صفحات الثقافةفواز القادري

لا تشبهني هذه القصيدة تماماً

 

 فواز قادري

كم تشبهني هذه القصيدة؟

تتوّتر كالقوس وتنكسر بعض سهامها

تتوتّر أوتار كمنجاتها وتحزن الموسيقى

روحي التي تعزف تترنح بين سمائين

سماء من ثلج وسماء من نار

وأنا على مقعد انتظارها

تدور بي الأرض وتدوخ بوصلتي.

كم تشبهني هذه القصيدة؟

فتّحت عيونها على الصباح

قبل الكثير من الأزهار

كم تشبهني؟

تُجرح ويسيل دم البلاد منها

وينام طفل دمعها على الرصيف

تحتار أيّ مقبرة تزور

وعلى أي صدر تتكئ

وعلى أيّ قدمي أمّ تنحني.

هذا الربيع علامة فراشة حزينة

لم تستدل أجنحتها على أطفال قلبي

أنا العابر درب قيامة البلاد

لن أطيل مكوثي في الرثاء

أغني لأمسح لو قطرة دمع واحدة

وأجفف سيول هذا الأسى الجليل.

كم تشبهني هذه القصيدة؟

الدمعة أخت الدمعة

الجرح أخو الجرح

ناسها أهلي الذين كبرتُ على غنائهم

وشربتُ من أحلامهم حتى ارتويت

فراتها ابن فكرة حزينة تجري

وفراتي ابن شرعي للهوى

ابن غيوم وينابيع تتبادل الافكار

وتتناكح في عرس للطبيعة على الهواء

وأنا أقف أمام الحياة شاهداً

على ما سيتناسل من الفراتين.

كم تشبهنا القصيدة يا أصدقائي؟

لا تتنكّر بوجه غيرها ولا ترتدي قناعاً

لا تفتح مزاداً على فاكهتها

ولا تتاجر بدم ولا تزيّن أوهاماً

تنام عارية حين تشتهي الاحتلام

كهذه البنت التي تقشّر قلبي

كأنها ستقضم تفّاحة حمراء

تلتهمني بقشوري الناشفة

حتى تطقطق تحت أسنان رغبتهاعظامي.

يا صاحبي الفرات

كُف يد شجنك عن قصيدتي

أنت رسول الغيوم ودلال الهوى

وقصيدتي مسكينة تخبّئ ما يؤلمها

وتعلن ما يفتح أفقاً في عتمة الكلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى