صفحات العالم

لماذا لا يمكن أخذ تهديدات بشار الأسد على محمل الجد


نهاد إسماعيل

سياسة الابتزاز والتهديد لا تجدي مع العقلية الغربية

هذا درس يجب ان يكون قد استوعبه بشار ألأسد من خبرة زملاءه في الدكتاتورية صدام حسين ومعمر القذافي اللذان هددا وتوعدا وسقطا وهلكا وانتهى بهما المطاف في حفر وانابيب كنتيجة مباشرة للغباء والعناد وسؤ قراءة نوايا المجتمع الدولي. والآن بشار الأسد الذي من المفترض ان يكون مثقفا ومتعلما حيث عاش وعمل في جو ديمقراطي بريطاني من خلال تواجده في احد مستشفيات لندن كطبيب عيون. المفارقة العجيبة ان طبيب العيون لا يزال عاجزا عن رؤية المخاطر التي تحدق بسوريا. وها هو يكرر نفس الاخطاء بالابتزاز والتهويل مما يشير الى انه وصل حافة الهاوية وليس امامه سوى خيارين الأول مواصلة التعنت وحملة القمع والقتل اي الحل العسكري العنيف وهذا خيار الانتحار والخيار الآخر التنحي والاستقالة وافساح المجال للمعارضة بأن تشكل حكومة جديدة تشرف على انتخابات نزيهة والانتقال الى الديمقراطية.

ماذا يقول بشار الأسد بعبارة اخرى

أنا محشور في زاوية ضيقة وأشعر باليأس والغضب لذا سأهدد وابتز لحماية نفسي وحماية النظام.

 أريد البقاء في السلطة لأربعين عام اخرى ولكي احقق هذا الهدف يجب أن يسكت العالم ويتركنا لوحدنا لنسحق الاحتجاجات بالقوة العسكرية وقتل عشرات الالوف من السوريين. البقاء في السلطة هو اهم من سوريا ومن الشعب السوري.

 أنا في أزمة انا في مأزق ومحاصر ولا أدري ما أفعل لذا سأكرر النغمة المستهلكة ان سوريا ليست ليبيا وليست تونس. اريد تخويف العالم من افغانستان جديدة واريد ان احرق المنطقة واخلق زلزازل ودمار.

  ويتساءل المرء لماذا فجأة عندما يشعر النظام انه على وشك السقوط نسمع التهديدات بالحرائق والزلازل ولكن خلال 40 عام من احتلال الجولان لم نسمع همسة ناعمة تهدد اسرائيل.

ما قيمة هذه التهديدات

 التهديدات المتكررة من النظام السوري لا قيمة لها ولا يصدقها احد. قبل عدة اسابيع سمعنا تهديدات وليد المعلم بأن نظام دمشق سوف يتخذ خطوات مشددة ضد من يعترف بالمجلس الوطني السوري الانتقالي. هدد وليد المعلم سابقا بمسح اوروبا من الخارطة ولا شك انه سيهدد بمسح اميركا الشمالية من الخارطة ايضا رغم عجزه عن انهاء احتلال هضبة الجولان السورية المحتلة منذ 1967.

 لغة بشار الأسد في مقابلته مع الصندي تلغراف البريطانية هي لغة الانتحاري اليائس الذي وضع نفسه في زاوية ضيقة لا يستطيع الخروج منها. لا شك ان النظام في أزمة عميقة وأوقع نفسه في حفرة ولكنه غير قادر على الخروج منها. فبدل من مد يديه للاصدقاء مثل الجامعة العربية للخروج من الحفرة يباشر بالمزيد من الحفر وتتعمق الحفرة وتزداد صعوبة الخروج منها.

القاعدة العامة

 كقاعدة عامة يمكن القول اذا هدد الدكتاتور بالويلات لتخويف العالم فهذا تأكيد ان الدكتاتور بدأ يشعر بالخوف الحقيقي وان ساعة الحسم تقترب وان النهاية باتت في الأفق وما هي الا مسألة وقت.

 يقول بشار في مقابلته ان ليبيا ليست سوريا ولكن اوجه الشبه بينه وبين معمر القذافي كبيرة جدا فكلاهما دكتاتور يريد التشبث بالسلطة لو عنى ذلك قتل مئات الالوف. وسمعنا تهديدات معمر القذافي باشعال اوروبا واميركا بأعمال ارهابية وان الشعب الليبي سيتحول الى جيش جهادي ضد الناتو وهزيمة الصليبيين الخ من التهويلات اللفظية. لا يزال تهديده بملاحقة الثوار حوش حوش ودار دار وزنقة زنقة نكتة للتندر في العالم العربي. وأين معمر القذافي الآن. وكيف جاءت نهايته. لو كان عاقلا لتفاوض على صفقة للخروج من ليبيا مع اموال كافية له ولعائلته واعوانه. ولكن الغباء والعناد أوصله الى انبوب تصريف المجاري وحفرة مجهولة في الصحراء. بشار الأسد لم يتعظ. ومن الضروري التنويه ان ليس كل الطغاة اغبياء بنفس الدرجة. زين العابدين بن علي هرب من تونس وجنب بلده القتل والمجازر وحسني مبارك استقال وتنحى قبل اندلاع مواجهات دامية بين الجيش والشعب.

وقبل عدة سنوات سمعنا تهديدات صدام حسين بحرق نصف اسرائيل وتدمير المنشأت النفطية في الخليج وعندما جاء الغزو تلاشى الحرس الجمهوري واضمحل الجيش العراقي وصمتت الحناجر التي كانت تردد بالروح والدم نفديك يا صدام. واين هو الآن. عثر عليه مختبأ كالجرذون المذعور في حفرة بائسة وفي النهاية اعدم شنقا. وبشار الأسد لم يتعظ.

 التعويل على ايران وحزب الله

 من غير المحتمل ان تجازف ايران بأي عمل عسكري يعرض مصلحتها للخطر علما انها لا تزال مستهدفة اميركيا واسرائيليا بسبب برنامجها النووي فضلا عن توتر العلاقات مع اميركا والسعودية في قصة محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن. اما حزب الله فهو ليس من الغباء ان يجازف بحرب مع اسرائيل قد تؤدي الى حرب تدمر لبنان وحزب الله معا من اجل حماية عصابة البعث الحاكمة في دمشق.

الدروس والاستنتاجات

 الدرس الذي تعلمناه في عالمنا العربي الكبير انه اذا صدر تهديدات من الدكتاتور الطاغية لا حاجة للقلق لأنها تذكرنا بتهديد النظام السوري الحميد بعد كل انتهاك اسرائيلي الذي يقول “سيكون هناك رد مناسب في الوقت المناسب” وهذا يعني أمرين الأول سوف لا يحصل شيء ابدا لأن التهديدات تبقى فقاعات هوائية كلامية سواء كان مصدر الفقاعات بثينة شعبان او وليد المعلم أو بشار الأسد والأمر الثاني ان ساعة السقوط بدأت تقترب والنهاية المحتومة باتت وشيكة. لذا لا يمكن أخذ تهديدات بشار الأسد وبثينة شعبان ووليد المعلم على محمل الجد لأنها تفتقد للمصداقية ولأن التهديدات تصدر من اشخاص تمرسوا على الكذب والمراوغة والفهلوة الشفهية والبهلوانية السياسية وصدق وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني بالاشارة الى الاحتيال واللف والدوران الذي تمارسة دمشق ببراعة.

 ما الحل؟

 في مقال سابق نشر في ايلاف قبل اسبوعين من الزمان قدمت بعض النصائح لبشار الأسد لينجو من الهلاك ومواجهة مصير القذافي او صدام حسين. والخص بفقرة سريعة الخطوات المطلوبة من بشار الأسد ليهرب من مصير مؤلم ومهين وهي الاعتراف بالمجلس الوطني والتنحي عن السلطة ومغادرة سوريا. واذا اراد البقاء في سوريا عليه تفكيك حزب البعث والشبيحة والغاء الأمن السياسي واجهزة المخبارات ويعتذر للشعب السوري ويخضع لمحاكمة سورية عادلة حسب معايير البعث المحلية.

نهاد اسماعيل

اعلامي عربي – لندن

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى