صفحات العالم

فات وقت المخارج السلمية للأزمة السورية!


سركيس نعوم

قبل الجواب عن سؤال: هل هناك مخارج من الأزمة التي يواجهها نظام آل الاسد في سوريا؟ لا بد من الاشارة الى وجود اسباب مهمة لعدم جهوزية ايران الاسلامية للانتحار من اجل انقاذ النظام المذكور، يمكن اضافتها الى الاسباب التي وردت في “الموقف” يوم امس.

ابرز هذه الاسباب الوضع الداخلي في ايران استناداً الى متابعين وعن قرب من واشنطن ومن المنطقة لتطور الوضع داخل النظام الاسلامي الحاكم فيها. فالمعلومات المتوافرة عن هذا الموضوع تشير الى تصاعد الصراع بين المرشد والولي الفقيه آية الله علي خامنئي ورئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد. وتشير ايضاً الى تنامي عدم ثقة الاول بالثاني وخصوصاً بعد انكشاف محاولاته إقامة اجهزة متنوعة موازية للاجهزة القائمة. ولا يعني ذلك في رأي المرشد الا ان “تلميذه” سابقاً اي نجاد يعمل لاحتواء الدولة ومؤسساتها، ولإعداد كل ما يلزم لفوز مناصريه في انتخابات مجلس الشورى ولاحقاً في الانتخابات الرئاسية. وتشير المعلومات نفسها اخيراً الى ان انفجار الصراع قد يدفع المرشد الى اتخاذ قرارات صعبة في حق رئيس الجمهورية وخصوصاً بعدما ضبطه بـ”جرم” عدم اطاعته اوامره رغم انه صاحب القرار الأوحد في النظام. طبعاً قد لا تكون المعلومات المذكورة دقيقة، لكن مصادرها جيدة، فضلاً عن ان لا دخان من دون نار كما يقال. وهذا يعني ان ايران المنشغلة بنفسها او التي قد تنشغل بنفسها اكثر مستقبلاً لن تكون “فاضية” لغيرها رغم حرصها على الاستمرار في تنفيذ استراتيجيتها اذا كان ذلك ممكنا.

اما السؤال المذكور اعلاه فإن متابعي الموضوع السوري من المنطقة او من واشنطن، يقولون ان مخارج كثيرة من الازمة التي يعيشها النظام وبلاده وشعبه منذ اشهر كانت موجودة على طاولة رئيسه. لكنه لم يأخذ بها. ابرز هذه المخارج ثلاثة.

الاول، تنفيذ إصلاح جدي يؤمّن الحرية والعدالة والمساواة والديموقراطية للجميع مع ما يعنيه ذلك من تداول للسلطة وازالة للعسكرة المتحكمة في الناس. ولم يبد ان الرئيس الاسد كان في وارد اصلاح كهذا لأنه، وفي ظل اوضاع سوريا وتركيبتها وممارسات نظامها على مدى 41 سنة، كان سيعني فتح الباب امام سقوط النظام وامام تداول السلطة وامام تراجع “اهله” وانكفائهم ولمدة طويلة ربما. وعندما بدأت الانتفاضة الشعبية صار تنفيذ هذا الاصلاح اكثر صعوبة بل اكثر استحالة.

والثاني، قيام تغيير في السلطة من داخل النظام. اي قيام مجموعة من “اهله” و”عصبيته” بتبديل حقيقي في رأس السلطة وسائر مفاصلها بالتعاون مع “المجموعات” المعتدلة من المعارضة التي ليست لها خلفيات طائفية او اصولية عنفية. وتجدر الاشارة الى ان مخرجاً كهذا فكّر فيه الغرب من زمان. لكنه لم يُنفَّذ لأن احداً لم يكن معه داخل النظام. وهو غير قابل للتنفيذ الآن لأن المطلب الشعبي صار اسقاط النظام لا اصلاحه فقط وخصوصاً اذا كان الاصلاح شكلياً وتجميلياً.

اما ثالث المخارج فهو قبول النظام و”اهله” اصلاحاً سياسياً جدياً يؤمّن حياة حزبية وسياسية “سليمة” واعلاماً حراً وتداولاً للسلطة في مقابل استمرار امساكهم بالقوى الامنية والعسكرية معتبرين ذلك ضماناً لهم من اي تهميش جديد او انتقام. طبعاً لم يُطرح هذا الامر رسمياً او علانية. لكنه لم يعد ممكناً الآن، لأنه لم يعد هناك شيء “مستور” من اسباب الصراع الدائر، ولأن احداً من الغالبية لم يعد يقبل ان يبقي رقبته تحت مقصلة القوى الامنية التي تؤمّن استمراراً غير مباشر للنظام المطلوب اسقاطه. ويخلص المتابعون انفسهم الى القول بأن عدم وجود مخارج سلمية او نصف سلمية يعني ان الانتفاضة مستمرة وقمعها مستمر وان الاثنين سيتصاعدان في المستقبل المنظور.

هل استعمال القوة العسكرية من اطلسية واميركية ممكن ضد سوريا الاسد وخصوصاً بعد نجاحها في ليبيا وان بنسبة 95 في المئة حتى الآن؟

سوريا غير ليبيا، يجيب المتابعون انفسهم. فضلاً عن ان اميركا ليست في وارد اي عمل عسكري ضدها. أولاً، لأن غالبية شعبها ضد ذلك رغم كراهيتها لنظام الاسد، ولأنها لا تزال تعاني في العراق وافغانستان اللجوء الى القوة العسكرية. فضلاً ايضاً عن ان اوروبا على وجه الاجمال وفي المقدمة بريطانيا ضد استعمال القوة. لكن معلومات وصلت اخيراً من واشنطن، اي لا تزال “طازة”، تفيد ان الخيار العسكري ضد الاسد صار على الطاولة. لكن المتابعين رغم ذلك لا يزالون يستبعدونه.

ماذا عن الضغط الاقتصادي وهل ينفع مع النظام السوري؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى