بدرالدين حسن قربيصفحات سورية

قطار النظام السوري والإعلام الكاذب


بدرالدين حسن قربي

الإعلام السوري من يوم يومه إعلام متميّز ومتفرد ومشهود له، وإنما مع ابتداء الثورة السورية المطالبة بإسقاط النظام زاد في جرعات التضليل والإفتراء بصورة غير مسبوقة، فوصل الأمر إلى منع كل وسائل الإعلام العالمية والعربية من تغطية الخبر السوري حرصاً على نقائه وصدقه ليبقى الخبر صناعة محلية خالصة كأسوأ أنواع منتجات النظام وأقبحها، حتى بات يُنادى عليه في المظاهرات الإعلام السوري كاذب، وصار قولهم: دخيل الله أوقفوا الكذب، مطلباً مضافاً إلى رحيل النظام.  وقريباً من هذا الكلام أيضاً ماقاله بشار الأسد منتصف الشهر الماضي في لقاءٍ له مع وفد أهالي جوبر الضاحية الدمشقية الكبيرة الذين انتقدوا الإعلام السوري، وحدّثوه عن كذبه وتضليله وإثارته للفتنة، فوافقهم أن التلفزيون السوري لا يعمل بشكل جيد، فهناك مناطق نفى التلفزيون وجود مظاهرات فيها، وتبين لنا عكس ذلك.

ومع ذلك، فليس قطار الإعلام في كذبه ودجله بأحسن حالاً من القطارات الأخرى للنظام المهرهر أو المهتري منها والشغّال، ونستدعي حادثة القطار قرب مدينة حمص فجر السبت 23 تموز/يوليو الجاري دليلاً واضحاً على وجوب خروجها من الخدمة وقد انتهى عمرها الافتراضي منذ سنين طويلة، وأخذ النظام حقّه ومستحقه من عمر ملايين السوريين مما يستوجب عليه الرحيل، فيكفيه عشرات الآلاف ممن قتل من السوريين، وأمثالهم تعذيباً وسجناً، وأمثال أمثالهم تهجيراً ونفياً في الأرض طوعاً وكرهاً، بل يكفيه ماارتكبه في الأشهر الخمسة الأخيرة من الجرائم ليرحل ويرتاح منه الناس.

أقل مايقال في حادثة القطار أنها كانت فيلماً مليئاً بالأخطاء، سييء الإعداد ورديء الإخراج، نفذته سلطات نظام يودّع أيامه الأخيرة.  أولها اختيار مكانٍ فيه سكك حديدية بديلة بجوار السكة التي تم تخريبها لتبقى حركة القطارات اللاحقة سالكة وهو أمر لايحرَص عليه المخرّب طبعاً إلا أن يكون عملاً مدبراً من قبل أجهزة رسمية متخصصة.  وثانيها الصور الإعلامية التي أظهرت أن القاطرة الروسية الصنع المستخدمة كانت من الصنف المنسّق من الخدمة من العام 1995، وعربات الركاب أيضاً منسّقة منذ عام 1998، وأن القاطرة والعربات بجملتها مما ظهر في الصور مستقدمة من مقبرة السكك الحديدية في حلب لأداء دورٍ مرسوم في فيلم قبيح، يُراد منه انتهاءً اتهام المتظاهرين وتشويه صورة احتجاجاتهم السلمية، ومن ثمّ تبرير الممارسات القمعية للنظام وتوحشه في القتل والاعتقال وغيرها من الممارسات الظالمة.  أما ثالثها فظنّهم أن المسّرح معدّ ومجهز، فتم إحضار المتفرجين من مراسلي وسائل الإعلام السورية وغيرها على غير العادة، وإنما لم يستطع أحد منهم البتة أن يرى أو يرينا ولو واحداً من مئات الركاب بل ولا أثراً لهم من متاع أو حقائب بجانب القطار المصاب مما يرى عادة في مثل هذه الحوادث.

بالمناسبة، ترتيب حادثة القطار وإخراجه عن سكته، وما قيل في المسألة على أية حال، يذكّرنا بما قيل عن تفجير كنيسة القديسَين في الاسكندرية عشية رأس السنة الحالية والاتهامات التي أطلقت، والاعتقالات التي كانت، وإنما بعد أربعين يوماً ليس أكثر، كانت تنحية مبارك عن الحكم.  ومن ثم انكشف المستور، وبان أن وراء التفجير جهات رسمية مافياوية إجرامية وعلى رأسها وزير الداخلية وقتها.  وعليه فإن أملنا كبير ألا تمضي أربعون يوماً على مافيا الجرائم السورية وشبيحتها أيضاً إلا وينكشف باطل قطار النظام الذي رتب له من قبل من اعتادوا الفبركة والتأليف والقتل والاعتقال والتعذيب، وتدور الدائرة عليهم، ويرى فيهم الشعب المضطهد يوماً أسود ينال فيه كل مجرمٍ منهم بسلطة العدالة والقانون جزاء مااقترفت يداه.  فيوم العدل على الظالم المفتري وإن تأخر قدومه، ولكنه أشد من يوم الجورِ على المظلوم.

إن نظاماً يستقدم قطاراً بقاطرته وعرباته من مقبرة السكك الحديدية، ليرتكب جريمة ينسبها إلى مواطنيه، ويلبّسها عليهم، ليبرر بها فظائع جرائمه وتوحش مجازره وانعدام انسانيته، هو نظام راحل وباتجاه واحد إلى مقبرة الأنظمة كما هي مقبرة القطارات ولكن روحة بلا رجعة، لأن صحيح أمر السوريين ومعهم عشرات الآلاف من أرواح شهدائهم ممن قضوا بفعل جرائمه وحقيقة قرارهم ليس قطاراً عابراً بالقرب من مدينة ابن الوليد، وإنما قطار النظام المستبد جملةً بقاطرته وعرباته.

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=NEXyN17Bq4U

http://www.youtube.com/watch?

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى