صفحات المستقبل

لقاءات حدودية مشبوهة

 

معتصم الديري

 آذار انتصارنا، آذار موعدنا، هكذا يحفظه أبناء الجنوب، يحررونه، يحملونه وينتصرونه جبهة سورية جديدة. وجرس أخير يرن في درعا بعد مرور عامين على أيدي اطفال درعا، ثمة الآن رجال يمسكون الجبهة حرة.

ألوية زحفت بسلاحها القديم الجديد وبتنظيم يضمن لها تحريرها الخاص، من كثافة جيش النظام المعروفة فيها، وحساسية الحدود.

الثوار يربحون منطقة عازلة للثورة أم لاسرائيل ؟

الثوار قسموا درعا لقطاعات كي يسهل عليهم تحريرها وكي يشتتوا مدفعية النظام المعروفة بأكثر انتشار لها هناك في كل سوريا، فكانت حصة الحدود لثوار المنطقة الغربية التي يغلب عليهم الطابع المعتدل.

الثوار هناك يعرفون ما تحتاجه المدينة فبدأوا من الحدود كي يضمنوا طريقاً سريعاً لهم فحسب، ويعلمون انهم إن داروا ظهورهم لأسرائيل التي تجلس خائفة مراقبة بعين ثعلب، أفضل من ان يتركوا ظهرهم للنظام، يقولها “ابو مرشد” ابرز القادة العسكريين في المنطقة الغربية، مشيرا إلى سهولة الكتائب والسرايا في المنطقة الغربية، وبأنهم لم يبدأوها من هناك الا كي يربحوا طريقهم السريع الذي بلغ طوله 90 كلم. ولتبلغ منطقة الثوار العازلة بطول 40 كلم وعمق 25 كلم تمتد على كامل الحدود السورية الاسرائيلية الاردنية.

وعما اذا كانت مجرد مصادفة بأن يحصل الثوار على منطقة عازلة في الوقت الذي كثر الحديث عن منطقة عازلة ستقيمها اسرائيل تمتد للعمق السوري ب 16 كلم بتنسيق مع الثوار انفسهم. يضحك “ابو مرشد” الذي يعرف حساسية اسرائيل في المعركة السورية:”نحن ثوار ولسنا حكومات، إن كنا خرجنا كي نزيح هذا الظلم عن الشعب، فكيف سنبيع أرضنا الأغلى”.

سأريحك من الأسئلة يقول أبو مرشد:” نحن لسنا جبهة نصرة، ولسنا أخوان مسلمين، ولسنا متخاذلين، نحن ثوار سوريون ديننا الاسلام موجودون على الحدود مع اسرائيل. دخلنا الثورة وتسلحنا، وقُصفنا، لأننا رفضنا أن يباع الدم السوري، فكيف نبيع أغلى أرضنا في أكثر الأوقات وطنية، ولا أخفيك وجود بعض الأطراف من الممكن أن تساوم، فقد تدخل في الحرب السورية القاصي والداني، والانتهازيون يكثرون في هذه الاوقات، يكثرون لحدود اسرائيل يكثرون لأميركا التي تجلس على الحدود تدير كل شيء، وصدق لو أننا من الذين يوقعون لدخل لنا سلاح الناتو بحاله، او لدخل الناتو نفسه، لكننا لم ولن نوقع على أي ورقة قد تهين الشعب السوري، او تحرف مسار ثورة الكرامة الى بيع اخر”.

أبو مرشد المشهور بين المقاتلين لكونه أول من تسلح وتنظم بين قادات الجيش الحر لا يُكثر في الحديث عن الطيران الاسرائيلي الذي يحلق فوق أراضي درعا، ” نعم يحلق الطيران الاسرائيلي كل يوم فوق مناطقنا المحررة، وكما كانوا يحلقون فوق معاركنا وصدقني لقد كانوا يشاهدوننا، وهم خائفون من صمودنا امام قصف الأسد الذي كانوا أيضاً يرون كثافته الجنونية، ولكننا بصراحة لا نفكر الآن بالتصدي له، ما دام لا يفكر بأن يرمي ولو كيلوغراماً واحد من ال تي ان تي. وصدقني، صحيح أننا الان لا نستطيع أن نفتح جبهة جديدة علينا قد تكون ورقة يستخدمها النظام، لكن إن تطاول احد على أراضينا لن نكتفي بحق الرد والوعود، سنرد طبعاً”.

وعن من قد يفجر  قضية الحدود:”لا قرار فردي في القضايا الكبيرة والتي يقررها الشعب السوري وحاله بعد انتهاء معارك الثورة. على الحدود من سينفرد لوحده ولمبادئ تخصه وحده، سيحارب من قبلنا كثوار. قضيتنا الاولى كرامة الشعب، وليس اقصاء الشعب لارضاء إطراف، أو لإضعاف سوريا ما بعد الثورة، كان من كان: جبهة-اخوان-سوريون اميركيون … الخ”.

أبو مرشد حضر أغلب معارك الثوار على سرايا وكتائب الهجانة التابعة للنظام عالحدود، كان أخرها “خراب الشحم” السرية الاخيرة لقوات الاسد على الحدود الاردنية، حررت في 20 آذار سبقها تحرير سرية “زيزون”  القريبة من الحدود الاسرائيلية تلك التي لم تصمد أكثر من نصف ساعة حسب أحد قادة الجيش الحر، وقبلها سرية الجزيرة وكتيبة “عابدين” التي كانت تشاهدها اسرائيل من حدودها، وربما عجبت لصمود الثوار تحت كل ذاك القصف الذي طال أطراف أراضيها، وحتى مبنى قوات الامم المتحدة.

من هذا التحرير والمسنود بتحرير داخل تلك المدن الحدودية والمركزية أيضاً، شق الثوار طريقهم العسكري 95 كلم بدون أن تلمح خوذة عسكرية واحدة على هذا الطريق. الا خوذ الدرك الاردني وخوذ الاسرائيليين الجالسين على الحدود ينتظرون أن تتضح الرؤية، وراية الثوار.

الثوار لم يوضحوا شيئا لكن يبدوا أنهم رفعوا راية الهدوء على الحدود، ولكنها تبدو ساخنة حتى بدون أي رصاصة. يتوزع عليها عناصر للجيش الحر في محارس النظام القديمة، لكن تواجدهم يبدو محدودا وبأسلحة متوسطة، الأمر الذي يفسره قائد عمليات لواء المعتز “الحجي أبو يزن” وهو “فلسطيني سوري من فدائيي الثمانينيات” نحن نشرنا بعض الاسلحة المتوسطة على نقاط الحرس القديمة، لأننا لا نستطيع الآن وفي خضم معاركنا بأن ننزل السلاح الثقيل إلى تلك الجهات، ونحن بأمس الحاجة له في المعارك، نحن لن نفرغ الحدود لأحد هذا أمر مفروغ منه. فقط نحن الآن لا نملك سلاحاً، وأغلب أسلحتنا الثقيلة من الاسلحة التي أستولينا عليها من النظام، نحن لم نُسلح إلا قليلاً مقارنة بما تسلحت بها المحافظات الأخرى، ولهذا فقط سحبنا الاسلحة الثقيلة من الحدود، لكن كل شي سيرجع إلى مكانه حين تهدأ المعارك قليلاً”.

اسرائيل ما زالت على مقربة. صرحت قبل أيام عن نيتها في إقامة منطقة عازلة تشبه ما حرره الثوار، ولكن الثوار هنا كلهم يقولون الفكرة ذاتها:”ربما هو كلام اسرائيل وحدها، او هناك كلام سياسي في القضية، لكننا ننفي الفكرة عن انفسنا، ولكن لا ننكرها عن بعض قيادات في المجلس العسكري، وبالطبع هي مستحيلة التنفيذ ما دمنا وما دامت الثورة، ايا كان الطرف وراء القضية”.

لسان حالهم:”الثوار صنعوا وحدهم يا وحدهم، منطقة عازلة تمتد بعرض 40 كلم، وعمق يمتد ل 25 كلم، ولن نساوم على الجولان، ولكننا لا ننكر ان كان هناك من يساوم في قيادات المجالس العسكرية، فحدود جديدة في هذا الوقت السوري هي مغرية لاسرائيل، وفي حين كثر أيضاً الباعة “.

كلام مع اسرائيل؟

“الهدوء” هو ما أرادته اسرائيل من الأسد طول أربعين عاما، وحققه كاملا كاملاً، وهو ما أوقف الناتو عن التدخل في سوريا ربما، و هو ما اوقف السلاح النوعي عن البلاد كلها، ولكن دخول الثوار بانتصار الى الساحة السورية جعل الاسرائيلين الراضين عن الاسد، مضطرين للبحث عن خطوط حديث مع الثوار.

لا يرى الاسرائيليون أي مشكلة في ما اذا كانت خطوط الحديث مباشرة حتى.

وهو ما حدث في مدينة القنيطرة، حيث قابلت شخصيات من المجلس العسكري والتجمع العسكري شخصيات من الاستخبارات الاسرائيلية، بناء على طلب اسرائيلي.

التفاصيل يرويها “أبو يوسف” ملازم اول منشق من مدينة دير الزور من قيادات المجلس العسكري في مدينة القنيطرة.

“بعد ان تقدم الجيش الحر في مدينة القنيطرة المدينة المعروفة بكتائب الدفاع الجوي، وإمساكه بأسلحة ذات ثقل ساعدته في تحرير جزء كبير من المدينة، بدأ القلق الاسرائيلي يكبر مع نزول بعض القذائف داخل اراضيه، وتقدم الثوار على حليفهم القديم الاسد، فاضطرت إسرائيل للتواصل مع المقاتلين، كان اللقاء الوحيد على الحدود بناء على طلب اسرائيلي، وتخيل يا سيدي فقد عرضت اسرائيل فيه التسليح والغذاء وادخال الجرحى الى اراضيها وعلاجهم، مع العلم بأن اسرائيل عالجت سبعة مقاتلين من الجيش الحر وأعادتهم الى حدود الثوار، كملاطفة علّها تفتح باب الحديث معنا. هذا العرض الاسرائيلي  يشترط حماية المنطقة من قبل هذه الالوية المشكلة والتي ستُشكل، والحرص على عدم دخول عناصر لكتائب اسلامية، من بينها عناصر “جبهة النصرة”، العرض كله كان مرفوضا من قبل “المجلس العسكري” و”التجمع العسكري” وعادوا بشبه هدنة مع الاراضي الاسرائيلية لا اكثر”.

أبو يوسف الذي رأى نقاط الحرس الاسرائيلية تتقدم كل فترة للاراضي السورية، “حصل ذلك نعم، وكان أثناء انشغال الثوار بمعارك كبيرة في الداخل السوري.

حين تدخل معركة القنيطرة ودرعا ثلثها الاخير أن يوضع لهذا حد، ويجب أن توضع قضية الحدود ضمن أولويات المعارضة سياسيا وعسكرياً، بحيث تتوقف المساومات الحاصلة من قبل بعض القيادات سياسية كانت أم عسكرية، يجب ان تضع القضية بين ايدي الشعب، ولمصلحته”.

من بين هذه القيادات التي يشكك الثوار وحتى المدنيون فيهم “أ. النعمة” قائد المجلس العسكري في محافظة درعا، يصورونه كرجل من رجال أميركا الجالسة على الحدود، كما يقول الناشطون هنا أنه أول من أجتمع مع الموساد الاسرائيلي في الأردن وأفضل المنسقين مع أميركا هناك حول السلاح، وحول شكل المنطقة في محافظته.

 الثوار لم يقدروا عليه يوما ما، حين تجمعت خمس ألوية في المحافظة لخلعه من منصبه ولم يستطيعوا.

يصفونه بأنه يسلح ويقوي كتائب له، وكلها ذات قيادات عسكرية، ويترك كتائب أخرى بلا نفوذ. تثار حول اسمه في اغلب المدن كلمات:” أمريكا-اسرائيل-الحدود-المدنية الامريكية-بطاريات الصواريخ… الخ من ضمانات”، لكنه ليس وحده في ثورة سمت كل أبنائها قادة، حتى الأطفال الذين أخرجوها.

الحدود هادئة ولم يتضح حتى الآن ما سيطلبه الثوار من الحدود، ولا حتى ما ستطلبه إسرائيل، لكن تحت ثقل سنتين من القصف والثورة على كتف السوريين استطاع النظام سحب نظر السوريين من الجبهات الى رموزه وأشخاصه مثلما أصبح الرمز الاهم الآن للسوريين هو القصر الجمهوري. أصبح يشغل بال السوري الأن أن يعمر البلاد إن أستطاع، ولكن ليس ضمن ما تروجه بعض أطراف معارضة شبه أميركية على مبدأ أن الشعب الآن تعب، وقد آن الأوان أن يحل السلام، ونعلم الأطفال اللغة الانكليزية أكثر وكل تلك النظريات الصادرة كانها علب مكياج لإسرائيل، ولهدوء ربما يكون مشروطاً.

الثورة اليوم في تفاصيل تحدد ثوريتها، وشكل الغد السوري، وأبناؤها بالمجمل إلى الآن لم يبدوا أنهم من تجار الجبهات. لكن مع وجود الانتهازيين في بلد كله جبهات، هل ستبقى منطقتهم العازلة للثورة أم لأسرائيل، أم لشكل سوريا الجديد؟

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى