صفحات العالم

كبير مستشاري الرئيس التركي لـ«الأخبار»: لا نخشى تغيّر الأنظمة لأنّ الشعوب معنا

 


أرنست خوري

يبدو المسؤولون الأتراك شديدي الثقة عندما يُسألون عن سرّ موقفهم الحالي من الأحداث السورية. ثقة تنبع من قدرتهم على الإجابة من دون تردُّد، بأنّ موقفهم كان هو نفسه من تونس ومصر واليمن وليبيا فالبحرين وصولاً إلى سوريا: رياح التغيير حتمية في المنطقة، ولا بديل من الاستجابة لطموحات الشعوب. أكثر من ذلك، فإنّ تركيا غير قلقة من التغيير الذي قد يحصل في دول صديقة جدّاً، حتى لو كانت سوريا، ببساطة لأن أنقرة تدرك أنّ الشعوب العربية «تتقدم حكّامها من ناحية النظرة الإيجابية إلى تركيا وإلى دورها»، بالتالي فإنّ تغيُّر الأنظمة لن يعني انهيار العلاقات مع تركيا.

وعن السجال حول الموقف التركي من الأحداث السورية، رأى كبير مستشاري الرئيس التركي، أرشاد هرمزلي، في حديث مع «الأخبار»، أنه «كان من الطبيعي أن تدعم تركيا مطالب الشعب السوري، مثلما فعلنا في جميع الدول العربية التي حصلت فيها انتفاضات شعبية. كذلك كان من الطبيعي أن نخاطب السلطة السورية بأنه يجب الإصغاء للمطالب المحقّة والعادلة للشعب السوري. هذا كل ما قلناه لقيادة الرئيس بشار الأسد، ونحن مقتنعون بأنّه إذا كان الشعب يرضى بالإصلاحات التي أعربت السلطات عن استعدادها للقيام بها، فإنّ هذا يخصّه وليس لدينا رأي في ذلك». وأضاف أنّ القيادة التركية أبلغت نظيرتها السورية أكثر من مرة «أننا لسنا ضدّ أي نظام ولا مع أي نظام، بل نحن دائماً مع الشعوب؛ هناك حاجة إلى التغيير في المنطقة، وبدل أن يُفرَض هذا التغيير من الخارج، فليحصل من الداخل، والحل لا يكمن باستخدام القوة والعنف، بل بأن يتقدّم القادة والزعماء على شعوبهم من خلال الإسراع في تنفيذ الإصلاحات».

وردّاً على اتهامات النظام السوري وإعلامه لتركيا بأنها تحتضن قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» السوريين وتفتح لهم المنابر، أجاب هرمزلي بأنّ أنقرة «لا تحتضن أحداً، وكل ما في الأمر أنّ الديموقراطية تلزمنا بالسماح لأي أحد بالاجتماع بحريّة، ما دام لا يحرّض على العنف والإرهاب والتطرف». ولدى سؤاله عن إعلان السلطات السورية أنّها تنظر إلى «الإخوان المسلمين» على أنه تنظيم إرهابي، تماماً مثلما تنظر تركيا إلى حزب العمال الكردستاني، وبالتالي فإنّ احتضان تركيا لـ«إخوان» سوريا سيُنظر إليه كما يُنظر إلى احتضان سوريا لـ«العمال الكردستاني»، أشار كبير مستشاري الرئيس التركي إلى أنّه «لا مجال للمقارنة بين الإخوان المسلمين السوريين والعمال الكردستاني؛ فمن جهة، هناك مؤتمر سلمي ضمّ عشرات الأشخاص في فندق، ومن ناحية ثانية لدينا تنظيم إرهابي مسلَّح»، لافتاً إلى أن مؤتمر المعارضة السورية في إسطنبول في نيسان الماضي «لم يكن للحكومة التركية أي علاقة به». وهنا ذكّر المسؤول التركي بتجارب عديدة شهدتها تركيا مع المعارضات العربية التي تنشط على الأراضي التركية، منها «المعارضة العراقية والتنظيمات الفلسطينية ممن عقدوا لقاءات علنية على الأراضي التركية، عبّروا فيها عن رأيهم بحرية من دون الدعوة إلى العنف»، مشدّداً على أنّ تركيا «لا تدخل إلى الدول إلا عبر أبوابها الشرعية»، أي من خلال العلاقات النظامية مع حكوماتها.

أما عن الاتهام السوري لتركيا بأنّها تستضيف على أراضيها محطّة إذاعية تابعة لـ«الإخوان المسلمين»، فأجاب هرمزلي «لا علم لي بوجود هذه المحطة الإذاعية في تركيا». وعن أسباب الغضب السوري من الموقف التركي إزاء الأحداث، رأى أنّ هناك سوء فهم كبيراً من الجانب السوري لحقيقة الموقف التركي. وأعطى مثالاً عن سوء الفهم السوري للموقف التركي، ما حصل حين رأى رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان أنّ تركيا تتعامل مع التطورات السورية كأنها شأن داخلي تركي، موضحاً أن أردوغان «قصد من كلامه هذا الشعب التركي لا الحكومة، بهدف تفسير مدى الأهمية التي توليها تركيا للوضع السوري، وهو ما فهمه البعض في النظام السوري على أنه تدخّل في الشأن السوري الداخلي». وهنا، فضّل عدم الردّ على الحملة المناهضة لتركيا التي تخوضها بعض وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري بنحو مباشر أو غير مباشر، موضحاً أنّ وسائل الإعلام في أي دولة، «غير ملزمة لحكوماتها، وبالتالي فإننا غير ملزمين بالرد عليها ولا باعتبارها تعبّر عن وجهة نظر النظام»، معرباً عن أمله أن يفهم أركان النظام السوري أيضاً أن الحكومة التركية غير مسؤولة عما ينشر في وسائل الإعلام التركية.

كذلك رفض رفضاً قاطعاً مناقشة الرواية التي تحدثت عنها وسائل إعلام سورية عن وجود خطة منسَّقة بين أنقرة وواشنطن للتمهيد لإيصال «الإخوان المسلمين» إلى الحكم في سوريا على قاعدة أنهم ينتمون أيديولوجياً للخط الذي ينتمي إليه حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، وهو خط «الإسلام المسالم»، بما أنّ عبارة «الإسلام المعتدل مرفوضة بالنسبة إلينا». وجزم بأنّ السياسات التركية «تُطبَخ» في المطبخ التركي وليس في أي مكان آخر، «لذلك لا مجال للكلام عن تنسيق بين واشنطن وأنقرة في هذا الشأن». وهنا، لم يتردّد هرمزلي في نفي وجود أي تنسيق تركي ـــــ قطري مشترك بشأن الأحداث العربية، بدليل أنّ فضائية «الجزيرة» انتقدت الموقف التركي من الشأن الليبي، عندما اعترضت أنقرة على قرار حلف شمالي الأطلسي وبعض الدول العربية بشن الحملة العسكرية على ليبيا. وفي إطار تشديده على ضرورة أن يحصل الإصلاح والحوار الوطني سريعاً في سوريا، أعرب هرمزلي عن عدم خشية أنقرة من تغيير أنظمة، حتى ولو كانت صديقة لها في المنطقة، «لأن الشعوب العربية تتقدم حكامها من ناحية النظرة الإيجابية إلى الدور التركي في المنطقة، وبالتالي لا نخاف أن تحل أنظمة جديدة بدل تلك الموجودة حالياً، لأن علاقاتنا سوف تكون جيدة مع أي نظام كان».

معدَّل قياسي من سوء الفهم

مع اتخاذ تركيا أول مواقفها الداعية إلى الاستجابة لمطالب الشعب السوري، بدا جلياً أن القيادة السورية فهمت أن أنقرة ذاهبة حتى النهاية في ضغطها على نظام الرئيس بشار الأسد. منذ ذلك الوقت، والإعلام السوري و«أصدقاء دمشق» يترصّدون أي كلمة تصدر عن أي مسؤول أو حتى صحافي تركي، لوضعها في خانة سوء النيّات التركية.

وحتى عندما حاول رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان الإشادة بعلمانية النظام السوري، على طريقته الشعبوية، مشيراً إلى أن الرئيس الأسد علوي المذهب، بينما زوجته سنيّة، شعر عدد من المسؤولين السوريين بالإهانة الوطنية على قاعدة أنّ هذا الكلام يتضمّن تحريضاً للغالبية السنيّة ضدّ الأقلية العلوية.

وعن هذه المسألة المذهبيّة، أكّد مركز دراسات «أورسام» (من بين مراكز الدراسات المعروفة في تركيا) أنّ «العلويين العرب المقيمين في تركيا، في منطقتي أضنة وهاتاي الحدوديتين تحديداً»، قرأوا الموقف التركي النقدي تجاه النظام السوري والحملة الإعلامية التركية على أنهما «حملة سنيّة ضدّ العلويّين».

وفجأة، تذكّر بعض الكتّاب السوريين والعرب المؤيدين لنظام الأسد أنّ تركيا ـــــ العدالة والتنمية تحمل مشروع «العثمانية الجديدة» لقيادة المنطقة، ولتحل مكان مراكز قوى عربية تقليدية.

أيضاً استفاق بعض «أصدقاء النظام» على أن لتركيا معضلة اسمها القضية الكردية، وأنّ هذه القضية تمنع «العثمانيين الجدد» من إسداء النصح إلى الآخرين في الديموقراطية والمساواة والحقوق.

أما العلاقة «الإيديولوجية» التي يبدو البعض في سوريا مقتنعاً بأنها تجمع بين الإخوان المسلمين السوريين وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، فقد نالت النصيب الأكبر من التعليقات في الأيام الماضية في الإعلام السوري، من خلال التشديد على أنّ تركيا تحتضن «الإخوان» وتدعمهم وتموّلهم، بدليل السماح لممثلين عنهم بعقد اجتماعات على أراضيها. وكلام المسؤولين الأتراك الذي كان يقابل بالتصفيق بشأن حلم إزالة «الحدود المصطنعة» بين دول كتركيا وسوريا، صار مستهجناً وتدخُّلاً في الشؤون السورية الداخلية، عندما أشار أردوغان في الفترة الأخيرة إلى أن تركيا تتعاطى مع التطورات السورية كأنها شأن داخلي تركي. الأمر نفسه ينطبق على قرار السلطات التركية تهيئة كل الظروف لتوفير كافة احتياجات مواطنين سوريين قد يضطرون إلى النزوح من الأراضي السورية نحو تركيا، على غرار ما حصل على الحدود مع لبنان.

 

هنا أيضاً لاقت خطوة إعداد الخيم والمساعدات اللوجستية على الطرف التركي من الحدود ردود فعل سلبية جداً في أوساط النظام السوري الذي رأى في الإجراء تشجيعاً على نزوح السوريين إلى تركيا. وقد يجد الإعلام السوري مناسبة جديدة لانتقاد تركيا التي استقبلت مستشفياتها 13 جريحاً سورياً حتى الآن، ووفّرت لهم الرعاية الطبية، وآخرهم وصل إلى مستشفى أنطاكيا الحكومي، أول من أمس، من محافظة إدلب السورية الحدودية، فضلاً عن استقبال بعض النازحين منذ 29 نيسان الماضي.

وغير بعيد عن ذلك، زخرت الصحافة السورية، وخصوصاً «الوطن»، بانتقادات لـ«التشاوف» التركي واللهجة «الواعظة»، وهو تعليق يرد في كل مرة يعرب فيها أردوغان عن خشيته من تحوُّل الصراع في سوريا إلى مذهبي، وفي كل مرة يدعو فيها الرئيس السوري وحكومته للمسارعة إلى الإصلاح. كلها أمور يضعها الحكام الأتراك في خانات سوء الفهم السوري للموقف التركي الراغب في بقاء الأسد رئيساً، لكن لنظام مختلف عن الموجود حالياً، والمرعوب من أثر تدخّل أجنبي أو حرب أهلية ومذهبية على استقرار منطقةٍ لا يمكن تركيا أن تكون الأقوى فيها، في حـــال بقائهــا بؤرة للنزاعات.

الصحافة التركيّة في خندق واحد: موقف أنقرة غير كاف

تكمن إحدى المشاكل الجديدة للنظام السوري مع الموقف التركي إزاء حركة الشارع، في النبرة اللاذعة للإعلام التركي عموماً إزاء نظام الرئيس بشار الأسد، رغم أن جزءاً كبيراً من هذا الإعلام لا يزال يرى أنّ موقف تركيا يبقى متذبذباً حتى الآن

في رحلة البحث عن تعاطي الصحافة التركية مع الأزمة السورية، تندر الأسرار، وتكثر التقارير والتسريبات والتحليلات بعكس ما يحصل عادةً في الإعلام التركي المتمحور حول شؤونه الداخلية أكثر من الاهتمام بالملفات الخارجية التي تبقى متابعتها حكراً على «نخبة» مثقّفة أو على صحافيين وجامعيين ومتخصصين. ويأتي الخبر السوري في معظم هذه الأيام في المرتبة الثانية بعد الاستعداد لانتخابات 12 حزيران المقبل ومتفرعات هذا الاستحقاق من فضائح جنسية تلاحق أحزاب المعارضة التركية وترشيح زعماء عصابات «إرغينيكون» على لوائح تلك الأحزاب. وكان هذا الاهتمام الإعلامي الاستثنائي بالحدث السوري أحد أسباب الغيظ السوري الكبير، بما أنّ الفوارق من ناحية مقاربة التطورات عند الجار السوري زالت بين صحف معارضة وأخرى موالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ولتصب معظم التحليلات والآراء بعكس مصلحة نظام الرئيس بشار الأسد. وترى الأستاذة الجامعية والخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، مليحة ألتونيشيك، في مقابلة مع صحيفة «حرييت دايلي نيوز»، أعرق الصحف التركية التي تملكها امبراطورية «دوغان» الإعلامية المحسوبة على حزب مصطفى كمال أتاتورك، «الشعب الجمهوري»، أنّ الأسد «استمع في بداية الأزمة للنصيحة التركية، لأنه ظنّ أنّ بعض الإصلاحات ستكون كافية لوقف حركة الشارع». لكنها تستدرك أنّ الأسد أدار أذنه في ما بعد «للصوت الايراني الذي نصحه بسحق التظاهرات»، على قاعدة أنّ التجربة الايرانية في قمع حركة المعارضة في حزيران 2009 وما تلاها، كشفت عن نجاح أسلوب القوة العنفية ضد التظاهرات. وأشارت ألتونيشيك إلى أنّ الأسد اعتمد في لجوئه إلى القوة على ثقته بأن الغرب لن يتدخل في الأزمة السورية، وخصوصاً في ظل فشل الأخير في ليبيا. ولا ترى ألتونيشيك أنّ السياسة التركية واضحة في معارضة طريقة تعامل نظام الأسد مع التظاهرات، بما أنّ حكومة أردوغان ترى أن عليها الإبقاء على علاقات إيجابية مع الأسد، «لذلك نرى هذه السياسة التركية الملتوية والمتذبذبة إزاء الأزمة السورية». في المقابل، يرى الكاتب التركي المعروف يوسف كانلي أنّ كلّاً من إسرائيل والسعودية وإيران وتركيا سيسعون إلى الحفاظ على نظام الأسد حرصاً منهم على مصالحهم، كل لأسبابه، من بينها أنّ انهيار النظام السوري سيتسبب في فتح الأبواب أمام مشكلة كردية كبيرة بالنسبة إلى تركيا، فضلاً عن أنّ سقوط نظام الأسد «سيؤدي إلى فقدان سيطرة دمشق على حزب الله وحركة حماس، وهو ما سيمثّل تهديداً وجودياً بالنسبة إلى إسرائيل»، على حد تعبير كانلي. وبحسب تحليله، حتى بالنسبة إلى السعوديين الراغبين في القضاء على التحالف السوري ـــــ الايراني، فإن تغير النظام في سوريا «سيفتح لهم صندوقاً سرياً لا أحد يعرف على ماذا يحتوي». رأي يشاركه فيه الكاتب قدري غورسل في صحيفة «ملييت»، وهو يركز بدوره على مواضيع ينظر إليها السوريون على أنها «تابو» حقيقي، كاستخدام مصطلحات «الحكم المذهبي العلوي» في سوريا، وأهمية أن يبقى هذا المذهب حاكماً في دمشق بالنسبة إلى حلفاء سوريا كإيران وحزب الله في مقابل أيّ ثمن. كلام يؤسس عليه غورسل ليهاجم «الصمت التركي إزاء الجرائم»، وذلك في مقال له بعنوان «إن لم نكن قادرين على القول ارحل للأسد، فلنقل له تعال»، في إشارة إلى اقتراح بأن تعرض أنقرة اللجوء السياسي على الأسد!

حكّام أنقرة و«جنون العظمة»

عندما يأتي الدور لأركان الإدارة التركية ليكتبوا عن الانتفاضات العربية عموماً، وبينها حركة الشارع السوري، تبرز علامات ثقة بالنفس تلامس حدّ الزهو، وهو ما ينال حصّته من الانتقاد، ليس في الصحافة السورية فحسب. أساس الانتقاد يقوم على أنّ الخطاب التركي يتخذ طابع الوعظ، الذي يترجم وقوع بعض الأتراك في فخّ الشعور بجنون العظمة، أو القوة المبالَغ بها، نتيجة ازدياد المكانة الاقتصادية لدولتهم، والنظرة الإيجابية إليها، التي باتت تتمتع بها في المنطقة بعد محطّات سياسية كبيرة، وخصوصاً على صعيد مناصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن قطاع غزة المحاصَر وتحدّي إسرائيل…

ويعطي هؤلاء أدلة كثيرة على هذا السلوك التركي «المغرور» و«المتشاوف»، ليس على صعيد الأزمة السورية فحسب، بل أيضاً في كل ما يحصل في الدول العربية وانتفاضاتها الشعبية. ويمكن هنا إيراد فقرة من مقال كتبه إبراهيم كالن، وهو أحد أبرز مستشاري رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، في صحيفة «توداي زمان» بتاريخ 18 أيار الجاري، جاء فيه، ما حرفيته: «إنّ انخراط تركيا في علاقات مع لاعبين سياسيين عديدين في الشرق الأوسط، مصنَّفين من جانب البعض متطرّفين أو حتى إرهابيين، يؤدي دوراً كبيراً في جعلهم فاعلين جداً في الحياة السياسية. ونظراً إلى الوقائع السياسية الجديدة في مصر وتونس والأراضي الفلسطينية ولبنان وليبيا وأماكن أخرى، لم يعد هؤلاء اللاعبون سريّين أو منظمات غير شرعية. ولتبسيط الموضوع، نتحدث عن الإخوان المسلمين في مصر، وحركة النهضة في تونس، وحماس في فلسطين، وجميع هؤلاء سيؤدّون دوراً مهماً وشرعياً في المستقبل السياسي لدولهم. (…) لقد تعرضت تركيا على نحو ظالم للانتقاد بسبب انخراطها مع هؤلاء اللاعبين السياسيين، لكن، لسخرية القدر، فقد أصبحوا الآن جزءاً من النظام السياسي الصاعد في العالم العربي». هو كالن نفسه الذي كان سباقاً من بين الحكام الأتراك إلى تحديد قواعد اللعبة في ما يتعلق بالثورات العربية بالنسبة إلى الدبلوماسية التركية، عندما رأى أنّ تغيير الأنظمة في الدول العربية «ليس مسألة محلية بحتة، بل إقليمية ذات تداعيات عالمية»، معرباً عن قناعته بأنّه ليس على تركيا أن تقترح على العالم العربي اتّباع «النموذج التركي»، بل أن تنتظر العرب لكي يطلبوا اتخاذها نموذجاً. سقف مرتفع من الكلام يرى البعض أنه يعبّر عما سبق لأردوغان أن وضع أسسه في إسطنبول بتاريخ 14 آذار، عندما حدّد الخطوط العريضة التي تضع من خلالها تركيا استراتيجيتها في التعامل مع الانتفاضات العربية، قائلاً إنّ «القائد السياسي الحقيقي هو مَن يمكنه أن يقود بلده نحو الوجهة الصحيحة، وأن يتأقلم مع التغيير. على جميع القادة (العرب) أن يفهموا أنه يستحيل وقف التغيير، والزعيم الذي لا يستمع إلى مطالب شعبه سيُهزَم، آجلاً أو عاجلاً».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى