صفحات العالم

قبل أن يبكي بشار


فواز العجمي

الوضع في سوريا الشقيقة يحتاج من كل مواطن عربي قومي المتابعة والمعالجة وتقديم المشورة والنصح للنظام السوري ليس حباً بهذا النظام أو بفكره الأيديولوجي البعثي الحاكم والذي تقزم وانحصر في مجموعة حاكمة انحرفت بسلوكها عن جوهر ومضمون هذه العقيدة وأفسدت الحزب والنظام معاً، بل إن هذه الفئة الفاسدة هي تلك الدودة الخبيثة التي نخرت سوريا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وهي التي أشار إليها الرئيس السوري بشار الأسد نفسه عندما اعترف بتفشي الفساد في بلاده مما دفعه إلى الإعلان عن ضرورة القيام بإصلاحات جذرية ورغم ما أعلنه من إصلاحات حتى الآن من قانون الأحزاب وقانون الانتخابات والإعلام إلا أن الشعب السوري يرى أن هذه الإصلاحات غير كافية ما لم يتغير الدستور برمته وخاصة المادة الثامنة والتي تعتبر حزب البعث الحاكم هو مصدر كل السلطات وليس الشعب العربي السوري.

لقد توجهنا بالرجاء إثر الرجاء للرئيس بشار الأسد ومعنا كل مواطن عربي قومي بأن يسارع في عملية الإصلاح والقضاء على الفساد والمفسدين وأن يسمح للشعب العربي السوري بالمشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأن يكون الشعب العربي السوري هو مصدر السلطات لا أن يحتكر حزب البعث هذه المسؤولية لأن اليد الواحدة لا تصفق لكن النظام السوري وضع في الأذن اليمنى طيناً وفي الأذن اليسرى عجيناً فلم يسمع ما نقول ولم ير ما نكتب وهكذا هي عادة أغلب الأنظمة الرسمية العربية لأنها لا تسمع إلا بأذنها ولا ترى إلا بعينها ولا تتكلم إلا بلسانها.

هذا النظام ورغم اندلاع الثورة الشعبية المطالبة بالإصلاحات والقضاء على الفساد وإفساح المجال للشعب العربي السوري بالتعبير عن رأيه وتوفير الأجواء الديمقراطية له والمطالبة بضرورة مشاركته في صنع القرار وهي تلك المطالب المشروعة التي اعترف النظام نفسه بشرعيتها رغم هذا الاعتراف فإنه لا يزال يراهن على الحسم الأمني بالقضاء على هذه الثورة ويراهن أيضا على أن هذا الشعب سوف يتعب ويمل ويكل ويهدأ وتنتهي هذه الثورة سواء بالقمع الأمني أو بمرور الوقت لكن هذه الثورة مستمرة منذ أربعة أشهر ولم تخمد ولم تلن أو تهدأ بل إنها تزداد ضراوة وحدة وشعبية يوماً بعد يوم وجمعة بعد جمعة لأن الشعب كسر حاجز الخوف وسالت الدماء في شوارع سوريا وهذا الدم لن يجف إلا إذا تحققت مطالب الشعب المشروعة والتي يقرها النظام السوري ويعترف بها الرئيس الأسد نفسه.

الآن وحسب رأيي وربما أكون مخطئاً فإن الفرصة لاتزال سانحة أمام النظام السوري لتحقيق مطالب الشعب قبل أن يسبق قطار الثورة هذه الإصلاحات وقبل أن تختطف هذا القطار قوة أجنبية حاقدة وتحرفه عن مساره وتمضي به نحو المجهول ولا يستبعد أن تأمره بل وتقوده نحو المحطة الصهيونية – الأمريكية وفي حال عدم التوقف عند هذه المحطة ليس مستبعداً أيضا أن تقوم بتفجيره من خلال إشعال حرب طائفية أهلية كما حدث بعد احتلال العراق الشقيق أو الإقدام على حرقه بالآلة العسكرية الغربية وبشكل مباشر تماماً كما حدث في غزو واحتلال العراق فالمؤشرات تشير اليوم إلى سيناريو غربي في غزو واحتلال لسوريا بعد أن سمعنا من مندوب روسيا في الأمم المتحدة بأن حلف الناتو يستعد لحرب ضد سوريا.. ولعل الأخطر من كل ذلك هو ما صرح به الرئيس الروسي منذ أيام عندما قال إن مصيراً حزيناً ينتظر الأسد!!

هذا التصريح للرئيس الروسي يحمل في طياته إنذاراً مرعباً وخطيراً ليس للأسد فقط ونظامه وإنما للشعب السوري وهو بنفس الوقت جرس إنذار للأسد وللنظام السوري لأنهم راهنوا على حصان خاسر واعتقدوا أن روسيا ستمنع أي قرار في مجلس الأمن يدين النظام أو يطالب بالتدخل الدولي، بل إنهم اطمأنوا إلى موقف روسيا في مساندتهم ودعمهم، بينما الحقيقة أن روسيا وأغلب دول العالم بما فيها الصين أيضا تبحث عن مصالحها الاقتصادية فقط فليس غريباً أن تبيع روسيا كل سوريا للغرب والصهيونية من أجل مصالحها، وهذا ما لمسناه في غزو واحتلال العراق عندما راهن النظام العراقي السابق على الموقف الروسي لكن روسيا خذلت العراق وخذلت القيادة العراقية، ولم تحرك ساكناً أثناء الغزو والاحتلال إن لم تكن قد ساهمت وساعدت هذا الاحتلال مقابل تأمين مصالحها لأن عصر الأيديولوجيات قد انتهى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وأصبحت المصالح الاقتصادية هي المحرك الرئيسي لمواقف الدول لهذا ليس غريباً أن يصدر هذا التصريح من الرئيس الروسي ويحذر الأسد من يوم حزين.

لهذا ومن أجل ألا نرى الأسد حزيناً أو نرى الشعب السوري حزيناً أو نرى الشعب العربي حزيناً، نرى ضرورة تحقيق مطالب الثورة الشعبية السورية فوراً وبدون تأخير أو تسويف أو مماطلة وهي مطالب مشروعة كما اعترف بها الأسد نفسه، لابد من تحقيق هذه المطالب الآن.. الآن.. وليس غداً وتفويت الفرصة على أعداء سوريا وأعداء الأمة العربية في تحقيق حلمهم وأهدافهم في أحياء خريطة الشرق الأوسط الكبير بعد أن ماتت هذه الخريطة في العراق الشقيق بفضل من الله ثم المقاومة العراقية الباسلة.

لابد من تلبية وتحقيق مطالب الثورة الشعبية السورية فوراً ” لتتغدى ” سوريا بأعدائها قبل أن ” يتعشوا ” بها أما الذين حاولوا ركوب القطار الأمريكي – الصهيوني وحاولوا زرع الفتنة بين أفراد الشعب السوري فالشعب السوري كفيل بهم هذا في حال تحققت مطالب الشعب لأن الشعب وحده قادر أن يلفظ هؤلاء ويرمي بهم في مزابل التاريخ.. وبعد أن تتحقق للشعب السوري مطالبه المشروعة فلن يحزن بشار.. ولن يحزن الشعب.. فهل سوف تحقق هذه الفرحة قبل أن يبكي بشار؟!!

الشرق القطرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى