صفحات العالم

قميص عثمان السوري؟!


راجح الخوري

لا معنى لمهلة الأيام الثلاثة التي اعطتها جامعة الدول العربية لسوريا كي توقع بروتوكول بعثة المراقبين لمعاينة تنفيذ “المبادرة العربية” ووقف الأزمة الدموية المتصاعدة ، لأن وزير الخارجية السوري وليد المعلم كان قد اعلن قبل يومين “ترحيب دمشق بقدوم اللجنة الوزارية العربية وبمن تراه ملائماً من مراقبين وخبراء مدنيين وعسكريين ووسائل اعلام، للاطلاع على ما يجري والإشراف على تنفيذ المبادرة بالتعاون مع السلطات السورية المعنية”. هذا الكلام يبدو وكأنه موافقة مسبقة على قرار الجامعة!

الموافقة على استقبال المراقبين، لا تعني انهم سينزلون في دمشق بعد ثلاثة ايام كما قد يخال المستعجلون. اولاً لأن تشكيلهم يتطلب وقتاً طويلاً ومعاناة اطول من نبيل العربي، الذي سيحار من أي بلدان سيشكلهم وهل تقبل دمشق بما يحملونه من هويات و”سياسات”، وثانياً وهو الاهم لأنهم لن يركبوا بساط الريح الى سوريا إلا ” بعد توقيع الحكومة السورية البروتوكول وبعد وقف كل اعمال القتل والعنف”.

 واذا كان التوقيع لا يتطلب اكثر من “شحطة قلم”، فان وقف العنف والقتل مسألة عويصة ومعقدة جداً، وخصوصاً في ظل الوضع الميداني الملتهب وقياساً بطوفان الآلام التي تغرق المناطق السورية وتطبق على كثير من بيوت السوريين وقلوبهم. هذا يعني ان تشكيل بعثة المراقبين وإرسالهم الى سوريا يتطلبان وقتاً لا يقاس بالايام بل بالأسابيع وربما بالاشهر، لأن سحب الدبابات من المدن والمناطق وإزالة المظاهر المسلحة واطلاق المعتقلين لا يمكن ان يتم بين ليلة وضحاها.

ان مهمة المراقبين هي الاشراف على تنفيذ “المبادرة العربية”، وهذا يعني ان لا معنى لوصولهم الى سوريا قبل البدء بتنفيذ بنودها التي تنص على: “وقف كل اعمال العنف من أي مصدر كان (ليس سهلاً تحديد هذه المصادر بعد ثمانية اشهر من النار والدمار والانشقاقات العسكرية) وإخلاء المدن والاحياء السكنية من كل المظاهر المسلحة والافراج عن المعتقلين وفتح المجال امام المراقبين ووسائل الاعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع انحاء البلاد، للاطلاع على حقيقة الاوضاع هناك”. فهل هناك من يظن ان هؤلاء المراقبين سيتمكنون من الذهاب الى سوريا قبل ثلاثة اشهر على الاقل؟

 السؤال الأكثر دقة وحساسية: هل هناك من يشك في انه حتى لو تم كل شيء كما يتمنى المخلصون، أي تنفيذ “المبادرة العربية”، فهل من السهل الدخول في مسار اصلاحي من شأنه تغيير النظام في نهاية الامر، وهو ما لا تقبل المعارضة بأقل منه بعد كل ما سال من الدماء؟

كل هذا ليس خافياً على احد، لكن عندما يقال في الرباط ان العرب “قاربوا نهاية الطريق” بالنسبة الى سوريا، فهذا يعني انهم نفضوا او سينفضون قميص عثمان من النظام، تبرئة للذمة وتحسباً للآتي الذي لن يتحملوه كما فعلوا في ليبيا!

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى