صفحات الثقافةعلي جازو

قصيدتان من سورية

علي جازو

أتكلَّمُ إلى الموتى كلَّ يوم

لأنَّ الأمورَ، كما لم نعهدها من قبل،

رغم إشاراتٍ قاسية منسيّة،

نتساوى في لعنها ومحوها الآن،

ينبغي أن تحدث وتترافق دفعة واحدة،

مثلما تضاءُ وردةٌ وسط البرد والجوع،

كان عليّ أن أتكلَّمَ إلى الموتى كلّ يوم.

أن أسحبَ السّاعة من يدٍ مجهولة،

فهي قيّدتْ حياته، منهيةً عملَ المحايدين،

وصار من اللطف أن تهدأ،

لتتلقَّى، مثل صانعها، جرعةَ النهاية.

أن أجمّعَ الخبزَ للكلاب،

أن أرأفَ وألاطفَ فؤادَ النرجس المعذَّب،

ألّا أصرخَ ولا أقنطَ ولا أستنجدَ،

أن أتقبّلَ السَّلامَ كنملةٍ تتلقى دعسةً،

غافلاً عن خطواتٍ أخرى، سريعةً طائشة.

ومع ليالي أواسط شباطَ،

أرفعُ عني عبءَ كلِّ لحظةٍ،

في حَجَرٍ،

مدّخِراً شكلي القادم،

ذاك الذي سيكلّمُ الشَّمسَ مرة أخرى.

سيغلبنا النّعاس

نتكلَّمُ.

أحقّاً نتبادلُ الكلماتِ الكلماتِ،

كأنّنا لم نرَ صباحاً من قبل،

ولا مَسَّتْ أكتافَنا ريشة طائر ما؟

مستعجلين متحمسين،

دون أن يرأفَ أحدٌ بأحد،

يثقل علينا السيرُ من شارعٍ لشارع.

تخرج طفلةٌ مثل كرةٍ لا مبالية،

من رحمٍ سعيدة،

يولد نجمٌ، من عظام آمال مسحوقة.

ذاك بيتٌ، كان بيتاً،

آوى صباحاتٍ بطيئة،

ودخلته فصولٌ كثيرة.

تشير يدٌ هزيلةٌ إلى مرضٍ دائم،

لكن الجوع يهين يدَ المرض،

تلك التي تحمَّلتِ الألمَ وحيدةً،

تائهةً تجوبُ طرقاتِ الليل المتشابهة.

سيغلبنا النّعاسُ أيها القَتَلة،

سيغلبنا النّعاس.

في كلّ قلبٍ أهمسُ،

قبل أن يسبقَ نَدَمي حُمَّى لساني.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى