكيل الحكومة المؤقتة، تعديل القوانين وخاصة قانون الأحزاب، وتنظيم الإنتخابات) دون أن يكون له أي دور يذكر في إسقاط النظام، وهكذا تتحول الخدمة والدعم إلى تمثيل سياسي ومنصب كبير. أما المكاتب الوحيدة التي تم تفعيلها فهي مكتبا الإغاثة والإعلام حيث تسيطر عليهما كتل سياسية معينة لأنهما يوفران لها الظهور بمظهر القائد والمخلص. ومن هنا نبعت الحاجة الآن إلى ضرورة إيجاد تمثيل موحد داخلي لمكونات الثورة.

المكون العسكري للحراك الثوري: وهو الآن من أكثر المكونات إثارة للجدل وقد يكون قريباً من أكثرها خطورة على مستقبل الثورة. الجميع يسميه الجيش الحر، لكن الجميع يعرف أن الجماعات العسكرية لا تخضع لقيادة الجيش الحر ولا تنفذ خططاً تضعها قيادات الجيش الحر وقيادات الثورة إن كانت موجودة. الجماعات العسكرية تتلقى تمويلها من مصادرها الخاصة وتشتري أسلحتها بمعرفتها وتوزعها على أفرادها وتقوم أيضاً بتقرير خططها وعملياتها. هذه الجماعات العسكرية ستتصارع قريباً على مصادر التمويل وستتناحر فيما بينها. عمليات هذه الجماعات العسكرية لا تخضع لاية خطة ولا يتعدى هدفها الدفاع عن الحي أو القرية أو فك الحصار عنهما دون التنسيق مع الجماعات الأخرى على مستوى المدينة أو المحافظة أو البلد، وهي تبقى في موقعها إلى أن ياتيها جيش النظام ومخابراته ليقصفها بشكل دوري وسينتهي بالنهاية بالقضاء عليها من خلال التكرار فقط لأن النظام قادر على تكرار أعماله إلى ما لا نهاية. وإن بعض العمليات الطائشة ستؤدي إلى الكشف عن مواقع المقاتلين وإلى تسويغ ضرب النظام لهذه المواقع والتي هي في الغالب مناطق سكانية. هذه المجموعات التي بدأت بحماية المواطنين ستنتهي بأن يطلب منها المواطنون الرحيل عن ديارهم وستخسر بذلك عمقها الذي تلجأ إليه.

القيادة المركزية: هل للثورة السورية مجلس قيادي أو تنسيقي مركزي يضع تصورات لمنهج الثورة ويطلب من المجالس المحلية تنفيذها؟ هناك مجلس ينسق بين مكونات الثورة على مستوى القطر بشكل يسمح بتوجيه ضربات مركزة للنظام في عدة أماكن وفي وقت واحد وضمن خطة موحدة يكون فيها لكل خطوة هدف يقربنا خطوة إلى هدفنا النهائي وهو الحرية وإسقاط النظام وإقامة الدولة الجديدة؟ الجواب باختصار هو النفي. إن القيادات المغرقة في المحلية التي أفرزتها الثورة تمنع قيام أية مؤسسة مركزية قيادية لانها ستسلبهم مكانتهم الإجتماعية. ولا أعني تغييب دور هذه القيادات على المستوى المحلي، فهو دور أساسي وضروري، لكن وقوفهم في وجه تكوين مؤسسة مركزية تجمع آلاف الجماعات المكونة للثورة وتنسق بينها وتوجه عملها نحو هدف واحد هو أزمة بحد ذاته. على الأقل هذا المجلس القيادي أو التنسيقي سيضمن وجود بديل حال إنهيار النظام وسينسق العمل العسكري وينظمه مما يمنع الفوضى والقتل العشوائي والحرب الأهلية.

لابد لعمليات المجموعات العسكرية أن تكون جزءاً من مخطط كبير وأن يكون لها أهداف تنتظم في هذا المخطط الكبير الذي هدفه كسر الحصار على القرى والأحياء والمدن، وتفتيت بنية نظام القمع بضرب مكوناته الاساسية، والتعجيل بانشقاق الجنود والضباط، وحماية المدنيين، ومنع الفوضى والحرب الأهلية،والسماح للتظاهرات والثورة السلمية بالإستمرار، وعدم الدخول في معارك طاحنة مع الجيش النظامي مما قد يؤدي إلى تحطيم الطرفين، ومنع الأعمال العسكرية الفردية والإنتقامية والقتل العشوائي. إن أي عمل عسكري لا يندرج ضمن مخطط يسعى لتحقيق هذه الاهداف هو عمل تدميري بحت لا طائل من ورائه ولا نتيجة له إلا الدمار والإحتراب الأهلي. ولذلك لا بد أن تخضع كل الكتائب والجماعات العسكرية لقيادة ضباط مهنيين يخضعون بدورهم إلى قيادة موحدة تضع الخطط العامة التي تحقق الأهداف المرجوة. ولا بد من الإحجام عن استجداء الدعم المادي من أجل شراء الاسلحة بشكل فردي ودون المرور عبر هيئة قيادية مركزية تضمن التوزيع العادل للمال والسلاح وانصياع الأفراد والمجموعات للأموار التي تهدف إلى تحقيق أهداف الثورة.

وهناك مسألة في غاية الخطورة لها علاقة وثيقة بنشوء قيادات ليست على مستوى المسؤلية وأعني سهولة تحويل المال إلى نفوذ والنفوذ إلى مال. وهذا سيقضي على الثورة ويحولها إلى جماعات متناحرة أو سيفرض جماعة واحدة على البقية بسبب امتلاكها المال والنفوذ فتصبح ديكتاتور الثورة وقد تنتهي بأن تصبح ديكتاتور البلد. المال الذي يتحول إلى نفوذ هو مال الإغاثة ومال شراء السلاح. والنفوذ الذي يتحول إلى مال هو التحكم بشبكات توزيع الإغاثة وشبكات توزيع السلاح لأن المسيطر عليهما يتلقى أموالاً إضافية لاعتقاد الناس بانه القائد الفعلي. لذلك لا بد من منع احتكار المال والسلاح وضعهما تحت سلطة واحدة مركزية تحكمها القواعد والقوانين وتكون عليها مراقبة جماعية.

الخلاصة

نحن أمام ثورة شعبية أفرزت تنظيماتها من الأسفل لكن العديد منها لم يستطع التحول إلى مؤسسة وبقي ضمن إطار الإتفاق. كما لم تفرز الثورة أية قيادة مركزية أو حتى مجموعة مستشارين يوضحون الأهداف ويضعون الخطط العامة ويتصورون الآليات المناسبة لتحقيقها. وأكثر ما تظهر نتائج فقدان مثل هذا التنظيم المركزي هو في العمل العسكري الذي لم يستطع الخروج من المحلية المغرفة والتمركز في الأحياء والقرى بهدف حمايتها فتنتهي بأن تكون دعوة مفتوحة للنظام لتدمير هذه الأحياء والقرى. وما نراه الآن من محاولات لفرض القيادة من الأعلى عن طريق الإغاثة أو التسليح او التمويل لن يؤدي إلا إلى مزيد من الصراعات وسوء التخطيط. أما من ناحية التمثيل  فنرى مجالس ثورية وجماعات كل منها يدعي تمثيل منطقته لكننا لا نعرف آليات إنتقاء هؤلاء الممثلين ولا مدى تحويلهم العمل الخدمي الداعم للثورة إلى تمثيل غير حقيقي ولا مدى انصياع المجموعات المحلية المدنية أو العسكرية لأوامر وإرشادات هذا القيادات المزعومة. لا بل هناك شك بأن عنصر المال يلعب دوراً هاماً في بناء الوجه القيادي لبعض هذه المجالس التي هي بالأصل جماعات خدمية غير تمثيلية. أما من ناحية التمثيل السياسي فقد عجز المجلس الوطني السوري عن أداء هذا الدور وسيكون لعجزه صدى هائل في مرحلة الثورة والمرحلة الإنتقالية وقد ينتهي الأمر بالصراع على مراكز القوة والإخضاع أو الإقصاء القسري. فما العمل؟ 1) لا بد من فصل التمثيل عن الدعم والخدمات، 2) ولا بد من التحول من الإتفاق إلى المؤسسة في جميع التنظيمات الفاعلة في الثورة اليوم وعلى كل المستويات (القرية أو الحي، المنطقة أو المدينة، المحافظة) 3) ولا بد من وجود تنظيم مركزي (على مستوى القطر) يخطط وينسق بين مختلف التنظيمات المحلية، 4) لا بد من تنظيم العمل العسكري بشكل هرمي يشمل كل المجموعات المقاتلة ويضبط توزيع المال والسلاح ويضع الخطط العامة 5) لا بد من توضيح الأهداف النهائية والمرحلية ووضع الخطط المناسبة للوصول إليها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أستاذ نظير أنا معك بكل اللي قلتو حضرتك ! بس شلوووون
    كيف بدنا نفصل التمثيل عن الخدمات وكيف آلية التحول من الاتفاق إلى المؤسسة كيف بدتا تتظم العمل العسكري بشكل هرمي ؟؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى