صفحات العالم

«إخوان سورية» يتحدثون مع النظام


داود الشريان

نشرت «الحياة» أمس حواراً مهماً مع نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» السوريين محمد فاروق طيفور الذي قلل من تسلح الثورة وطائفية الشارع. وقال إن الشعب السوري «ليس أمامه سوى أمرين: استمرار التظاهر مهما كان القمع قوياً، ثم العمل على المستويين الإقليمي والدولي للوصول إلى التدخل لحماية المدنيين بطريقة أو بأخرى». وزاد: «لا بد من دخول الملف السوري إلى إطار جديد ليخرج من ثنائية النظام والمتظاهرين المأسوية. لا بد من تدخل دولي». واعتبر الموافقة على ضم «هيئة التنسيق» الى المجلس الوطني السوري «بمثابة زواج بالإكراه»، وهذا الاقتناع مرده الى خشية «الإخوان» من مزاحمة أطراف داخلية لموقعهم.

حديث طيفور أشار بوضوح الى ان النظام السوري بات على يقين من ان جماعة «الاخوان المسلمين» هي اللاعب الرئيس في الصراع على السلطة، وهو تقدم عبر رجال عمال إيرانيين بعرض في حصول «الاخوان» على أربع وزارات، مقابل «إسقاط مطلب تغيير بشار الأسد من شعارات الإخوان». وتطور العرض لاحقاً، كما أشار طيفور، الى قبول كل شروطهم، بما فيها تشكيل الحكومة، «عدا مسألة عدم بقاء بشار في السلطة»، وجاء الرد بالرفض. واقتناع النظام بقوة «الجماعة»، يقابله اقتناع «الاخوان المسلمين» بأنهم الأحق والأَوْلى بحكم سورية، ومن يقرأ الحوار سيجد ان طيفور يطرح بثقة حق «الاخوان» في السلطة تاريخياً، وهو تجاهل موقعهم في المجلس الوطني السوري.

في ثنايا الحوار يكتشف القارئ ان جماعة «الاخوان المسلمين» تنظر الى ما يسمى «المعارضة السورية» المتمثلة بالمجلس الوطني باعتبارها مجرد خطوة مرحلية، وإن شئت بوابة لتسويغ وصول الجماعة الى حكم سورية. والرجل كرر غير مرة احقية «الاخوان» بالسلطة، من خلال استعراض التاريخ النضالي لهم، ناهيك عن ان قبولهم الحوار مع النظام عبر ايرانيين، ومن دون اشارة الى دور للمجلس الوطني، يؤكد رغبتهم في الانفراد، وطموحاتهم المستقبلية.

إن صح هذا التفسير، فإن الشعارات التي ترفعها المعارضة السورية في الخارج، عن التعددية والديموقراطية، مجرد وهم، وسورية الجديدة ستشهد صراعاً كبيراً على السلطة. الرجل كان يتحدث عن تاريخ يمتد الى اربعينات القرن العشرين، ويُستبعد ان تقبل جماعة «الاخوان» مشاركة مجموعة مثقفين، شاءت الظروف وصولهم المفاجئ الى منبر السياسة.

هل سيعبّر «اخوان» سورية عن حقهم في الحكم بأساليب «الاخوان» المصريين، أم سيعاودون أساليب المواجهة؟

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى