كتب ألكترونية

كتاب أشهر الرسائل العالمية من أقدم الأزمنة إلى الوقت الحاضر ترجمة محمد بدران

مقدمة ترجمة ” أشهر الرسائل العالمية” – المترجم القدير: محمد بدران

إذا كانت السير أكثر فروع الأدب ظرافة ومتعة فإن أكثر ما في السير من طرافة ومتعة الرسائل الشخصية. ذلك أن رسائل الشخص هي روحه سافرة، ومرآة قلبه الصادقة، ينعكس عليها ما يدور بخلده وما يخفيه في قرارة نفسه، فيظهر فيها واضحاً على حقيقته غير مشوّه ولا معكوس، يظهر فيها حتى في أثناء تكونه قبل أن يستكمل عناصره ويتخذ شكله النهائي.

فالرسالة تسجل الحياة العقلية لكاتبها، وتعين على تحليل غرائزه وعواطفه، والأسس الحقيقية التي تقوم عليها أعماله. والرسالة تنم عن أخلاق كاتبها، وعن الأسباب الخفية لسلوكه وأعماله عَرَف ذلك أو لم يعرف، وتظهر الأمور الصغيرة التافهة الكامنة وراء الحقائق العظيمة، وتذكرنا بأن التاريخ كان في يوم من الأيام حياة حقة، وأن أشخاصه كانوا رجالاً ونساءً أحياء.  وإن كنزاً من هذه الرسائل لهو في الحق كنز من العواطف الصادقة الحية، ظهرت للعالم صريحة غير مكبوتة. وما أصدق ما قيل في وصف الرسائل: “إن للرسائل أرواحاً، وإنها لتتكلم، وإن فيها من القوة ما يعبر عن نشوة القلب، وليس ينقصها شيء من حرارة العواطف، وإنها لتبعثها في القلب كما يبعثها الكاتب نفسه، وفيها كل ما للكلام من رقة وحنو، وقد يكون فيها أحياناً من الجرأة على التعبير مالا يستطيعه الكلام”.

وإذا كان أكثر ما يهتم به المؤرخون هو أخبار الملوك وحروبهم فإن الرسائل الشخصية هي التي يجب الرجوع إليها لمعرفة الناس على حقيقتهم، والكشف عما كانوا يخفونه من أخلاقهم وأعمالهم عن أعين غيرهم في الحياة العامة. ذلك أن صندوق الرسائل، كما قال شيشرون، “مستودع مقدس” يضع الناس فيه أسرارهم وهم واثقون من أنهم قد ألقوا بها في مكان أمين، وأن ما حوته من الأسرار لن يطلع عليها إلا المرسلة إليهم.

من أجل هذا عنينا بترجمة الرسائل التي يحويها هذا الكتاب، ولم نقتصر على نوع واحد بل حاولنا أن ننوعها بقدر المستطاع، فذكرنا منها ما يصف عواطف كاتبها من حب واستعطاف، وما يعنى بالحاذثات الهامة التي غيرت مجرى التاريخ، أو بالشخصيات البارزة التي كان لها أعظم الأثر في هذا العالم ملوكاً كان أصحابها أو فلاسفة أو رجال دين، رجالاً أو نساء، شيباً أو شباناً. وكثير منها رسائل خاصة لم يكن كاتبوها يظنون أن أحداً سيطلع عليها في يوم من الأيام.

ولم نقتصر في هذا الكتاب على إيراد الرسائل وحدها، بل قدمنا لكل رسالة ببيان واف عن الباعث على كتابتها، وأوضحنا بعض ما حوته من إشارات غامضة. نعم إن الرسالة في بعض الأحيان تقص قصتها بنفسها، ولكنها حتى في هذه الحال تصبح أشد وضوحاً وأكثر متعة إذا عرف القارئ شيئاً عن كاتبها، وعن الباعث على كتابتها، وما كان يحيط به من الظروف وقت أن كتبها؛ ومن أجل هذا يرى القارئ في بعض الأحيان أن رسائل قصيرة سبقتها مقدمات طويلة. وقد أتبعنا كل  رسالة بالرد عليها تارة وبخلاصة هذا الرد تارة أخرى، أو بما كان لها من أثر وما أعقبها من نتائج إن لم يكن لها رد.

والرسائل منقولة بنصها الكامل فلم يحذف من هذا النص إلا القليل النادر، وقد أشير فيها إلى أجزائها المحذوفة، وهي مرتبة حسب أقدميتها ولكن في نيتنا متى تم ما نريد ترجمته منها أن نزتبها كلها حسب موضوعاتها، وأن نتبعها بفهرس يحوي أسماء كتابها ومن كتبت إليهم، ومن وردت أسماؤهم فيها كما هي في الأصل الأنجليزي.

وليست الرسائل التي أثبتناها هنا هي خير الرسائل العالمية على الدوام، ولكن الذي روعي في اختيارها أن تمثل أكثر ما يمكن تمثيله من ألوان الأدب، أو أن تلقي أكثر ما يمكن إلقاؤه من الضوء على أهم أحداث التاريخ. وقد اختير بعضها لغرابته، واختيرت كلها بوجه عام لما فيها من متعة وظرافة. كذلك ليس كاتبوها كلهم من عظماء التاريخ، فمنهم العظيم، ومنهم غير العظيم، بل إن منهم من لا يمت إلى العظمة بسبب مثل نيرون وهنري الثامن. وقصدنا من ذلك أن تمثل الرسائل ما يمكن تمثيله من مناحي الحياة الإنسانية.

وستلقي هذه المجموعة متى تمت ضوءاً ساطعاً على أهم حوادث تاريخ الإنسانية: على بداية المسيحية، وعلى النهضة الأوروبية، والثورة الأمريكية، والثورتين الفرنسية والروسية، والانقلابين النازي والفاشي، وعلى حياة العلماء الأعلام أمثال دارون وهكسلي ومدام كوري.

وكل هذه الرسائل منقولة عن اللغة الإنجليزية، حتى ما كتب منها في الأصل بغير هذه اللغة، فهو منقول عن ترجمته الإنجليزية. ولم نشأ أن نضم إليها شيئاً من الرسائل العربية لأن الذي نهدف إليه هو أن نطلع قراء لغتنا على نماذج من الأدب الغربي. أما الرسائل العربية ففي وسعهم أن يطلعوا على ما يريدون منها في كتب الرسائل المعروفة.

ولعلنا بهذا نكون قد أدينا بعض الواجب علينا للغتنا وأبناء وطننا.

محمد بدران

 

(كوني كلك لي كما أنا كلي لك)

في صباح 6 يوليو 1801م:

ملاكي , كلي , نفسي , لن أكتب لك اليوم إلا كلمات قليلة , وسأكتبها بالقلم الرصاص (بقلمك أنت ) – لن أصمم على المسكن الذي سأقيم فيه إلا غداً – وما أكثر ما أضعت من الوقت ؛ ولم هذا الحزن العميق ونحن ملزمون أن ننطق بما تكنه الصدور ؟ وهل يدوم حبنا إلا بالتضحية , و بألا نطلب كل شئ ؟ وهل في مقدورك أن تبدليه بحيث لا تكونين كلك لي ولا أكون كلي لك ؟ رباه ! أنظري إالى جمال الطبيعة و انعمي بما لا بد أن تنعمي به – إن الحب يتطلب منا كل شئ , وذلك عدل دون ريب – وهو شأني معك وشأنك معي . ولو أننا كنا معا لما شعرتِ بألم الحب ولما شعرتُ أنا به . لقد كانت رحلتي شاقة مزعجة , ولم أصل إلى هذا المكان إلا في الساعة الرابعة من صباح أمس , فقد اضطرت عربة السفر العامة إلى اتخاذ طريق غير الطريق المعتاد , لأنا لم يكن لدينا خيل , وما كان أشق هذا الطريق و أفظعه . ولقد حُذَّرت في المرحلة التي قبل الأخيرة من السفر ليلا لأن فيها غابة مخيفة , ولكن هذا التحذير لم يزدني إلا رغبة في السفر , ثم تبين لي أني أخطأت في عدم الإصغاء إليه , فلقد تعطلت العربة في الطريق القذر المملوء بالأوحال ؛ ولولا من كان معي من السائقين لاستقرت بي في الطريق , ولقد لقى إسترهارزي وهو يجتاز طريقة المعتاد بخيله الثمانية مثل مالقيت بخيلي الأربعة , ولكن ذلك سرني بعض السرور , وهو ما أشعر به على الدوام حين أفلح في التغلب على بعض الصعاب . والآن فلننتقل على الفور من الأشياء الخارجة عنا إلى ماهو أشد صلة ننفوسنا ولكن مالنا ولهذا فنحن سنتلاقى قريبا دون شك ؛ هذا فضلا عن أنني لا أستطيع أن أنقل إليك مالاحظته في ألايام القليلة الماضية خاصا بحياتي . ولو أننا كنا متقاربين على الدوام لما كنت في حاجة إلى نقل هذه الملاحظات . إن في قلبي أشياء كثيرة أحب أن أفضي بها اليك – آه – تمر بي لحظات أشعر فيها أن الألفاظ تعجز عن التعبير عما في القلوب – ابتهجي – ودومي لي ذخرى الحق الذي لي ذخر سواه – كوني كلك لي كما أنا كلي لك . وسيبعث إلينا الله بتلك الراحة التي هي خير مانرجوه لأنفسنا .

المخلص لك:

لدفج

(هيا إلى العمل بجد)

24 ديسمبر سنة 1848م

عزيزي جنستن :

لست أرى من ألخير أن أقرضك الآن الثمانين ريال التي طلبتها . لقد قلت لي أكثر من مرة حين كنت أقدم لك بعض العون : ( إن أمورنا ستستقيم بعد الآن ) . ولكني أجدك ولما يمض على ذلك القول إلا وقت قصير تواجه نفس الصعاب التي واجهتها من قبل ؛ وذلك لا يحدث إلا اذا كان في سلوكك عيب . و أظن أن هذا العيب غير خاف علي ؛ فأنا أعرف أنك لست كسولا بطبعك ولكنك مع ذلك لا تعمل , ولست أظن أنك بعد أن رأيتك آخر مرة قضيت يوما واحداً في عمل جدي . وأنت لا تكره العمل كرهاً شديداً ولكنك مع ذلك لا تعمل كثيراً , وليس ذلك من سبب إلا مايبدو لك من أنك لا تحصل منه على أجر كبير . ويقيني أن تلك العادة , عادة إضاعة الوقت سدى , هي أساس المشكلة كلها , ومن الخير لك ولأبنائك أن تقلع عنها . وذلك أهم لأبنائك منه إليك , لأنهم أطول حياة منك , ولأن اتقاء عادة البطالة قبل الانحدار إليها أسهل عليهم من الإقلاع عنها قبل الوقوع في شرها إنك الآن في حاجة عاجلة الى المال والرأي عندي أن تبدأ العمل بجد عند من يقدم إليك المال نظير العمل أما شؤون الدار وما إليها فليعن ها الوالد هو وأبناؤك , ففي وسعهم أن يهيئوا الأرض ويزرعوها , وفي وسعك أنت أن تعمل عند من يقدم لك أحسن الأجور نقداً ,و أن يؤدي ماعليك من ديون . و إذا كنتُ أرغب في أن أضمن لك أحسن جزاء لعملك , فإني أعدك بأن أقدم لك عن كل ريال تكسبه بين هذا اليوم واليوم الأول من شهر مايو , أو كل ريال يؤدي دينك , ريالا مثله . ومعنى هذا أنك إن عملت بعشرة ريالات في الشهر , حصلت مني على عشرة مثلها , فكسبت بذلك عشرين ريالا . ولست أقصد بهذا أن تسافر إلى سنت لويس أو إلى مناجم الرصاص أو مناجم الذهب في كلفورنيا , بل الذي اقصده أن تعمل بجد في مكان قريب من موطنك في مقاطعة كول بأحسن أجر تستطيع الحصول عليه . فإن فعلت هذا وفيت بعد قليل بما عليك من الدين , واعتدت فوق ذلك عادة أفضل لدىَ من هذا الوفاء , لانها تحول بينك وبين التورط في الدين مرة أخرى . أما إن أديتُ أنا دينك الآن فإنك لن تلبث أن تستدين من جديد في العام الثاني . ولقد قلتَ في إنك لا تتردد في أن تبيع مكانك في الجنة بسبعين ريالا أو ثمانين ! إنك إذن تبيعه بأبخس الأثمان , فأنا لا أشك مطلقا في أنك تستطيع الحصول على سبعين ريالا أو ثمانين نظير عمل تقوم به أربعه شهور او خمسة . ثم تقول إنك مستعد لأن تكتب لي عقداً بأرضك وان تسلمها إليّ إذا لم ترد المال . ألا ما أسخف هذا التفكير ! وكيف تستطيع العيش بغير الأرض إن لم يكن في وسعك أن تعيش وهي لك . لقد كنتت على الدوام تعطف عليّ , ولست أريد الآن أن أقسو عليك , غير أنك إذا عملت بنصيحتي وجدتها أكبر قيمة من الثمانين ريالا ثمانين مرة .

أخوك المخلص:

ا . لنكلن

(يؤسفني ألا أستطيع أن أكون ذا فائدة لك)

القائد روبرت لي يودع جيشه الوداع الأخير

عزيزي الهر فجنر:

يبدو أن لديك فكرة خاطئة عن ثروتي . أن لي أملاكا غير كثيرة أستطيع بها أن أعيش عيشة بسيطة سهلة مع زوجتي وطفلي , فعليك إذن أن تولي وجهك شطر الموسرين حقا , وما أكثر هؤلاء بين أنصارك ونصيراتك في طول أوربا و عرضها , أما أنا فيؤسفي ألا أستطيع أن أكون ذا فائده لك . و أما زيارتك الطويلة ( لإحدى ضياعي ) فإنها غير ميسرة في هذا الوقت , فإذا ماتيسرت فيما بعد فإني سأبلغك . ولقد أسفت حين قرأت في الصحف أن إخراج مسرحية (ترستان وإيلد) لن يكون في هذا الشتاء , و أرجو المسألة وقت لا أكثر , و أن نستمتع بهذه المسرحية فيما بعد , و تحياتي إليك والى زوجتك .

من صديقك:

ربرت فن هورنشتين

(في وسع الضباط والجنود أن يعودوا الى منازلهم)

مركز القيادة العامة لجيش شمال فرجينيا :

في 10 ابريل سنة 1865

أمر عام.

رقم 9.

لقد اضطر الجيش المرابط في شمال فرجينيا إلى االاستسلام لقوات تفوقة كثيراً في عددها وعُددها بعد أن ظل أربع سنوات في حرب طاحنة , أظهر فيها ضروباً من الصبر والبسالة لا يضارعه فيها جيش سواه ولست في حاجه إلى أن أقول للأبطال الذين بقوا على قيد الحياة بعد المعارك الطاحنة , والذين صابروا و ثبتوا إلى آخر لحظة , إني لم أرض بهذه النتيجة لضعف ثقتي بهم , ولكنني حين شعرت بأنا لا نستطيع أن نجني من البسالة والإخلاص ثمرة تعوض علينا الخسارة القادحة التي لا مفر منها منها إذا واصلنا القتال , صمت على ألا أضحي من غير جدوى بأولئك الأبطال الذين جعلتهم خدماتهم الماضية أعزاء على مواطنيهم . وتنص شروط الاتفاق على أن في وسع الضباط والجنود أن يعودوا إلى منازلهم , و أن يبقوا فيها حتى يتم تبادلهم . وستعودون إليها ونفوسكم راضية لأنكم تعلمون أنكم أديتم واجبكم مخلصين , و أدعوا الله من صميم قلبي أن يبارك فيكم ويدفع عنكم السوء . و سأضل ماحييت معجباً بثباتكم و إخلاصكم لوطنكم , ذاكراً بالشكر فضلكم وتقديركم العظيم لشخصي , وأودعكم جميعاً من صميم قلبي .

ر.ا.لي

القائد

 

(إني أسمع أصواتا)

[ مارس سنة 1941 ]

إني أحس بأني سأجن , وليس في مقدوري أن أبقى على ظهر الأرض في هذه الأوقات الرهيبة . إني أسمع أصواتا ولا أقوى على حصر فكري في عملي ؛ لقد قاومت هذا الشعور ولكني عاجزة عن الاستمرار في هذا الكفاح . إني مدينة لك بكل ما تمتعت به من سعادة في هذه الحياة , فقد أحسنت إليّ كل الإحسان , ولست أستطيع البقاء لافسد عليك حياتك .

رسالة فيرجينيا وولف إلى زوجها ليونارد وولف

 

 

 

الجزء الأول – الرابط الأول

 

الجزء الأول: من القرن الرابع قبل الميلاد إلى نهاية القرن الثامن عشر

 

الجزء الأول – الرابط الثاني

 

الجزء الأول: من القرن الرابع قبل الميلاد إلى نهاية القرن الثامن عشر

 

 

الجزء الثاني – الرابط الأول

 

الجزء الثاني: من أول القرن التاسع عشر إلى الوقت الحاضر

 

الجزء الثاني – الرابط الثاني

 

الجزء الثاني: من أول القرن التاسع عشر إلى الوقت الحاضر

 

 

صفحات سورية ليست مسؤولة عن هذا الملف، وليست الجهة التي قامت برفعه، اننا فقط نوفر معلومات لمتصفحي موقعنا حول أفضل الكتب الموجودة على الأنترنت

كتب عربية، روايات عربية، تنزيل كتب، تحميل كتب، تحميل كتب عربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى