صفحات الناسغالية قباني

لماذا غابت قنوات “السينييه”عمّا يشاهده الجمهور السوري؟/ غالية قباني

 

 

لم يكن مستغربا أن تكون قناتا “العربية” و”الجزيرة” الأكثر مشاهدة بين السوريين، فهما من أكثر القنوات اهتماما بالملف السوري. المفاجئ في ما جاء تاليا، أن قناة “أورينت” هي الثالثة في الترتيب، بينما توارت إلى مواقع متأخرة فضائيات عالمية ناطقة بالعربية.

النتائج نشرها تقرير “دراسة الجمهور السوري”، وقام به “مركز التعاون والانتقال الإعلامي” بالتعاون مع فريق من الباحثين في الجامعة الأميركية في بيروت، بإشراف البروفيسور جاد ملكي، وبتمويل من وزارة الخارجية الألمانية. وغطى البحث جمهور السوريين في أماكن اللجوء بالأردن ولبنان وتركيا، وفي مناطق النظام، وفي المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام.

المفاجأة في التقرير تنقسم إلى من حضر، ومن غاب، في القائمة. فبين من حضر، كانت قناة “اورينت” السورية المعارضة، التي حققت الترتيب الثالث في نسبة المشاهدة بين السوريين، خصوصا في تركيا التي تضم نسبة كبيرة من السوريين، سواء نازحي المخيمات أو المقيمين. وفي مقابل تقدم “أورينت”، غابت قنوات ظهرت باسم “الثورة” وتوارت إلى أسفل القائمة. ما يعني أن الإعلام المرئي الذي نشأ ليتلطى بالثورة وليستثمر فيها تجاريا وإعلاميا، لم تخدمه الشعارات أمام نقص المهنية، ولم ينجح بالتالي في التأثير على المشاهدين السوريين. وهذا يعني أيضا، أن المعارضة فشلت في إطلاق قناة تخدم السوريين وتعبر عن تطلعاتهم من وحي انتفاضة ربيعها.

وقناة “أورينت” التي تربعت على الموقع الثالث لم تنشأ من فراغ، فقد كانت في الأساس قناة سورية خاصة حصلت على ترخيص بالبث في سنوات متقاربة مع قناة “الدنيا” التي تحولت إلى صوت ينافس الصوت الرسمي للنظام. لكن “أورينت” التي انطلقت محلياً بالإسم العربي “المشرق”، قدمت صوتا مختلفا في المشهد الإعلامي السوري عند انطلاقتها في دمشق أوائل 2009، وتمكنت من جذب المشاهدين بتنوعها وبعدها عن الخطاب التعبوي للإعلام السوري السائد، خصوصا أنها لم تكن قناة إخبارية وإنما قناة عامة.

غير أن المتاعب التي واجهت القناة بسبب بعض المسؤولين السوريين، ومحاولة الهيمنة عليها ماليا وإداريا، دفعت بمالك القناة غسان عبود إلى الانتقال إلى مدينة دبي. وعند انطلاقة الثورة السورية كانت القناة جاهزة لأخذ دور صوت المعارضة، سواء اتفق معها البعض أو اختلف، غير أنها كانت الصوت الإعلامي السوري الأقوى والأكثر مهنية في مواجهة إعلام النظام، لأن العاملين فيها كانوا من الصحفيين وليسوا طارئين عليها كما حدث في قنوات ناشئة أخرى.

بعد أن مررنا على مفاجأة الحضور في قائمة القنوات الأكثر مشاهدة، هناك مفاجأة الاختفاء عن مقدمة القائمة لقنوات إخبارية تحمل أسماء “سينييه” في عالم الميديا المرئية، مثل قناة “بي بي سي” التي جاءت بالمرتبة السابعة بعد قناتي “الميادين” و”الجديد” اللبنانيتين، وقناة “سما” (الدنيا سابقا بعد وقف بثها على نايل سات وعربسات بقرار من وزراء الإعلام العرب).

أما قناة “سكاي نيوز- عربية” التي تعاني من تيه في البوصلة التحريرية حيال الحراك العربي، فقد جعلها هذا بلا تأثير كبير على المشاهدين السوريين، كما يشير موقعها التاسع في القائمة.

بينما اختفت قناة “فرانس 24” تماما من بين القنوات العشرة الأولى، وتوارت تحت تسمية (قنوات أخرى بنسبة 1%). فلماذا غابت هذه القناة وهي التي انطلقت باللغة العربية أساسا للتواصل مع شعوب المنطقة؟ ومعلوم أنها مع منافستها البريطانية “بي بي سي” اهتمتا بالربيع العربي في بداياته، وكان من الممكن أن تتحولا إلى قناتين بنسبة مشاهدة عالية لارتفاع سقف الحريات فيهما، لكنهما تراجعا عن هذا الموقف بعد حماسة. ويقول مقربون من “فرانس24 “أن القيّمين عليها شعروا بصعوبة منافسة قناتي “الجزيرة” و”العربية” في تغطية الحراك العربي، فاكتفوا بالتركيز على البلدان المغاربية حيث تحقق القناة الآن نسبة مشاهدة عالية.

عودة إلى قناة “بي بي سي” التي كانت من أولى القنوات التي اهتمت بثورتي مصر وسورية، قبل أن تدخل في التخبط التحريري وبصراعات في صالة التحرير بين مؤيد ومعارض للأنظمة، وعدم وضوح سياسة تحريرية واضحة حيال بعض الملفات. كما منحت مساحة لصوت السلطات بحجة “الحيادية” خصوصا في سورية، فتذبذب الخط التحريري طوال السنوات الثلاث الأخيرة، وفي هذه السمة “تطفيش” للمشاهد الذي يفضل أن تكون له توقعاته المسبقة من الوسيلة الإعلامية التي يتابعها، وفشلت القناة في أن تكون خياره الأول في متابعة الأخبار المتسارعة، بعد أن كانت إذاعة “بي بي سي” تعد مصدرا أولا للأخبار في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية حتى بداية الألفية الثانية.

قائمة القنوات الأكثر مشاهدة بيّن السوريين

(العينة شملت 1400 سوري داخل وخارج سورية)

قناة “العربية” في المرتبة الأولى،

“الجزيرة” في المرتبة الثانية،

قناة “أورينت” في المرتبة الثالثة.

قناة “سما” السورية في المرتبة الرابعة

قناة “الجديد” في المرتبة الخامسة

قناة “الميادين” في المرتبة السادسة.

قناة “بي بي سي” في المرتبة السابعة

قناة “الإخبارية السورية” في المرتبة الثامنة

قناة “سكاي نيوز- عربية” في المرتبة التاسعة

قناة “الفضائية السورية” في المرتبة العاشرة

تاليا: “العربية الحدث”، قناة “الجيش السوري الحر”، “المنار”، “حلب اليوم”، وقنوات أخرى.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى