صفحات العالم

فرصة عربية للأسد


ساطع نور الدين

ليس هناك حلّ عربي للأزمة السورية عرقله تأجيل زيارة الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي إلى دمشق. الأدق هو أن هناك عرضاً عربياً بمساعدة النظام السوري على الخروج من مأزقه الأمني والسياسي. وهو عرض لن يستمع إليه وسيرفضه بالتأكيد وبالحدة نفسها التي رفض فيها في الماضي القريب عروضاً تركية وغربية جدية للمساعدة، باعتبارها تدخلاً في شأن داخلي خاص به، وتأثيراً في اول اختبار فعلي للقوة يخوضه مع شعبه.

الأنباء عن مبادرة عربية للحل تتضمن اصلاحات سياسية واسعة وانتخابات رئاسية مفتوحة في نهاية الولاية الثانية للرئيس بشار الاسد في العام 2014، هي اشبه بنكتة لن يضحك لها احد في دمشق، ولن يبتسم لها احد من معارضي النظام، حتى اولئك الذين ما زالوا يعتقدون ان الاصلاح يمكن بل يجب أن يأتي بقرار من قصر الرئاسة السورية. وهم قلة تتقلص يوماً بعد يوم، وتنخرط في اليأس من إمكان تغيير سلوك النظام وفي الامل بسقوطه.

إرجاء زيارة العربي الى دمشق وقبلها الموقف الرسمي السوري الذي اعلن عدم الاعتراف بـ«المبادرة» التي يحملها، لا يقطع الطريق نهائياً على الجهود العربية لإنقاذ النظام من نفسه. ومن المستبعد ان تعلن الجامعة العربية أن مساعيها الحميدة تجاه الازمة السورية ستتوقف تحت اي ظرف، ومهما علت الشتائم والاتهامات الموجهة من العاصمة السورية، واللبنانية طبعاً، الى العرب، الذين يدركون ان التخلي عن سوريا هو أصعب وأخطر بكثير من التخلي عن اي بلد آخر يواجه اضطراب العلاقة بين نظامه وبين شعبه.ما ورد عن المبادرة، اذا كان دقيقاً، هو بالحد الادنى تراجع عربي واضح عن الموقف الغربي الذي أعلن أن النظام فقد شرعيته ودعا الأسد الى التنحي. لا يمكن للعرب طبعاً ان يرددوا هذا الموقف، نظراً للشكوك المحيطة بشرعية مختلف انظمتهم الحاكمة، ولان الاسد سيظل حتى اللحظة الأخيرة رئيساً معترفاً به من قبل تلك الانظمة.. وما زال مدعواً، حسب ما نشر عن المبادرة، الى خوض معركة انتخابات الرئاسة السورية المقبلة في صيف العام 2014 مع منافسين آخرين حزبيين او مستقلين، يفترض ان تتيح لهم الإصلاحات المقترحة فرصة المنافسة.

رد الفعل السوري على ذلك المقترح العربي، غير الرسمي، غريب جداً. والاغرب منه الاحتجاج الصادر من دمشق على استقبال الامين العام للجامعة معارضين سوريين ما زالوا يشاغبون على الإجماع الذي يتشكل تدريجياً داخل صفوف المعارضة السورية، والذي ادى الى انشاء المجلس الوطني برئاسة المفكر السوري برهان غليون.. وهو ما لا ينمّ فقط عن إنكار متماد لوجود الازمة او اصرار على مزاعم حول عسكرة الانتفاضة الشعبية او اسلاميتها او تورطها في مؤامرة خارجية، بقدر ما يعبر عن سوء تقدير لطبيعة النافذة التي يفتحها العرب للنظام تحديداً، والتي قد لا تؤدي الى انهاء الانتفاضة ذات الاصول والجذور المحلية السلمية الراسخة، لكنها يمكن أن تخفف من الآلام والأحزان التي تعيشها سوريا.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى