غير مصنف

عن «سورية الجديدة»/ مصطفى زين

 

 

تقترب القوى المشاركة في الحروب السورية من مرحلة «الحصاد» وتحديد ما يمكنها الحصول عليه من نفوذ. بدأ جميع اللاعبين في هذا المسرح الدموي الاستعداد للمرحلة النهائية من الصراع. الولايات المتحدة لديها جماعتها من «سورية الديموقراطية». روسيا لديها حصة الأسد بعدما سيطر الجيش النظامي بمساعدتها على كل المدن الكبرى ومساحات واسعة من الريف. تركيا تسيطر على جزء كبير من شمال البلاد. إيران موجودة حيث يوجد الجيش. إسرائيل موجودة في أي مكان يوجد فيه الأميركيون الذين يساعدهم، عسكرياً وسياسياً، البريطانيون والفرنسيون. مصالحها مضمونة طالما أن الإدارة في واشنطن يمسك بها صقور أمثال نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، والمستشار الخاص للرئيس صهره جاريد كوشنر.

المفاوضات العلنية لرسم مستقبل سورية مستمرة بين هذه الأطراف، من جنيف إلى سوتشي إلى آستانة، أما المفاوضات غير المعلنة فأسفرت عن تفاهمات على الأرض، وعن تقاسم ولاء «الحلفاء» السوريين وغير السوريين بين روسيا وأميركا.

من التفاهمات التي لم تعد خافية على أحد ضمان واشنطن وموسكو أمن إسرائيل، وعدم السماح لأي جهة معادية لها بالتمركز في الجولان أو في المناطق الجنوبية القريبة من حدودها في الجنوب السوري. وسط الفوضى التي تعم ما يعرف بالنظام الدولي وعدم إعارة البيت الأبيض أي اهتمام لقوانين وقرارات الأمم المتحدة (بولتون لا يخفي عداءه للمنظمة منذ كان سفيراً لديها خلال غزو العراق)، تتحرك إسرائيل للخروج منتصرة وتثبيت احتلالها الجولان بضمانة أميركية، وصمت دولي وعربي مثلما حصل حين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لها. وقد أعلن وزير استخباراتها إسرائيل كاتس الأسبوع الماضي أن قضية الجولان «تتصدر جدول الأعمال» في المحادثات بين الطرفين. وأضاف أن هذا الأمر «ليس بعيداً من نهج الإدارة الأميركية لمواجهة النفوذ الإيراني في سورية والمنطقة»، مؤكداً أن: «هذا هو الوقت المثالي للإقدام على مثل هذه الخطوة. وسيكون ذلك الرد الأشد إيلاماً الذي يمكن توجيهه إلى الإيرانيين». وزاد أن «هذا القرار قد يتخذ خلال بضعة شهور». واستبعد أي توتر بين موسكو وواشنطن عندما يتخذ هذا القرار، فـ «أقصى ما يمكن أن يصدر عن الكرملين بيان استنكار». وهذا ما ستفعله أوروبا والدول الأخرى. ولم يذكر أي شيء عن رد الفعل العربي.

لم تكن إسرائيل، منذ نشوئها، مطمئنة إلى وضعها كما هي الآن: العالم العربي في حالة فوضى شاملة، ودول الإقليم، مثل تركيا، خائفة من انتقال الحروب إلى داخلها، فضلاً عن أنها تسعى، بدورها، إلى تثبيت نفوذها في الشمال السوري. والذين انخرطوا في الحروب إما ابتعدوا من الصراع أو أوكلوا كل أمرهم إلى واشنطن. أما إيران فملفها النووي والعقوبات الأميركية وصواريخها عادت لتتصدر همومها الداخلية والخارجية، ولن تخوض حرباً من أجل الجولان نيابة عن دمشق.

إسرائيل تغيب عن الاجتماعات التي تناقش مستقبل سورية في جنيف وسوتشي وآستانة لكنها حاضرة بقوة من خلال الوفد الأميركي، سواء قاطع أو لم يقاطع الاجتماعات، فبعض الغياب أكثر فاعلية من الحضور.

«سورية الجديدة» موعودة بنظام فيه حصة لكل دولة شاركت في حروبها وتدميرها، بما فيها إسرائيل. والعراق مثال حي أمامنا.

الحياة

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى