صادق عبد الرحمنصفحات الناس

كسب: معركة لم تنته/ صادق عبد الرحمن

 تتواصل المعارك العنيفة في ريف اللاذقية الشمالي منذ أعلنت فصائل إسلامية معارضة بدء معركة “الأنفال” في الساحل السوري الأسبوع الماضي، حيث تقدمت مجموعاتها انطلاقاً من مواقعها في جبل التركمان باتجاه معبر كسب الحدودي والتلال والمراصد المهمة التي تتمركز فيها قوات النظام هناك، وأنجزت تقدماً سريعاً يوم الجمعة الماضي حيث سيطرت على مخافر الصخرة وكسب ونبع المر الحدودية، وخاضت معارك عنيفة على جبل النسر الاستراتيجي، وصولاً إلى أطراف قرية السمرة قرب شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

 قوات النظام استقدمت تعزيزات كبيرة، قوامها الرئيس من قوات “الدفاع الوطني”، وزجت بالطيران الحربي في المعركة وتمكنت في مساء الجمعة من إيقاف تقدم الكتائب الإسلامية، وخاضت معها اشتباكات عنيفة في كسب وجبل النسر والسمرة، فيما قامت قوات المعارضة بقصف حواجز النظام وتجمعاته بصواريخ الغراد انطلاقاً من برج القصب ومحيط قسطل معاف وبلدة الربيعة، وأصابت بشكل مباشر حاجز قوات الدفاع الوطني في قرية كرسانا على بعد حوالي 10 كيلو مترات شمال مدينة اللاذقية، كما سقط عدد من الصواريخ في مدينة اللاذقية، أصاب واحد منها على الأقل فرع الأمن السياسي.

 ورغم أهمية المعارك الدائرة هناك، إلا أن خبراً وحيداً استحوذ على الاهتمام من بين كل الأخبار التي وردت. ذلك الخبر أعلنه التلفزيون السوري مساء الأحد، عن مقتل متزعم ما يسمى “جيش الدفاع الوطني” في اللاذقية، هلال الأسد في معارك كسب، إلا أن “الجبهة الإسلامية” أكدت، في بيان لها، أن مصرعه جاء نتيجة قصف مجموعاتها لمقر قيادة قوات “الدفاع الوطني” في مدينة اللاذقية بصواريخ “الغراد”، لكن مصادر من أوساط قوات “الدفاع الوطني” أكدت لـ”المدن” أن هلال الأسد لم يخرج من مدينة اللاذقية ولم يشارك في معارك كسب نهائياً، الأمر الذي يرجح أن تكون رواية “الجبهة الإسلامية” غير صحيحة، لحساب رواية أخرى تقول إن النظام قام بتصفيته.

 حتى الآن، لم تستقر نتائج هذه المعركة نهائياً، إذ تسود حالة من الكر والفر بين الطرفين، ومعارك مستمرة لم تتوقف، حيث تمكنت قوات النظام من التقدم خلال الساعات الماضية، وأحكمت سيطرتها على قرية السمرة ومحيطها، وترددت أنباء عن أسر عدد من مقاتلي المعارضة هناك بعد حصارهم في المنطقة المغلقة أصلاً، قرب النقطة الاستراتيجية المعروفة بـ”النقطة 45″.

 وكانت أبرز أشكال تقدم قوات المعارضة اتضحت يوم الأحد،  حيث ثبتت قوات المعارضة تواجدها في معبر كسب الحدودي وبدأت بالسيطرة على مبان وأحياء في مدينة كسب، ووصل مسلحوها إلى الساحة الرئيسية في كسب وقاموا بتحطيم تمثال الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وسط اشتباكات مستمرة في قرى ومناطق السمرة وجبل النسر وبيت حليبية وخربة سولاس.

 وخلافاً للمعارك التي جرت الصيف الماضي، حيث كانت الكتائب المسلحة قد حاولت السيطرة على عدد من القرى التي تقطنها عائلات علوية انطلاقاً من جبل الأكراد جنوب شرق جبل التركمان، لم تحاول قوات المعارضة اقتحام أي قرية أو بلدة يتواجد فيها مدنيون حتى الآن،ـ باستثناء معاركها في أحياء كسب التي نزح أغلب سكانها ومعظمهم من الأرمن، بل ركزت معاركها على النقاط والمواقع العسكرية في معركة يبدو أن الهدف الرئيسي منها استنزاف قوات النظام وتشتيت قواها، بعد الانتصارات التي حققها النظام السوري في مناطق أخرى من البلاد.

 وفي حال تمكنت قوات المعارضة من تحقيق أهداف هذه المعركة، فإن هذا يعني استكمال سيطرتها على الحدود السورية التركية بالكامل، وفتح منفذ بحري، هو الأول لقوات المعارضة السورية، وعزل النظام السوري عن أنصاره من أبناء الطائفة العلوية في لواء اسكندرون، حيث كانت ولا تزال أعداد منهم تتدفق للمشاركة في القتال إلى جانبه، وفي مقدمتهم مسلحو ما يعرف بـ”الجبهة الشعبية لتحرير لواء اسكندرون”، الذين تصدّروا واجهة مذابح قرية البيضا في ريف بانياس، العام الماضي.

لمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى