صفحات الناس

نوع آخر من الانقسام بين مواطني سوريا يأتي هذه المرة من جبهة أخرى غير جبهات القتال: في شمالي سوريا.. بين الخائن والوطني ليرة/ خالد المطيري

 

 

قالت صحيفة «فانيننشال تايمز» إن شمالي سوريا يشهد، حاليا، نوعا آخرا من الانقسام بات يفرق بين «الوطني» و«الخائن»، لكنه يأتي هذه المرة من جبهة أخرى غير جبهات القتال.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها نشرته، اليوم الأربعاء، أن التعامل بالليرة السورية أو الليرة التركية بات معيارا لاختبار ولاءات مواطني حلب السورية (شمال)، التي تنقسم إدارتها بين المعارضة والنظام.

ونقلت في هذا الصدد عن ناشط سياسي من حلب قوله: «الناس باتوا منقسمين مع أو ضد (مقترح التعامل بالعملة التركية)، والنقاش يسبب لنا مشاكل».

الناشط، الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته، أضاف موضحا: «مؤيدو الليرة التركية يتهمون الجانب الأخر بالخيانة».

ويرى مؤيدو استخدام الليرة التركية في حلب أن ذلك خيارا واقعيا من الناحية الاقتصادية؛ حيث باتت تركيا الشريك التجاري الأساسي لشمال سوريا.

كما أن التعامل بالعملة التركية، وفق قولهم، سيوجه ضربة موجعة للنظام السوري، وبالتحديد في اقتصاده، الذي يعد أكثر نقاط ضعفه.

لكن خصوم استخدام الليرة التركية يقولون أن السكان الفقراء في سوريا، الذين لا يزال معظمهم يتلقون رواتبهم بالعملة السورية، سيتضرروا من خطوة الاستغناء عن الليرة السورية.

كما يؤكد الفريق الأخير أن التمسك بالليرة السورية «دليل على الوطنية، وليس دليلا على تأييد النظام».

واعتبرت صحيفة «فانيننشال تايمز» أن الحدود مع تركيا باتت شريان الحياة للشمالي السوري الذي مزقه القتال، لافتة إلى أن البضائع التركية تملأ الأسواق المحلية في هذه المنطقة؛ ما يعطي مبررا للتعامل بالعملة التركية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصادرات التركية إلى سوريا انخفضت من 1.84 مليار دولار قبل بعد بداية الثورة الشعبية في مارس/آذار2011 إلى 498 مليون دولار في عام 2012.

لكن الصادرات التركية استعادت عافيتها منذ ذلك الحين؛ إذ وصلت العام الماضي إلى 1.8 مليار دولار، وبلغت قيمتها 740 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري.

«احتلال عثماني»

ويعتقد كثير من معارضي استخدام الليرة التركية أن التجار السوريين، الذين يتعاملون مع تركيا،  هم الذين يروجون – بالتعاون مع الحزب الحاكم في تركيا – لاستخدام الليرة التركية، على الرغم من أنه لا يوجد دليل على ذلك.

ويقول «أحمد الأحمد»، أحد الناشطين السياسيين في حلب، إن معارضي التعامل بالعملة التركية يعتبرون التعامل بها «احتلالا عثمانيا لشمالي سوريا».

ويؤيد «الأحمد» التعامل بالعملة التركية، قائلا: «أرفض البقاء تحت احتلال الأسد، وأرفض العملة التي يريد النظام فرضها علينا».

ومدعما وجه نظره، لفت الناشط الحلبي إلى أن مدخرات الناس في سوريا انخفضت بالقدر الذي انخفضت به العملة السورية.

وانخفضت قيمة الليرة السورية بنحو 80 % مقابل الدولار، وذلك منذ بدء الثورة الشعبية.

من جانبه، لفت «محمد درغام»، وهو عضو في الغرفة التجارية في حلب، التابعة للمعارضة، إلى أن تبديل العملة «لا يزال مقترحا حتى الآن»، متسائلا: «الأمر المهم هو ما إذا كانت إدارة المعابر على الجانب السورية أو الغرفة التجارية ستتبنى هذه المقترح أم لا؟».

واعتبر أن مقترح استخدام الليرة التركية بدلا عن العملة السورية يحتاج لمزيد من الدراسة، مشيرا إلى أن التجار يعتمدون حتى الآن على الدولار.

وكشف «درغام» أن تجار من شمالي سوريا التقوا مسؤولين أتراك في جنوب تركيا، قبل عدة أشهر، لبحث مقترح التعامل بالليرة التركية، لكن المقترح لم يلق التجاوب الذي توقعوه.

والأسبوع الماضي، أعلن «مجلس الشريعة» في ريف حلب أنه سيدفع رواتب موظفيه بالليرة التركية تشجيعا لمقترح استخدامها.

يأتي ذلك بينما لا تزال سلطات محلية أخرى في طور النقاش حول المقترح.

نقاش محتد

وأفادت صحيفة «فانيننشال تايمز» في تقريرها بأن النقاش بشأن مقترح التعامل بالليرة التركي احتد في شمالي سوريا لدرجة أن خصوم العملة التركية بدأوا يصفون مؤيديها بأنهم «شبيحة»، وهو مصطلح يطلق على الخارجين عن القانون، الذين يستخدمهم نظام «الأسد» في قمع الثورة الشعبية.

«أحمد بريمو»، وهو أحد خصوم العملة التركية، نشر صورة على صفحته بموقع «فيسبوك» لبائع فلافل (وجبة شعبية) في حلب يقبل التعامل بالليرة السورية مقابل بضاعته.

وعلق على الصورة مشيدا بهذا الرجل الذي وصفه بـ«الوطني»، قائلا: « يرى (هذا البائع) أن 150 ليرة سورية هي خيار أفضل من ليرة تركية واحدة»، في إشارة إلى قيمة العملية السورية مقابل التركية.

ورد عليه أحد مؤيدي الليرة التركية، قائلا: «في صباح الغد سيستيقظ (بائع الفلافل) ليجد أن الـ 150 ليرة أصبحوا 150 قرش» (الليرة تنقسم إلى 100 قرش).

وأضاف: «أنصحه بقبول الليرة التركية؛ فهذا أفضل بالنسبة له».

«فانيننشال تايمز»

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى