صفحات سورية

كرد سوريا بين – المواطنة – – والتجنيس –

 


صلاح بدرالدين

أثار المرسوم الرئاسي رقم 49 الصادر قبل أيام وفي خضم الانتفاضة الوطنية العارمة الكثير من التساؤلات والذي أرادت وسائل اعلام السلطة أن تضفي عليه هالة من الدعاية تارة بكونه ” حل لمشكلة الأكراد ” ومرة باعتباره عمل في سياق ” الاصلاحات ” المزعومة وذلك تهربا من استحقاق اسقاط النظام الذي يجمع عليه السورييون في انتفاضتهم المندلعة ومن أجل الكشف عن أضاليل النظام نورد المشهد بحقائقه التالية :

أولا – خطة اسقاط حق المواطنة عن كرد الجزيرة مشروع تم طرحه ودراسته في قيادة حزب البعث حتى قبل انقلابه وتم بحثه والعمل من أجل تنفيذه مع الموظفين والمسؤولين الأمنيين والاداريين البعثيين والقوميين المتعصبين الآخرين الذين كانوا متغلغلين في أجهزة الدولة وقد كان الهدف في سياقه العام تحقيق الآيديولوجيا البعثية العامة في ” نقاوة الأمة ” وأن ” كل من يسكن الوطن العربي فهو عربي ” وفي خصوصيته السورية تركز الهدف على محاولة تطهير منطقة الجزيرة الغنية بالنفط والزراعة والمياه والمتميزة بموقعها الاستراتيجي على حدود دولتين ( تركيا والعراق واقليم كردستان ) من العنصر الكردي – الغريب – وعلى أقل تقدير في تحويل الكرد من غالبية السكان الى قلة قليلة وذلك بوسائل وطرق مستترة ومغلفة بالقوانين والاجراءات الادارية ولذلك تم تكليف الموظف الأمني البعثي الملازم الأول محمد طلب هلال رئيس شعبة جهاز الأمن السياسي في القامشلي باعداد دراسة وصياغة مشروع متكامل لتنفيذ المشروع بهدوء ودون اثارة وهكذا كان حيث قدم الضابط الأمني هذا تقريره عام 1961 والمعنون ” دراسة سياسية اجتماعية حول محافظة الجزيرة ” ( منشور في كتاب من اصدارات مؤسسة كاوا للثقافة الكردية ) والمستند الى ضلعين متكاملين ( الاحصاء من أجل التجريد من حق المواطنة ثم التهجير وافراغ المنطقة والحزام العربي باسكان عرب من خارج المنطقة محل السكان الأصليين بعد الخطوة الأولى ) وبعد صدور التقرير – المخطط بعام تم تنفيذ البند الأول منه وهو اسقاط حق المواطنة عن نسبة كبيرة من السكان الأكراد وصلت الى 180 ألف بعد اجراء احصاء استثنائي في محافظة الحسكة وتم تنفيذ نتائج الاحصاء كاملة في عهد حكومة الدكتور يوسف زعين عام 1966 وبعد انقلاب البعث مباشرة تمت ترقية الضابط – طلب هلال – الى عضو في القيادة البعثية ثم وزيرا للتموين والزراعة وسفيرا في بولونيا .

ثانيا – المرسوم الرئاسي 49 يتسم بالغموض وقد يحول الى تفاقم المشكلة وتأزيمها فهو لايشير الى العدد ( الذي يربو على 320 ألف ) ويخلط بين الكثير من المتناقضات فمن جهة لايشيرالى اعادة حق المواطنة لمن حرموا منها بل يقرر” تجنيس ” الذين وردت أسماؤهم في سجلات الحسكة وشتان مابين المواطنة والتجنيس ثم ماذا عن الأسماء الواردة في السجلات ؟ والجواب أن من حرم من حق المواطنة قبل أكثر من أربعة عقود لم ترد أسماؤهم في سجلات الحسكة وتحولوا الى – مكتومين – وأجانب – وقيد الدرس – بحسب المرسوم الرئاسي حينها فهل سيتكرر الأمر ثانية مع مرسوم الرئيس البعثي الراهن ؟ ان اعادة حق المواطنة اذا كانت صادقة تعني مراجعة سياسية والاعتراف بالخطيئة العنصرية ومحاسبة المنفذين والتعويض عن المتضررين .

ثالثا – اسقاط الجنسية عن كرد الجزيرة منذ مايقارب نصف قرن نوع من الاضطهاد القومي والاعادة هي ازالة جزء من الاضطهاد وليست منح حقوق قومية بل ازالة أحدى آثار العنصرية لذلك من الغرابة أن يتورط البعض في الادعاء بأن المرسوم – بكل اشكالياته – انجز مسألة الكرد وقد سمعت تصريح المدعي بحقوق الانسان – عبد الكريم الريحاوي – بأن النظام أنجز حل قضية الأكراد .

رابعا – ان أي بحث لموضوع الجنسية وحقوق المواطنة يجب ان يكون في اطاره الكردي والوطني العام وأن لاينفصل عن رفع اسقاط الحقوق المدنية أيضا لنفس الاسباب عن الآلاف من الناشطين الكرد والعرب بدواعي الحفاظ على الأمن القومي وبحسب الأوامر العرفية وكاتب المقالة أحد الضحايا ومجرد من الحقوق المدنية منذ عام 1970 .

خامسا – هناك فرق بين تصحيح آثار جريمة منكرة بالعودة الى السابق في حق المواطنة وبين ” التجنيس ” مع الحفاظ على شرعية الجريمة فهل المرسوم تغطية على الجريمة ومحاولة تخطيها والتستر عليها علما أنها تدخل في عداد الجريمة ضد الانسانية التي تتعامل معها المحاكم الجنائية الدولية .

سادسا – لايمكن فصل موضوع المواطنين الكرد الذين أسقطت عنهم حقوق المواطنة عن الاطار الوطني العام والانتفاضة السلمية من درعا الى ديريك من اجل التغيير الديموقراطي واي فصل يعد تعسفا ومحاولة ابعاد الحركة الكردية عن الحركة الوطنية السورية المعارضة وهو فصل جديد من مخططات النظام المستبد التي سنتصدى لها بكل قوانا .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى