صفحات المستقبل

فراس ابراهيم ونجدةأنزور، وكل من عمل في مسلسل درويش..إلى الجحيم


غثيان…بداية انهيار عصبي… غضب شديد..هذا ما أصابني حين رأيت أول حلقات مسلسل “في حضرة الغياب” لنجدة أنزور عن محمود درويش، والذي يمثل شخصيته في المسلسل الممثل فراس ابراهيم..

 اكتب لكم الآن مباشرة بعد انتهاء الحلقة، وأنا أقضي أول شهر رمضان أمام شاطئ المتوسط رجوعا إلى الاسكندرية مرة أخرى في فندق يقع مقابل تمثال سعد زغلول اسمه “نيو كابري”…ولم يخفف جمال المنظر أو مثالية الفندق من توتري، فأنا أجلس في البلكونة وأكاد أنفجر قهراً وأكتب الكلمات بسرعة، رغم أني أشعر أنها أبطأ من فوران غضبي..

لم أصدق عيني من حجم التفاهة والمغالطات التي عرضها المسلسل في أول حلقاته فما بالكم في الحلقات التالية؟!، وبصراحة أنا أمسك نفسي غصبا عنها كي لا أطلق أقذع الشتائم على أنزور وفراس والمال الذي يدعم المسلسل، لذلك سأكتفي بسؤال بسيط لكل انسان جاء ذكره في المسلسل: كيف تسكتون على هذه المغالطات والتشويه المتعمد لشخص محمود العظيم؟، محمودنا نحن.. وليس ملك لسوريا ووزارتها التي يشكرها المسلسل وزارة وزارة ابتداءً من الداخلية التي تقتل الآن الأبرياء، وليس انتهاءً بوزارة الثقافة!.

كيف سكت أكرم هنية رئيس تحرير جريدة الايام برام الله والذي كان رئيس تحريري لمدة خمسة أعوام قضيتها أعمل هناك، كيف سكت عن المغالطات بحق صديقه وبحقه هو نفسه فهناك من يمثله في دور رئسي بالمسلسل مُظهرا اياه يبالغ بابتذال في وصف شعر درويش، وانتقاد الموظفين عنده من الصحافيين في الايام واتهامهم انهم لا يفقهون الكتابة، رغم أن هذا ليس أكرم هنية كرئيس تحرير وقاص وكاتب!..

 كيف سكتت إدارة مركز خليل السكاكيني على تصويرهم بأن مركزهم مكان لبطالة المثقفين، وتأتي فيه الفتيات الصغيرات لاهثات خلف درويش وهو سعيد بذلك ويقنعهن بلزوم تناول القهوة قبل التسرع في المغادرة!!، كيف ترضى اميمة خليل صاحبة اغنية “عصفور طل من الشباك” بالغناء في هكذا مهزلة؟.

 بالطبع لسنا بحاجة للتساؤل كيف لنجدة أنزور أن يخرج هكذا مسلسل فبعد  مسلسل”نهاية رجل شجاع”، لم يصنع شيئاً يستحق فقد وقع في غرام المال الخليجي والركاكة الدرامية خاصة في السنوات الاخيرة التي لم يخرج فيها بمسلسلاته خارج الغرف والصالونات الفخمة واللعب على جدلية الاسلاميين دون عمق.

كما أننا نعرف فراس ابراهيم ومحدودية موهبته، وجنون العظمة الذي يعتقده بنفسه كممثل لدرجة أنه يحسب بأنه قادر أن يكون شخصية درويش بكل عبقريتها، فيضع البودرة البيضاء على حواجبه والشعر المستعار الذي مرة يكون احمرا ومرة اسودا، والتجاعيد المبالغ فيها حول عينيه ونسي أن درويش ليس له مثل أوداجة المنفوخة بالدِعة اللزجة، وليس له مثل عينيه الغامقتين -اذا كان فيزيائيا يريد ان يكون درويش-، كما أنه ليس له اسنانه البشعة، ولا ذقنه….

يكتفي فراس بتقليد درويش بحركات يديه وكيفية جلساته معتقدا انه يمثل بروفا امام مجموعة من الاصدقاء ، وما يقتلك خاصة اذا كنت ممن يعرفون الرائع درويش كيف أنه يمثله بذلك الاستسلام الحزين للقدر، وانتظار الموت بابتذال لا يسعني معه سوى اللطم!!، نعم لقد لطمت رعبا من الشطط المتعمد، والتفاهة والسطحية التي صوروا بها درويش، فهو لم يكن ذلك المستسلم أبدا بل كان واثقا من الحياة، مصرا على آرائه، غير تابع حتى لفكرة الحزن،..متمردا على كل شيء، متواضعا بكبرياء، عصبيا بحنان، لقد اعتقد فراس وانزور ان مسلسل يتحدث عن الشاعر معناه الورود والشموع والجميلات بتبرج مبالغ به، والحزن والموت، واندهاش العينين، والمثالية السطحية التي سرعان ما يكسرونها بصبيانية تأخذنا لمزيد من المجهولية اتجاه هوية المسلسل وأهدافه.

  لا تتخيلوا ضعف صوت فراس وركاكة إلقائه معتقدا انه فعلا نجح في تصوير درويش، ان مقابلتي لدرويش خلال عام 2007 في مدينة سيئول بكوريا الجنوبية وبقائي معه في البرنامج ذاته لمدة تزيد عن اسبوع تجعلني أعرف بعضا من درويش الشاعر والانسان، لذلك اسمحوا لي أن أتمنى بكل ثقة للمسلسل وصانعيه ولأنزور وفراس وكل من ساهم فيه او اشتغل معهما او أخذ درهما واحدا من الانتاج أن يذهبوا الى الجحيم.

 من لم يسمع درويش فليسمعه عبر “الكاسيتات” الكلاسيكية والحديثة وعلى يوتيوب أيضا، ومن لم يرَ درويش يتحدث فليحضر الافلام عن حياته واللقاءات المصورة معه، ويقرأ أوراقه وشعره ويراقب حديثه الصادق الصامت في آن عن حياته وعن نفسه وعن النساء، وبعدها سيسخر بحرقة من أداء فراس ابراهيم وضحالة ميرنا المهندس، وسيعرف أنه من غير المعقول أن تتحول دمشق لرام الله بين ليلة وضحاها..

يا الله..أنقذنا من هؤلاء المدعيّن الذين يمسخون تاريخ كل شيء حولنا لمجرد ان هناك من يغدق المال عليهم لتدمير نماذج كُتابنا وفنانينا الرائعين، فمن قبل كان هناك مسلسل نزار قباني واسمهان، والان جاء الدور على درويشنا.

 لم تنفع الحملة الاعلامية التي قادها بعض الناشطين وبدأها شادي سمرة في دبي لمحاولة وقف المسلسل، لأنهم وقتها ردوا علينا: “انتم لا تمتلكون محمود درويش، وهو ليس منزهاً عن الخطأ”، ووقتها كنا نتوقع هذه الضحالة من فراس ابراهيم الذي يجب أن يضع أحدنا امامه المرآة ليريه ان حجم موهبته بحجم جسده الضئيل، والآن وبعد الحلقات الأولى نحن نتأكد من فجاعة هذه الركاكة ومحاولات التشويه، لذلك نعم نقول لكم أنه هو محمودنا، وهو المنزه عن التشويه ويجب أن نحميه منكم، ومن كل من يبيع حقوق حياته بهذه السهولة ويتصرف في مقتنياته الشخصية دون الرجوع لكل فلسطين، لأنه هو كل فلسطين.

أتيت إلى الاسكندرية بروح متآكلة عقب ايام صعبة قضيتها في القاهرة كي أستطيع أن أكتب عن مدينة نوفي ساد في صربيا التي زرتها منذ أسبوع، وبذلك أكمل الجزء الثالث من يوميات “هروب من الذات الى الذات”، ولكني صادفت مسلسل “في حضرة الغياب” على قناة جديدة فرّختها خصخصة الثورة المصرية اسمها “القاهرة والناس”، فأصابني الغثيان وشعور بالانهيار والاختناق لاني اعرف اننا لن نفعل شيئا وان فراس ابراهيم لو كان قد جلس عاماً بأكمله مع درويش فلن يستطيع ان يفهم كبرياء الشاعر غير المدعي وعشقه الصامت وذاته المتألمة بكبرياء كذلك انزور لن يفهم مدينة بروح رام الله وسيعتقد ان باب شقة يشبه شقة درويش وبضعة شموع وضعها حول فراس ابراهيم ستكون بمثابة مقاربة للشاعر محمود درويش!!..

اعرف اننا لن نتحرك ضد المسلسل وسيبقى فراس ابراهيم طوال رمضان يزعق بصوته الشاذ بأشعار وقصائد درويش فرحاً بنفسه انه يمثل الاسطورة، سنصمت وسيصمت كل من قبض مالا تباركه الغترة والعقال، لانهم  يغفلون ان درويش لم يكن يحب ان يفتش احد فيه، بل ان يحبه الناس كما هو الشاعر وكفى..

أتمنى من أصدقائه: فخري صالح وفيصل دراج، وزياد خداش، وصبحي حديدي، وغسان زقطان، وحسن خضر، ومرسيل خليفة -الذي أتمنى أن لا تكون له صلة بموسيقى المسلسل- أن يكتبوا ضد هذه الفبركة والتمثيل الفج الدبق ..وأن يدحضوا التقارير الكاذبة التي تقول أن أصدقاء درويش وزوجته-لم يكن متزوجا عند وفاته – يدعمون المسلسل..

أنتظر غضبكم\غضبكن

أسماء الغول

الاسكندرية

-2-8-2011

http://asmagaza.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى