صفحات الحوار

فايز سارة: «إعلان مدريد» يرسم ملامح العملية السياسية

مي الصايغ : الجمهورية

لا يخفي “سارة” في اتصال هاتفي مع “الجمهورية” تفاؤله بأن يحدث مؤتمر “جنيف 2″ كوة في حائط الأزمة السورية. تفاؤل يعزوه في جزء منه إلى التوافق الروسي-الأميركي، الذي حصل لأول مرة على هذا المستوى منذ تاريخ الأزمة السورية.

غير أنّ ذلك لا يلغي بنظر المعارض والكاتب السوري المخضرم المشاكل المتعلقة بالاطراف التي ستشارك في “جنيف 2″، مما يجعل العملية السياسية موضع تساؤلات. تساؤلات تتمحور حول “كيفية اجرائها، ووفق اي شروط، واي انجازات ينتظر منها”.

النفحة التفاؤلية يستشفها “سارة” أيضاً من “الوعي الكبير لظروف المرحلة من قبل المعارضة، وضرورة التصدي المشترك لأعباء المسألة الوطنية في مواجهة النظام والتغيير”، إذ انتقلت المعارضة التي كانت تكتفي “بترديد شعارات اسقاط النظام الى مرحلة التوافق بين جزء كبير من مكوناتها، للمرة الأولى على ضرورة الدخول في عملية سياسية”.

فعلى أبواب “جنيف 2″، توصّل نحو 80 معارضاً في مدريد، وفي طليعتهم الرئيس السابق لـ”الإئتلاف” الشيخ معاذ الخطيب وفايز سارة إلى “إطار عام، رسم ملامح رؤيتهم للدخول في عملية سياسية”. ملامح تبقى “قابلة للتغيير وفق الظروف الميدانية والتعديلات التي تفرضها سير العملية السياسية”.

ويوضح عضو اللقاء التشاوري لـ”اتحاد الديموقراطيين السوريين” أنّ مؤتمر مدريد نظّمه حزب “التنمية الوطني السوري” تحت رعاية الخارجية الإسبانية، وقد طالب المعارضون فيه بضمانات دولية”. ضمانات يعدّها سارة ضرورية، “فإذا لم يكن هناك التزامات دولية تجبرالنظام على الاستجابة لعملية سياسية، لا نكون فعلنا شيئاً”، على حد تعبيره.

في مدريد، أجمع المؤتمرون أيضاً على ضرورة الذهاب الى “جنيف 2″ بموقف موحّد. وفي هذا الإطار “تمّ التوافق على تأليف لجنة تجري مباحثات مع أطراف المعارضة لرسم استراتيجية التفاوض وآلياتها، وامكان تشكيل وفد مشترك لقيادة عملية التفاوض مع النظام، بشروط محددة”، وفق ما يؤكّد.

ويذكّر “سارة” بأنّ مجموعة مدريد فكرت بتطوير بيان “جنيف1″ الذي تمّ التوصل إليه في حزيران الماضي، “ليكون أكثر قابلية للتحقق واستجابة لمطالب الشعب السوري، وتمسّكت برفض وجود الاسد في المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة بصلاحيات كاملة”.

حكومة إنتقالية سبق وتمّ الاتفاق على تشكيلها في جنيف1، لكن حينها برزت إشكالية عدم تحديد المرجعية التي يجب ان تتولى تشكيل هذه الحكومة الانتقالية وممارسة الرقابة عليها. إشكالية سعى المجتمعون في مدريد إلى تجازوها، باقتراح “تشكيل مجلس حكماء، عبارة عن مجلس تمثيلي يكون تحت رعاية الأمم المتحدة، وتكون مهمته تشكيل الحكومة ومراقبة عملها”.رقابة يشدد “سارة” على أهمية وجودها لضمان عدم قيام “السلطة التنفيذية بتجاوزات، وتجنّباً لتوليد حكومة شبيهة بحكومة النظام القائمة”.

وفي وقت يفترض أن تحوز وثيقة مدريد على حيز كبير من المناقشات في اجتماع الائتلاف المنعقد في اسطنبول، يحمل “سارة” بشدة على المجتمع الدولي بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص. ويقول: “نحن طوال الوقت نسمع أقوالاً ولا نرى افعالاً.

نفهم أنّ الدول الغربية والإقليمية لا تريد حلاً عسكرياً، وهذا أمر لا نريده ايضاً، ونفهم انّهم لا يريدون تسليح المعارضة”. ويتساءل: “لماذا يتأخرون عن تقديم مساعدات انسانية للناس الذين ينامون في العراء وليس لديهم غذاء ودواء؟”.

غير أنّ تفاؤل “سارة” يصطدم في الوقت عينه “بإرث قديم اساسه موقف النظام الرافض لفكرة الحلول السياسية”، وفق ما يؤكّد. ويقول: “منذ البداية اعتبر نظام بشار الأسد أنّ الحل باستخدام العنف، ففي أول تظاهرة في درعا أطلق النار على المتظاهرين، ولم يترك اي باب للمبادرات، الا وأقفله، مُفرغاً جميع المبادرات من معناها، وقد زاد موقفه تصلّباً بعد رفض إيران بشراسة إسقاط النظام او التغيير الرئاسي في سوريا”. وبالتالي، “عندما يرفض بشكل مسبق النتائج التي تترتب على أي عملية سياسية، هذا يعني فتح الباب امام الحل العسكري”.

ميدانياً، لا يرى سارة أنّ استعادة الأسد لمنطقة القصير وتحقيق مكاسب على الأرض “كفيل بأن يحسم المعركة”. ويقول: “ببساطة المعارضة لا تقود معركة مع النظام. معركة سوريا هي بين نظام وشعب، ولن يستطيع الاسد ان يدّعي أنّها انتهت”.

ويضيف: “لو سلّمنا جدلاً بأنّ النظام سيحكم قبضته على سوريا، فهو لن يكون أكثر من جيش احتلال، وبالتالي بقاؤه لا يتعلق بنتائج المعركة، فاستراتيجية القتل والدمار التي اتبعها، ليس لها مردودات كبرى، ولن تؤثر على العملية السياسية”.

ويختم قائلاً: “بعد ما اقترفه النظام، لن يكون قادراً على حكم سوريا لا في المعايير السياسية أو الاقتصادية، فحتى لو جاءت روسيا وايران وانضمت إلى القتال مع حزب الله، فلن يستطيع الأسد البقاء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى