صفحات الحوار

فايز سارة: الضربات الجوية ستفتح نافذة الحلّ السياسي

 

 

يراهن «الإئتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية» عقب الضربات الجوية لقوات التحالف ضدّ تنظيمي «الدولة الإسلامية» و»جبهة النصرة» على أن تشهد المرحلة المقبلة خلطاً للأوراق، بحيث يُعاد على أثرها تحديد وزن كل الأطراف المتصارعة في الميدان السوري، على أن يتبعها فتحُ آفاقٍ للحلّ السياسي.

مرحلةٌ ستكون أبرز ملامحها توزيع الأدوار بين قوات التحالف التي تتولى القصف الجوي، في حين تنخرط القوى المعتدلة وفي طليعتها كتائب الجيش السوري الحرّ بقيادة الإتئلاف بشكلٍ أوسع في قيادة المعركة على الأرض، وملء الفراغ الذي سيخلّفه ضمور نفوذ «داعش» و»النصرة».

يضع عضو الإتئلاف السوري فايز سارة الجدل القائم بشأن إبلاغ الولايات المتحدة سوريا بالضربات الجوية ضدّ تنظيمَي»داعش» و»النصرة» والتنسيق معها، في إطار سعي نظام بشار الأسد إلى «تأهيل نفسه وحضوره على الساحة الدولية من بوابة مكافحة الإرهاب».

ويقول سارة الذي التقته «الجمهورية» في إسطنبول: «الأميركيون لم ولن ينسّقوا مع نظام الأسد. النظام يحاول تسويق نفسه، وهذا غير ممكن لأنّه نظام إرهابي ليس من وجهة نظر المعارضة فقط، ولكن وفق التصنيف الدولي هو ضمن خمس دول تدعم الإرهاب».

ويستبعد قيام مسؤولين عراقيين بحمل رسالة إلى النظام السوري في شأن ضربات التحالف الدولي. ويقول: «نحن تعوّدنا على أساليب النظام، لقد سبق وكذب على السعوديين والقطريين والأتراك، وكلهم كانوا حلفاؤه في السابق. الكذب نهج نظام الأسد بامتياز».

في الوقت عينه، يجد سارة أنّ الولايات المتحدة «لا تحتاج إلى معلومات أمنية من النظام، وهي ليست مضطرة للتعاون معه، بدليل أنّه لديها من الوسائل التقنية والبشرية ومن خلال علاقاتها مع دول المنطقة إمكانية الوصول الى المعلومات التي تحتاجها».

وينفي علمه بتزويد الإئتلاف التحالف الدولي بمعلومات عن بنك الأهداف التي تُقصف في سوريا. ويقول: «الأميركيون لديهم طائرات إستطلاع فوق كلّ الدول والمناطق التي تهمّ مصالحهم، وهم سبق وأعلنوا عن حقهم بتحليق طائرات إستطلاع رأي ومسح كل الأجواء، وحذّروا النظام السوري من مغبة التعرّض لطائراتهم».

ويرى أنّ واشنطن هي مَن قام بوضع بنك الأهداف، إلاّ أنّه لا يستبعد قيام النظام السوري نفسه بتقديم خدمة لأميركا وتزويدها برزمة أهداف لتسويق نفسه شريكاً في مكافحة الإرهاب.

ويتّهم سارة النظام السوري بممارسة سلوك إرهابي لا يستهدف الشعب السوري فقط بل محيطه الإقليمي والدولي في السنوات الأربع الأخيرة، وبالتالي ليس مقبولاً ولا بل غير قابل لأن يكون في الحلقة التي أُوكل إليها مكافحة الإرهاب.

ورقة العشائر السنّية

توازياً، يعتبر سارة أنّ الحديث عن توجه الأميركيين للعب ورقة العشائر السنّية، وإسقاط تجربة الصحوات في العراق على دير الزور والرقة وحلب «كلام لا معنى له»، على قاعدة أنّه «لا وجود لجماعة عرقية أو طائفية يمكن أن يكون لها هوية سياسية جامعة، داعش نفسها تنظيم سنّي، تجربة مجالس الصحوة في العراق أثبتت فشلها والأميركيون لن يكرّروها. ليست هناك عشائر بالمعنى الدقيق للكلمة والصراع في الأصل هو صراع سياسي وعسكري ويرقى فوق الهويات الدينية والقومية».

غير أنّه يلفت إلى إمكان دخول قطاعات شعبية واسعة في شمال وشمال شرق سوريا على خط قتال «النصرة» و«داعش»، مذكّراً بأنّ المواجهة المباشرة مع هذين التنظيمين سبق وبدأت وليست بالامر الجديد، وأنّ مجموعة من الجيش السوري الحرّ إنخرطت في هذه المواجهة وستكون نواة التحالف الذي تشكّل لهذا الغرض.

ويقول: «لا خطة عمليات على الأرض من دون مشاركة الإئتلاف وقوى المعارضة، لا الأميركيين ولا غيرهم في قدرتهم إرسال مقاتلين الى الداخل السوري، وإذا اقتصر الأمر على الضربات الجوية، لن تتم تصفية داعش والنصرة».

وإذ يؤكّد تلقي المعارضين السوريين المعتدلين التدريب في السعودية والأردن، يتساءل لماذا لا يتدرّب عناصر الجيش الحرّ في المناطق الخارجة عن سلطة النظام؟

حلّ المجلس العسكري

أمّا توقيت قرار رئيس الإئتلاف هادي البحرة بحلّ القيادة العسكرية العليا لا يرتبط بنظر سارة بضربات التحالف. ويقول: «حلّ المجلس العسكري كان سيجرى بغضّ النظر عن الضربات الجوية وهو سبق وتأجّل بته». لقد وصل وضع المجلس العسكري السوري الى حالٍ من التردي، ما تطلّب التدخل لحلّه، خصوصاً بعد مبادرة إتخذتها مجموعة أساسية في المجلس، والتي تتألّف من 120 فصيلاً وفي طليعتها جبهة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف.

ويشير إلى أنّه سيُعاد تشكيل القوى بالنسبة للقضايا الأساسية وفي طليعتها مكافحة الإرهاب. ويقول: «اليوم الظرف اختلف، لم يعد هناك خيارات أمام القادة العسكريين سوى أن يكونوا على قدر مستوى التحديات، وسنكون أمام فرز جديد للقوى المعتدلة التي تدعم الثورة وتعمل على تحقيق أهدافها وبين فريق يعتبر «داعش» والنصرة» مجرد مجاهدين أو فصيلاً إسلامياً سنّياً».

وإذ يجدد إدانته لممارسات «داعش» والنصرة»، يرى أنّ المطلوب أن يكون هناك «قوة عسكرية سورية على الأرض حصراً، لا أن ننتظر غرفة عمليات في الخارج، إن لم نحصل على تعاون أصدقاء الشعب السوري في إجتماعهم المقبل».

سياسياً، يقلّل سارة من الإرتدادات السلبية للتجاذب السعودي- القطري على وحدة الإئتلاف. ويقول: «لقد أضحى هذا الخلاف في أدنى مستوياته عقب ما جرى في اجتماع جدة حيث بُحثت مشاكل مجلس التعاون الخليجي»،

لكنّه يعتبر أنّه «كلما ضعفت قيادة المعارضة، يمكن أن تكون تأثيرات الدول وخلافاتها أكثر سلبية، والمطلوب من المعارضة السورية إعادة صياغة توازنها السياسي».

ويشير إلى أنّ تدخل الأميركيين المباشر اليوم «يختلف عما كان عليه الوضع في مؤتمر جنيف 2، ونحن نشهد مزيداً من التغيير، حتى الروس بدأو يفقدون مصداقيتهم لأنّهم يدافعون عن نظام يقتل المدنيين ولم يستطعوا منع تشكيل تحالف دولي ضدّ الأسد».

ويرجّح سارة أن تفتح الضربات الجوية «نافذة الحل السياسي» في نيسان المقبل مع تغيير الخريطة السياسية والعسكرية في سوريا، فإن لم تختفِ «داعش» و»النصرة» والإرهاب الذي تجسّدانه كلياً، لا شك أنّه نفوذهما سيضعف وهذا سيزيد قوة القوى الأخرى المعتدلة ويمنحها فرصة لتغيير مكانها والسيطرة على مزيد من الأرض.

ويقول: «سيكون للقوى المتصارعة وزنٌ جديد، النظام السوري بدوره في دائرة الخوف، لا يريد أن يخطئ لقد سبق وحذّره الأميركيون، إذا أطلق النار على الطائرات الأميركية سيتمّ ضرب كل الدفاعات الجوية السورية والمطارات».

خريطة التحالفات الإقليمية بدورها سوف تتغيّر في نظر سارة، وسط تمايز موقف إيران والنظام السوري من الغارات الجوية على سبيل المثال، فطهران اعترضت بخلاف النظام الذي رحّب، وبالتالي هذا مؤشر الى أنّ الأطراف ضمن التحالف الواحد تتباين في مواقفها. النظام السوري سبق وحذّر القوات الغربية من دخول أجوائه «ها هو اليوم يتراجع، في حين أنّ المعارضة التي لديها نفوذ أكبر في معالجة القضية السورية تتقدّم تدريجاً».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى