صفحات العالم

عن سوريا والتغيير

 


زيّان

على رغم الواقع الجغرافي والوقائع التاريخية، فضلا عن العلاقات العريقة والعميقة الجذور بين البلدين والشعبين، بقيت الالتباسات والتعقيدات بين بيروت ودمشق هي “الممسكة” بزمام الامور، وزمام الود، وزمام التعاون وعدمه.

الا ان الثوابت والحقائق كثيرة ومتعددة. وعلى مختلف الصعد. وفي شتى المجالات. وعميقة الجذور. ودائما ثمة ما هو اهم واقوى واعرق من كل الازمات والخضات، يعود ويجمع الشمل، ويفتح الحدود والاجواء والقلوب.

ثم هناك عوامل الازمنة والطبيعة، والعادات، والتقاليد، وروابط النسب والحسب والقربى، فضلا عن المصالح المشتركة التي وان تآكلتها الخلافات وعطلت فوائدها، تبقى صالحة للحفاظ على الحد الادنى مما يجمع اكثر مما يفرق.

بلوغ عواصف الاحتجاجات والاعتراضات والمطالبات بالتغيير والاصلاح بعضَ المدن والساحات السورية، هو العامل الاهم والاكبر في شد الابصار والاسماع نحو العاصمة السورية، واستنادا الى ما فعلته موجات الغضب في عواصم عربية اخرى، هدأ بعضها ولا يزال البعض الآخر في صميم المواجهات المتواصلة.

لا أحد يريد لسوريا ونظامها وشعبها ما لا تريده هي والنظام والشعب. وما من لبناني يرتاح اذا ما انزلق الوضع السوري الى ما انزلقت اليه الامور والتطورات في بلدان عربية اخرى.

ذلك ان لسوريا دورا مميزا ومؤثرا، وعلى مدى العصور والعهود. سواء في محيطها العربي والجغرافي، ام بالنسبة الى ما يحصل اقليميا وأوسطيا.

بالإضافة الى ما لسوريا من مكانة ومطرح في الداخل اللبناني، وحتى في تفاصيله الدقيقة والبسيطة واليومية كذلك. وما لها من فاعلية ومونة وقدرة على الصعيد السياسي بكل مندرجاته، وعلى كل المستويات، من شعبية وحزبية ورسمية ومناطقية.

ولا حاجة في هذا المجال الى شرح يطول.

واذا كانت موجة الاصلاحات والتغييرات قد فعلت فعلها في نطاق تونس ومصر وليبيا واليمن، فان الذين يعولون الكثير على الدور السوري وحجمه لا يترددون في القول ان من حق هذا البلد العربي الكبير ان يستريح بدوره في افياء الديموقراطية والعدالة والمساواة، وتحت مظلة القوانين والمؤسسات الحافظة لحقوق الانسان.

وليس ما يمنع دمشق، وهي بوابة التاريخ، ان تبادر الى تغيير ردائها القديم، وتستعيد من التاريخ ودفاتره وكتبه واوراقه ما كان لها من مبادرات وخطوات وصولات في ساحات اللعبة البرلمانية والتألق الديموقراطي. وعلى امتداد عقود من الازدهار والاستقرار والتطور.

قد يكون ذلك كله قد ورد في جوهر خطاب الرئيس بشار الاسد ومضمون مبادرته الاصلاحية التي لم تتبلور بكل عناوينها وبنودها وأبعادها بعد.

هل يعني ذلك ان دواعي التظاهرات المطلبية قد وفّت قسطها للعلى وانتهت الى غير رجعة؟

إن غداً لناظره قريب.

النهار

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى