صفحات العالم

لا حل إلا التدويل


محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ

قال عضو بعثة المراقبين العرب إلى سوريا أنور مالك: (إن الدماء في سوريا لم تتوقف، فيوميًا نقف على جثث في حال لا تخطر على عقل بشر). موضحًا أن (العنف في تصاعد، ونحن في عجز عن فعل أي شيء للضحايا ممن يطالهم القنص والقصف والاغتيال) وأشار إلى (أن الاختطاف مستمر والتعذيب فاق الحدود).

وحذر من أن (سوريا تتجه نحو الدمار والحرب الأهلية، التي تغذى بالطائفية، والنظام لا همّ له إلا البقاء في الحكم على حساب واقع مأساوي، والأحياء المنكوبة لن تتراجع، بعد الذي تعرّضت له، ولا تزال).. ولا أدري لماذا الجامعة لا تعلن فشلها وتحيل الملف السوري إلى مجلس الأمن؛ فالقائمون على نظام الأسد يبدو أنهم لن يرعووا، ولن يوقفوا حمامات الدماء، فهم يتعاملون مع القضية بمنطق (أنا ومن بعدي الطوفان)..

تدويل الأزمة، وتدخل مجلس الأمن، قد يأخذ الأزمة إلى مسار آخر، ويجعل حلاً كالحل الذي انتهت إليه أزمة علي عبدالله صالح في اليمن ممكناً، فيتم ضمان نجاة بشار وأقطاب نظامه، وعدم ملاحقتهم قضائياً على ما ارتكبوه من جرائم، مقابل أن يسلم السلطة إلى حكومة انتقالية، ريثما يتم ترتيب انتخابات لحكومة شرعية بديلة بطريقة ديمقراطية. فلدي شعور أن الأسد إذا شعر أنه وصل فعلاً إلى طريق مسدود سوف يبحث عن مهرب؛ ولن ينتحر؛ فمثله أجبن من أن يقاتل إلى آخر رمق؛ وعندما يشعر أن فرصته في النجاة باتت (مستحيلة) سيذعن مرغماً لمثل هذه الحلول. ولن يصل إلى هذه النهاية إلا إذا تم تدويل الأزمة، ومارس العالم المتحضر ضغوطه على روسيا والصين للتخلي عن حماية النظام، وأصبحت الحلول العسكرية من قبل المجتمع الدولي لحماية المدنيين مطروحة بقوة كمخرج للأزمة، وكبح تمادي النظام، ومنعه من إراقة دماء شعبه.

أن تبقى الأمور تراوح مكانها سيبقى أمل أن يسيطر عليها مستعبداً تفكير بشار وأركان نظامه؛ فالإنسان عندما يكون في داخل الأزمة لا يرى الأمور بواقعية، ويظن أنه سيتمكن من الانتصار في النهايــــة، ويفــــرض شروطه.

ولم أفهم بصراحة بواعث بيان اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالملف السوري يوم أمس الأول، والإصرار على تقديم الدعم السياسي والمالي لبعثة المراقبين العرب في سوريا كما جاء في البيان، وإعطائها الحيز الزمني الكافي لاستكمال مهمتها وفقا لأحكام البروتوكول؛ وزيادة عدد أفرادها وتعزيز تجهيزاتها حتى تتمكن من إنجاز مهمتها على الوجه المطلوب. كل المؤشرات، والتصريحات التي تصدر من أعضاء اللجنة، وما نراه نحن على الفضائيات، يشير إلى أن سوريا لم تنفذ شروط البروتوكول؛ فلم تسحب الجيش من المدن وتعيده إلى ثكناته، وتصر على قتل المدنيين يومياً دون توقف، ولم تطلق سراح المعتقلين، وما زالت تمنع وسائل الإعلام العالمية من نقل أحداث الداخل السوري إلى العالم؛ وكل هذه النقاط كانت جزءاً من البروتوكول كما هو معلن؛ وهذا يعطي مؤشراً كافياً على أن مهمة المراقبين فاشلة، وبالتالي ليس ثمة ما يدعو إلى الإصرار عليها طالما أنها لم تستطع وقف حمام الدم.

إبقاء هذه اللجنة تعمل رغم فشلها، يصب في النهاية في مصلحة النظام وليس مصلحة الشعب السوري؛ فلماذا لا يُفعّل الحل الأخير، ينسحب مراقبو الجامعة، ويترك المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن يتحمل مسؤولياته تجاه هذا النظام الدموي الذي يستحيل أن يبقى في عالم اليوم وهذه دمويته وفظاعاته.

*نقلا عن “الجزيرة” السعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى