كتب ألكترونية

في بلاد الرجال/ هشام مطر

 

 

رواية توضح لنا أن الحب يبقى هو الحب على الرغم من الخيانة ، الحزن، الريبة، الغضب، الإرهاب السياسي… في بلاد الرجال رُشحت لجائزة بوكر المرموقة في بريطانيا. باكورة أدبية مثيرة للمشاعر ومميزة..

صحيفة الغارديان

قراءة في كتاب «في بلاد الرجال» لهشام مطر/ مدني قصري

كانت الترجمة العربية لرواية هشام مطر “في بلاد الرجال” هي أول ترجمة ترى النور بلغة مختلفة في المهجر. لقد كانت دار المنى بالسويد سبّاقة إلى نقل هذه الرواية – المرشحة لجائزة “بوكر مان” للأدب الإنجليزي – إلى القارىء العربي الذي لا شك أنه سيجد فيها من المتعة ، الأدبية على الأقل ، قدر ما وجد فيها القارى الأجنبي من متعة أدبية وسياسية معاً ، بعد اطلاعه على أحداثها المأساوية التي أبدع الكاتب في وصفها بلغة جميلة سلسة يستسيغها الكبار والصغار على السواء. فليس غريباً أن يهلل العالم لرواية هشام مطر “في بلد الرجال” حتى قبل صدورها ، كواحدة من ألمع روايات السنوات الأخيرة.

فهي ، كما قالت صحيفة التايمز البريطانية ، وأشاد بها ج.م كوتزيه الحائز على جائزة نوبل للآداب. ولد هشام مطر في نيويورك من أب وأم ليبيين. أمضى جزءاً من طفولته في طرابلس ، ثم في القاهرة. ثم سافر إلى لندن ليواصل دراسته. وهناك علم باختطاف والده العام 1990. ثم نقل بالقوة إلى ليبيا ليُلقَى به في غياهب السجون التي انقطعت فيها عن هشام أخبارُ والده منذ العام 1995. وقد كان وقْعُ هذا الحدث أليماً عميقاً على روح هشام ، فألهمه روايته الأولى هذه التي تثير اليوم التقدير والإعجاب..

“في بلاد الرجال” رواية تروي قصة الطفل سليمان البالغ من العمر تسع سنوات ، ذات صيف من عام 1979 في طرابلس ليبيا. قصة طفل في مجتمع يختنق سياسياً واجتماعياً. لكن هذا الطفل لا يهمه هذا العالم الذي لا يفقه فيه شيئاً. فهو مشغول بأشياء أخرى: بوالده رجل الأعمال الذي قيل إنه على سفر. وبوالدته التي يحبها ويخشاها في آن ، تلك المدمنة للشراب بلا انقطاع… الأم التائهة في هذيانها إلى حد الإنهاك والانهيار. في هذا البيت استحال كل شيء إلى همسات… إلى أسرار خفية… إلى عدوانية متواصلة. شدني في هذه الرواية هذا الحلم الذي أتقن الكاتب اختيار رموزه. وليت الكاتب بدأ به القصة. فهو في رأيي يلخص مأساة الطفل من البداية إلى النهاية.

إذ يقول : “في تلك الليلة حلمت أن بابا (أبي) يعوم على سطح البحر. كان الماء هائجاً يمور كأنه في الصميم ، يرغي ويزبد على التلال ، وأبي مستلقْ على ظهره ، مثل زورق صيد صغير يحاول الاستسلام لمشيئة البحر.

كنت هناك أيضاً ، أبذل جهدي لأبقي كتفي فوق الماء ، ولئلا يختفي عن ناظري ، لكن البحر ارتفع ، واختفى أبي من المشهد. واصلت السباحة. كنت أعرف أنني قريب منه. ثم رأيته فجأة متخشباً متصلباً. حينما مددت يدي لألمسه تحول إلى سمكة ، خفيفة الحركة ومجفلة. غاص بسرعة وابتعد. تمكنت من القاء نظرة على عموده الفقري الفضي يترجرج تحت الماء.

استدرت ولم ألمح أي شاطىء أعود إليه). لنتأملْ هذا الحلم المؤثر ونفك رموزه ودلالاته القوية. البحر هو الحياة التي دخلها الطفل في وقت مبكر ، وهو الأم الحائرة المضطربة الحنونة على ابنها ، وهو في الوقت نفسه الحب الذي كان دوماً هو الحلقة البارزة والمفقودة أيضاً في نسيج حياة هذا الطفل الذي عانى لبعد والده عنه معاناة أمه لبعد زوجها عنها. في هذه المعاناة لم يجد الطفل شاطئاً يعود إليه. غرق الأب لكن الطفل المؤمن بالحياة لم يبتلعه الموج العالي بل ظل “يسبح” في بحر الحياة. ومن هنا كانت البداية. بداية سلسلة طويلة من الاكتشافات المؤثرة في حياة الطفل سليمان الذي يختلط غموض الطفولة في ذهنه بعتمة النظام السياسي وغموضه. علم يخلق منه الكاتب في النهاية عالماً سردياً مؤثراً وعميقاً ، حتى أن القارىء لا يجد سبيلا لأن ينفصل لحظة واحدة ، وفي أية صفحة من صفحات الكتاب ، عن لحظات القلق والتوتر التي يسعى سليمان والقريبون منه إلى الهروب منها… عبثاً ، في بيت أسرة هشام لا شيء يطبع الجو العام سوى التوتر والاضطراب. فالأب غائب باستمرار. أما الأم ، التي زوّجها والدها قسراً وهي في الرابعة عشرة من عمرها ، فهي لا تفتأ تجتر طوال اليوم حزنها وغلها في العصبية والشراب. أما العالم خارج البيت فلا يقل كآبة وقلقاً عن عالم البيت الكئيب. فالنظام السياسي يلقي بكل ثقله على حياة الناس الذين لا حول لهم ولا قوة في مدح مآثر النظام والزعامة ، خوفاً من الحساب والعقاب. هكذا تظل نهارات الطفل سليمان ، خارج صحبة صديقه كريم ، والتجول على شاطىء البحر ، تمتد وتتمدّد إلى ما لا نهاية. في هذا السياق من التفسخ العائلي الخانق ، ومن الضغط السياسي المستمر يلتقي سليمان ذات صبيحة بوالده في وسط المدينة ، متخفياً وراء نظاراته الكثيفة السوداء. فلا حركة ولا إشارة. ويتظاهر هذا الأب – المعارض للنظام – بأنه لم يتعرّف على ابنه ، ولا على أمه… ويواصل طريقه لا مبالياً. وفجأة يستقر الخوف والوجل في نفس هذا الطفل الحائر: ترى ، من هم هؤلاء الرجال الذين يأتون لتفتيش البيت؟ ولماذا يقتاد رجال الشرطة والد صديقي كريم؟ ولماذا تحرق أمي كنز العائلة من كتب المكتبة ، كتاباً تلو الكتاب؟ في هذا العالم يسعى هذا الطفل ، ببراءته وروحه الطفولية ، إلى الكشف عن هويته وانتمائه ، بين أشخاص كانوا قريبين منه ، لكنهم بعيدون عنه في الوقت نفسه. ترافق الطفلَ في عالمه المرير هذا أمُّه المسكينة التي غالباً ما تنتابها حالات من الهياج والاضطراب النفسي ، فلا تلجأ إلا لابنها سليمان ، تعلق عليه الأمل في أن ينقذها يوماً من جحيمها ، ويخلصها من آلامها ، بعد أن اضطرتها الأيام القاسية لأن تتخلى بلا رحمة عن طفولتها ، هي الاخرى ، في وقت مبكر جداً. لنتأمل مرة أخرى صور الحلم…صورة “العمود الفقري ، وهو يترجرج تحت الماء”. في كثير من الأساطير القديمة يرمز العمود الفقري إلى الارتقاء والنمو والكمال ، وهو بعض التقاليد قاعدة أول مصدر للطاقة. فهو شجرة الحياة حقاً. لقد جاءت هذه الصورة في نهاية الحلم لتعلمنا أن الحياة مستمرة رغم انسداد الآفاق وانعدام الشواطىء.

 

لتحميل الرواية من الرابط التالي

 

في بلاد الرجال/ هشام مطر

 

 

صفحات سورية ليست مسؤولة عن هذا الملف، وليست الجهة التي قامت برفعه، اننا فقط نوفر معلومات لمتصفحي موقعنا حول أفضل الكتب الموجودة على الأنترنت

 

كتب عربية، روايات عربية، تنزيل كتب، تحميل كتب، تحميل كتب عربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى