صفحات العالم

لماذا الحفاظ على سوريا واجب كل التقدميين

 


فرج الله عبد الحق

كل مضطلع على الأحداث الأخيرة في المنطقة يتفا جئ من السرعة التي انتقلت بها الأحداث من بلد إلى آخر، لكن ما يثير العجب هو فحوى هذه التحركات، فالثورات في تونس،مصر،اليمن و البحرين بدئت بثورة مطلبيه و من ثم أخذت المطالب تعلي من سقفها و تأخذ بعدا سياسيا.

أما سورية فقد بدء الحراك سياسيا شكلا و مضمونا، ورغم إننا نؤمن بان الوضع في سوريا بحاجة إلى تغير جذري، و إصلاحات ديمقراطية، اقتصادية، وبرنامج عمل دءوب لاجتثاث الفساد من المؤسسات السورية ، لكن الطريقة المتبعة لتحقيق هذه المطالب تثير الشكوك حول أهداف هذا الحراك.

منذ البداية اعترفت القيادة السوية بان المطالب محقة و مشروعة،و إنها في صدد ترتيب الأمور و إصدار القوا نبن و المراسيم من اجل التغير، ونحن نفهم بان القيادة السورية كانت قد وعدت أكثر من مرة بإجراء هذه التغيرات، مما أدى إلى وجود جو من انعدام الثقة بين الشارع و القيادة، و من الطبيعي أن يكون الشارع مشككا لمصداقية وجدية القيادة في إجراء الإصلاحات،و أن يستمر بالضغط على السلطة لتحقيق أهدافه. وهذا ما نراه صحيا و إيجابيا. لكن أن تتجول الاحتجاجات إلى صدامات مسلحة و من ألحظة الأولى لاندلاع الحراك أمر مثير للتساؤلات.أن ينزل إلى الشارع مدنين من اجل المطالبة بالإصلاح و يجدوا أن من بينهم من تستر تحت المطالب ليطلق النار على أبناء شعبه مستغلا طريقة التعامل الهمجية من قبل الأمن السوري ويتهم الأمن السوري بذلك هو بحد ذاته يعبر عن نوعية المؤامرة المخطط لها.

و السؤال الأكبر هو لماذا اليوم بعد الثورات الشعبية التي كان أول نتائجها خروج مصر من طوق الخناق الامبريالي الصهيوني ؟ حتى لو كان هذا الخروج بشكل بطيء جدا، ولماذا درعا و بانياس ؟

عندما أعود بذاكرتي لأحداث أواخر السبعينات أوائل الثمانينات و أتذكر أن تلك الأحداث جاءت مباشرتا بعد كامب ديفيد وخروج مصر من الصراع، أرى أن الأحداث الأخيرة ترتبط كما ارتبطت تلك الأحداث بالتحولات الجارية في المنطقة . أن الصهيونية التي لم تتحمل بقاء سوريا وحدها تقريبا في الخط المعادي للاستسلام حينها،لا يمكن أن تسكت عليها اليوم ومصر قد خرجت من معادلة الاستسلام وتخط طريقا مخالفا لإراداتها. لذالك إننا ننظر بريبة و حذر لما يجري اليوم في سوريا.

كذالك إننا نرى أن المحرك لهذا الحراك المسلح هم نفس القوى التي تحركت في المرة السابقة، و نفس الأسلوب الدموي، لكن الفرق اليوم هو الغطاء الشعبي حيث استغلوا حراكا مطلبينا ليندسوا ، كذلك هناك فارق أخر هو القوى المساعدة من الخارج،فبينما تحمل العبء الأكبر لمساعدة الإخوان المسلمين حينها قوى و للأسف محسوبة على الحركة الوطنية الفلسطينية في طرابلس “لبنان” بتحالفها مع ملك الأردن السابق حسين الذي اعترف في رسالة علنية إلى حافظ الأسد بدورة و اعتذر، نرى اليوم أن من كان في صف القوى الوطنية ألبنانيه يتحالف مع الإخوان و الأردن لتحقيق نفس الهدف إلا وهو إخراج سوريا من محور القوى المعادية للصهيونية.

1

لماذا درعا و بانياس؟ الجواب هو موقعهما فدرعا تقع على طريق التهريب من الأردن و قبائل تلك المنطقة تشارك بفعالية في هذه العملية و السلاح المتنقل من و إلى سوريا بالجملة و المفُرق، و شراء الذمم في بلد يعوث به الفساد مسائله سهله، و الطائفية ماده يسهل استخدامها، فلماذا استهدفت إذا القرى المسيحية في سهول حوران من قبل من سموا نفسهم معارضه سورية؟

كذلك الوضع في بانياس فهي قريبة من القوى الأصولية في طرابلس” لبنان” المدعومة من أزلام السعودية تيار المستقيل ومٍن مَن كان يوما ما احد قياديين سوريا خدام الذي أصبح اسما مطبقا لعمله خادما لمصالح أعداء سوريا. كذلك إن نظرة سريعة للتركيبة السكانية لمنطقة بانياس نرى إنها موسايك طوائف و مذاهب مسيحي و مسلم، سني و علوي، فضرب التعايش المشترك هو ضرب للهوية العلمانية في سورية.

القارئ و المستمع لأخبار سوريا يسترعي انتباهه هذا الكم من المعلومات المنهمر علينا و هذا العدد من المراسلين الخاصين بكل وسيلة إعلام وهذا الرقم من الجرحى و القتلى الذي يتغير كما تتغير مؤشرات البورصة ارتفاعا وهبوطا حسب أهواء مدير المؤسسة الإعلامية ، يسترعي انتباهنا هؤلاء المعلقين من كل طيف و لون فمن الإخوان المسلمين إلى أنصار خدام يجتمعون مع من لفظهم اليسار في السبعينات في خندق واحد معادي لسوريا، نفهم موقف الإخوان فهم دائما معادين للنظام لكن من كوي بنارهم من “المثقفين ألثورين” و من لوحق لتصفيته كما لوحق البعث يا خدام هو أمر غير مفهوم بل مستهجن،ليس منك فقط بل من كل من يقف معك في هذا المنزلق الخطير.

كما يسترعي انتباهنا هذه الأفلام المزورة والمفبركة التي بثت مؤخرا عن المظاهرات فهي صور من بلد آخر حيث لا يوجد جنود أمريكيين في سوريا، و لا رجال الأمن هم مليشيات بيتهم أطفال، لذلك مهم أن نستخدم المنطق قبل الحكم على الأحداث.

كما يسترعي انتباهه هذا الكم من المواقع الالكترونية و الرسائل المرسلة بأسماء مستعارة ومواقع مجهولة الهوية و المصدر يجمعها أمرين أولا فكر الإخوان ألمسلمين و ثانيا العداء لسوريا شعبا و نظاما حيت أن التحريض على استخدام السلاح لا يعادي النظام فقط بل يضرب العامود الفقري لصمود سوريا ألا وهو ألعيش المشترك بين طوائف و مذاهب سوريا.

إن بقاء سوريا في المعسكر ألمعادي للاحتلال و الصهيونية هو أهم مهمة ملفاه على عاتق القوى الوطنية و التقدمية اليوم، لأن سوريا كانت و ما زالت المحور الرئيسي للصمود فبدونها لم يكن من الممكن طرد إسرائيل من لبنان بعد اجتياح ال82 ، ولم يكن من الإمكان الانتصار عام 2006، ولا توازن الرعب الحاصل اليوم بيننا وبين إسرائيل، ولولاها لما ابعد أزلام أمريكا عن الحكم في لبنان، ولولا سوريا كمثل للصمود لما رأينا ما نراه اليوم من تحولات في المنطقة.

إننا كما نرى أن دعم صمود سوريا واجب على كافة القوى الوطنية و التقدمية، نرى انه من واجب القيادة السورية تدعيم صمودها و ذلك من خلال

أولا رفع حالة الطوارئ و عودة ألعمل بأحكام الدستور.

ثانيا إصدار قانون ديمقراطي و عادل ينظم عمل الأحزاب.

ثالثا إصدار قانون انتخابي عادل،يسمح لكل القوى الوطنية المعادية للاحتلال و الصيونية المشاركة المتكافئة في الانتخابات.

رابعا إصدار العفو العام عن كل المعتقلين السياسيين وعن كل المبعدين.

2

خامسا للحفاظ على المجتمع السوري متلاحما يجب إعادة السيطرة على وسائل الإنتاج وإيقاف العلاقة العضوية بين رأس المال الطفيلي و جهاز الدولة،هذه العلاقة هي أساس الفساد .

سادسا محاسبة من له علاقة من قريب أو بعيد لما حصل مؤخرا من تجاوزات قوى الأمن

بذلك تكون سوريا قد سدت الطريق أمام كل المؤامرات وتكون كل القوى المقاومة قد حققت نصر كبير على أعدائها ألامروصهيونية والمحافظين الجدد و المتصهينين من شيوخ الهم والغم.

بقلم الرفيق فرج(عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى