صفحات الثقافة

قولوا لي بصراحة.. هل يمكن إصلاح الصحافة السورية؟!

 


خطيب بدلة

هل يمكن إصلاح الصحافة السورية؟ هذا السؤال أطرحه على أصدقائي هنا في الفيسبوك.. وأذكر لهم، على سبيل المثال، أن إحدى الصحفيات، وهي إنسانة مهذبة، تعمل في جريدة تشرين، وجهت إلي سؤالاً عن رأيي بالصفحات الساخرة المحلية، فأجبتها عن سؤالها، واشترطت عليها (إما نشره كما هو، أو استبعاده بالكامل)، وهي تقيدت بالشرط وقدمته كما هو.. ولكن الإدارة الجديدة (الإصلاحية) لجريدة تشرين استخفت بالرأي، فحذفت القسم الأكبر منه، وشوهته.. فأصبح شبيها بالآراء التي يبديها موظفو الإعلام السوري الكسالى.

وإليكم نص السؤال، ونص الإجابة، حرفياً:

ما رأيكم في موضوع ضعف الكتابات الساخرة في الصحافة المحلية؟

جواب خطيب بدلة:

يمكننا أن نحصر الإجابة عن هذا السؤال في عدة نقاط:

الأولى ذات بعد نظري،.. فالكتابة الساخرة وليدة المجتمعات المتخلفة التي تغيب فيها الحرية، وتحكمها علاقات غير طبيعية.. (وهذا ما يفسر لنا أن يكون الأدبُ الساخر في مصر وسورية وتركيا- على سبيل المثال- مزدهراً، وألا يكون له وجود على الإطلاق في بلدان كسويسرا والبرتغال والسويد..).. وفي الوقت نفسه يحتاجُ نشرُها إلى حرية واسعة، وعلاقات سياسية واجتماعية وإنسانية طبيعية.

الثانية تتفرع عن الأولى.. وهي أن المسؤولين عن النشر في الصفحات الساخرة السورية يعاملون الكتابة الساخرة معاملة خبز الشعير الذي كان الناس يضطرون لتناوله في الحروب، وبعد أن ينتهوا من التهامه، بسبب الجوع، يذمونه، ويقولون عنه:: نعته، وصفته!

وللتوضيح: إنهم، يضطرون للتعاطي معه لأنه محبوب لدى الناس، ويمكن لصفحة ساخرة جيدة أن ترفع مبيعات الصحيفة، ولكنهم، في الوقت نفسه، يحاربونه، لأنه قد يسبب لهم (وجع راس)..

هذا يقودنا إلى النقطة الثالثة، وهي نوعية الناس الذين تعينهم السلطات في مواقع النشر والتحرير في الصحف. فهم، للأسف، وفي الأغلب، أناس يفتقرون إلى المهنية، وأنا أعرف أمين تحرير، في إحدى الصحف السورية الثلاث الكبرى- وإذا لزم الأمر أسميه بالاسم- لديه عجز تام الأركان عن صياغة جملة مفيدة واحدة.. هذا الرجل بإمكانه أن يُجيز مادة ساخرة، وأن يستبعد مادة ساخرة، وأنا أحلف على المصحف الشريف أنه، في الأساس، لا يفهم لماذا أجاز، ولماذا استبعد.

وجود هذه النوعيات لا تخرب الصحافة الساخرة في سورية وحسب.. بل إنها تخرب الصحافة بشكل عام.. وقد تم ذلك بالفعل.. كما تعلمون..

الرابعة هي الأخرى مشتقة من سابقاتها.. فالحالة العامة المتعلقة بـ (نقص) حرية التعبير السائدة.. أدت إلى وجود هاجس دائم لدى المشرفين على الصفحات الساخرة، هو الاعتماد على السخريات والفكاهات والطرائف التراثية.. واستبعاد الطرائف المعاصرة، لأنها توقع المسؤولين عن النشر في حيص بيص.. باعتبار أنهم، كما أسلفنا، من النوع الذي لا يحب النوم بين القبور لئلا يرى منامات وحشة.

لقد مل القارىء العربي، والقارىء السوري من الكتابات التراثية التي كانت تنشر تحت مسمى الكتابات الساخرة.

الخامسة: ربما كان بعض المسؤولين عن النشر يعتقدون بأن محاربة الكتابات الساخرة لها علاقة ما بالنضال ضد المؤامرات وما شابه ذلك.. بدليل إن رئيس تحرير الثورة الأستاذ علي قاسم.. أول شيء فعله مع بداية الأحداث في سورية أنه أوعز بإيقاف الصفحة الساخرة!!..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى