صفحات سورية

لم يفعل النظام السوري الا ما هو أهله..

 


جمال الهنداوي

نفاذ صبر كبير..وتذمر معلن من سوء طوية الشعب السوري ونكرانه لجميل وافضال وايادي النظام البيضاء الكثيرة..كان هو ما ابداه السيد د. وليد المعلم وزير الخارجية السوري تجاه تداعيات الحراك الشعبي الثائر الذي يضرب باطناب ارض الشام المعطاء والذي عزاه الى “عناصر مخربة” استطاعت”الاندساس” بين المتظاهرين واطلقت النار عليهم وعلى رجال الامن لـ”الجر للعنف واحداث فوضى”الامر الذي “لم يعد يمكن السكوت عنه”..واصبح مزعجا جدا للنظام الذي تطاول عهده بالشعب الودود اللطيف الخانع مشرع القفا لكف الحاكم الحنون يصعفه متى شاء وشاء له الهوى..وهو مما “يتطلب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحفظ الأمن والاستقرار وسلامة الوطن ومواطنيه”..اي المزيد من القمع حسب ما يمكن ان يفهم من كلام السيد الوزير المعلم..

نفاذ صبر..بل وعيد..وتهديد صريح بأن الصبر قد أخذ مداه وأن للنظام اولا واخيرا سوط يحميه..وأن الرئيس الطيب اللطيف دائم التبسم قد يضطر الى ان يعاقب شعبه بما تيسر له من جيش ومدد واعوان وحديد..رغم ان ذلك قد يكون مما لا يرتضيه ويسرع في نزول السواكب من عينيه.. فالمضطر يركب الصعب لان “مثل هذه الحوادث تؤدي للإضرار الكبير باقتصاد البلاد وسلامة المواطنين وأمنهم. كما أنها محاولة للإساءة إلى سمعة سورية الدولية، وهذا ما يهدف إليه المخربون، الأمر الذي لم يعد يمكن السكوت عنه”..

نفاذ صبر ووعيد وتهديد صريح بشر مستطير سيكون لو طال المطال وطول بالانتفاضة الشعبية المناهضة لحكم الوريث..وتبشير باجراءات ستتخذ..وهو مما يثير الحيرة والاستغراب والتساؤل عن التوصيف الدقيق الذي يراه النظام معبرا عن كل هذه الدماء الغزيرة التي عمدت شوارع وازقة واسواق درعا واللاذقية وحمص وغيرها من المدن السورية الثائرة الباحثة عن مكان تحت شمس الله الساطعة وابراء ذمة الشعب تجاه الوطن والتاريخ..

فكأنما يقرأ في خاتمة الصفحات الاخيرة من كتاب ابجديات القمع والاستبداد.. كان النظام يتصرف وهو يبطش بمواطنيه مع اول الهمسات الخافتة الخجولة التي تبادلت كلمات الحرية والنور والغد المنتظر..والى السلاح الحي والقنابل المسيلة للارواح واستعداء الخارج والاعتقالات العشوائية وتكميم الافواه ذهب النظام المخابراتي العائلي المغلق مع اول تذوق للذة الهتاف العلني عالي الصوت لكلمات الحق والمساواة والعدالة وحلاوتها على لسان الشعب المجهد النبيل.. قمع وتنكيل وتقتيل وسحق وتكسير للعظام كان خيار الحكم مع اول خطوات الشعب المتعثرة في ساحات المجد والنضال والنداء بحق التعبير الحر وحقوق الانسان ..وكل هذا والنظام يكابد الصبر الجميل عن الاذى..فماذا ادخرت ليوم كريهة او لنفاذ صبر..

من المهين للسلطة التخابئ خلف الشبيحة والبلطجية و”المندسين” لتبرير ممارساتها القمعية الارهابية..مهين ومذل بقدر ما في هذا الموقف من اعتراف واقرار ضمني بوحشية ولا انسانية وجرمية الافعال التي تقترفها القوى الامنية ..كما انها حجة قد تكون من الهزال بحيث لا تقوى على الصمود امام التساؤل البسيط البديهي عن هوية الجهة”المندسة” التي تقوم بقطع خدمات الشبكة الدولية والاتصالات وحجب المواقع عن المناطق الثائرة ..وكيف تتحصل على صلاحية استدعاء الجيش وفرض حظر التجوال..

وعيد وتهديد كان ما ادلى به السيد الوزير..بل هو قلق وخوف وارتعاش ناتج من استنفاذ النظام لجميع ما بين يديه من اوراق لا يملك سواها ولا يحسن اللعب بغيرها..ولم يتوقع احدا خلاف ذلك من مثل هذا النظام البعثي البغيض..فهذا القتل الممنهج والارهاب المنظم هو كل ما يعرفه..وكل ما يقوى عليه..فلا تتوعد ولا تهدد..فلن ينتج نفاذ صبرك عن أي شئ اكثر مما كان..ولن ترهب كلماتك الشعب السوري العظيم..فهو لم يفاجئ بكل ذلك الاجرام ..ولم يحتسب منك غيره..ولم يظن بك غير ما انت اهله..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى