بيانات الانتفاضة

بيـــــان من حزب الشعب الديمقراطي السوري


تواصل قوى الثورة السورية، وجيشها الحر، معاركها الميدانية والعسكرية، محققة كل يوم تقدماً مضطرداً في مواجهة حرب الإبادة الوحشية التي يشنها النظام المجرم ضد شعبنا الصامد.. فمعارك دمشق الأخيرة عكست قدرة الثوار على مواجهته في عقر داره، وتوجيه  ضربات نوعية لعصاباته وشبيحته ولآلته العسكرية أيضاً.

أمّا معارك حلب فقد شكّلت نقلة نوعية في مسار الثورة، وأظهرت قدرتها التعبوية والميدانية، مستندةً لدعم الحاضنة الشعبية الواسعة، ومكنّتها من الصمود في مواجهة القصف الصاروخي والجوّي. ولعلّ ضراوة هجمات النظام على هذه المدينة الباسلة، يعكس بوضوح أهمية هذه المعركة، كمعركة حاسمة، جعلت جميع المراقبين يقتنعون، أنَّ ميزان القوى على الأرض أضحى واضحاً لصالح الثورة، خاصّةً أنّ الانشقاقات العسكرية والأمنية والسياسية والدبلوماسية، المخفي منها والمعلن، تعكس تآكل النظام، وتعمّق شروخاته وتصدعاته.

وبالرغم من استمرار هذه الحرب المجنونة، والتطهير الطائفي، والمذابح والاعدامات الميدانية، تتواصل مظاهرات التحدّي والاستنكار. ولم يمنع القصف المتواصل على العاصمتين والمدن والبلدات الأخرى من خروج الحشود الكبيرة المطالبة بإسقاط النظام ومحاكمته. لقد ارتفع معدّل القتل اليومي إلى مايقارب المائة وخمسين شهيداً، وبلغت حصيلة شهر تموز المنصرم مايقرب من أربعة آلاف شهيد، بينهم ستمائة طفلٍ وامرأةٍ.

*       *      *

إزاء مايجري مؤخراً على الساحة السورية، أخذت المواقف العربية والدولية منحىً تصعيدياً، فقد نجحت الجامعة العربية باستصدار قرارٍ، من الجمعية العامة للامم المتحدّة، بأغلبية مائة وثلاثة وثلاثين صوتاً، يدين جرائم النظام ويدعو إلى الدخول في “مرحلةٍ انتقالية”. مثل هذا القرار سبقته قرارات كثيرة ظلّت عاجزةً عن لجم الآلة العسكرية للنظام ونصرة الشعب السوري في حقّه بالحريّة، واختيار نظامه الذي يريد.

أمّا على الصعيد الإقليمي، فتشهد الحدود مع تركيا والعراق والأردن توتراً خطيراً، إذ يسعى النظام بسبب ترنّحه، إلى توسيع دائرة الصراع أملاً في إيقاف انحداره. مايجري على الحدود التركية خاصّة خير دليل على ذلك. لكننا نلحظ أيضاً  تقارباً بين تركيا والبرزاني الذي يمكن أن يلعب دوراً، لا في لجم حزب الـ pkk، وإنّما قد يجعل الإيرانيين والعراقيين الساعين إلى إنقاذ النظام يعيدون النظر في تدخلهم العسكري. ومهما يكن من أمرٍ تبقى مواقف ايران الداعمة له وتصريحات قادتها الوقحة والحاقدة على الشعب السوري، موضع إدانة شديدة. إنّها تكشف درجة فشلهم في ايجاد مدىً حيويٍّ في المشرق العربي، بصرف النظر عن خلفياته المذهبية أو القومية المعادية.

*       *       *

إن أهم ما تقدمه التطورات الميدانية الأخيرة، كما أشرنا أعلاه، سقوط خطة عنان. بل يمكن القول إنَّ الحلول السياسية الملغومة الهادفة إلى انقاذ النظام أو بعض أركانه ومؤسساته أصبحت بلا طائل.. فالمعادلة السياسية عموماً يحددها ميزان القوى على الأرض. وهذا مانلمسه من تغيير في المعادلات الدولية والإقليمية إزاء الوضع السوري.

لعلَّ المشروع الفرنسي بالدعوة إلى حكومة مؤقتة برئاسة مناف طلاس والترويج لها من مدعي المعارضة، وكذلك تسرّع بعض المهووسين بالسعي لتشكيل حكومة انتقالية، وإصرار أوساط دولية وبعض الدول العربية لإيجاد لجنة موحّدة للمعارضة، لا ترمي إلا لخطف انتصارات الثوار الذين من حقهم تولّي قيادة مرحلة مابعد سقوط النظام، وليس تولّي المعارضة المتواجدة في المهجر، والتي يفترض بها أنَّ تكون الداعمة والمنفّذة لتوجهاتهم. فعندما يتمكّنون من تحرير مناطق، يستطيعون بسط سلّطتهم عليها، وإدارة شؤونها يمكن البحث في أمر الحكومة الانتقالية. نعتقد أنّ هذا الاستعجال يضع إشارات استفهام مريبة، تدعونا إلى الشكِّ في مراميه؟!.

يؤسفنا كثيراً أن نوجه ملاحظاتنا وانتقاداتنا لمعارضة الخارج المنحازة والداعمة للثورة، وخاصّة المجلس الوطني السوري، الغارقة في تناقضاتها والراكضة وراء مصالحها الضيقة، في الوقت الذي يحتدم الصراع مع سفاحي سوريا ومدمّري مدنها. فالمرحلة الحالية تتطلب التمركز فقط حول دعم الثورة بمختلف الأشكال الممكنة وتجنيد الجالية السورية والحصول على دعم الشعوب العربية والرأي العام العالمي، من أجل تقديم المزيد من المساعدة، ولتحقيق الانتصار على النظام.

إنَّ الانتصارات التي حقّقتها الثورة السورية خلال الشهر المنصرم، ينبغي أن تشكّل حافزاً لكلِّ فصائلها، بما فيها تشكيلات الجيش الحرّ، من أجل توحيد صفوفها.. فنقطة الانطلاق ينبغي أن تبدأ بتشكيل المجالس المحلّية التي تضمَّ جميع العاملين في الثورة، مروراً بلجان المحافظات، وانتهاءاً بمجلس أعلى لها. وعلى هذا المجلس أن يتولّى القيادة حتى دحر النظام. فهو المسؤول  الذي ينحصر بيده، ليس العمل العسكري والميداني فحسب، بل العمل السياسي والإداري أيضاً. وماعلى قوى المعارضة المنحازة للثورة سوى التنسيق والتعاون معه وتقديم كل أشكال الدعم له.. والنجاح في هذه المهمّة سوف يقلّل خسائر الثورة ويسرّع في انتصارها.

المجد والخلود لشهداء الثورة السورية

                                                       الأمانة المركزية لحزب الشعب  الديمقراطي السوري

                                                               دمشق في / 11 / 8 / 2012

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لقد قرأت بيانكم وبيان حركة الإخوان المسلمين ومجلس اسطنبول وهيلاري كلنتون، فوجدت أنها نفس النسخة مكررة مع تعديلات طفيفة.عنوان حزبكم طريف، حزب الشعب الديمقراطي، وتنسون أسس جوهرية مثل أنكم لا تمثلون الشعب، ولا تتحدثون بديمقراطية ، تؤيدون العمل المسلح ضد الدولة لإسقاطها رغم معرفتكم التامة أن من يقوم بذالك ليس لهم علاقة لا بديمقراطية ولا وطن ،كما تعلمون تماما أن ما تفعلونه هو هدف الغرب الذي صنعكم ويستخدمكم لإسقاط الدولة السورية. ما تدعونه من أهداف وأفكار وكلام يتكسر عندما نجد تحالفكم مع العدو والإجرام والقتل ضد الشعب والوطن والدولة. وعليه نحن ،شريحة كبيرة من الشعب السوري نضعكم بنفس خانة العدو ونعتبركم مشاركين في تخريب الوطن وقتل الناس ونطلب محاكمتكم وإعدامكم في الساحات العامة بتهمة الخيانة والعمل على تقويض استقرار الوطن والتحريض على القتل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى