صفحات العالم

ماذا لو قرّرت سوريا المواجهة في لبنان وعبره؟


مازن حايك

حقاً، ماذا لو قرّرت سوريا فعلاً مواجهة المجتمع الدولي والعربي في لبنان، وعبره؟! سؤال يُطرح في ظل التداعيات المتّصلة بعزلة سوريا المُتزايدة، والحِراك الشعبي المتواصل فيها، وشُغور مقعدها في اجتماع الدول العربية في الرباط، وتَجاهُل دعوتها الى عقد قمّة عربية… والاحتقان اللبناني الناتج عن تصويت وزير الخارجية “ضد” قرار وزراء الخارجية العرب في القاهرة القاضي بتعليق عضوية سوريا وسحب السفراء منها، عوضاً عن “الامتناع”، التزاماً بموقف تحييد لبنان عن انعكاسات الأزمة السورية، واحتراماً لـ “الإجماع العربي”، وإيماناً بـ “الربيع العربي” والتجربة الديموقراطية في بلد الأرز.

قيل الكثير، همساً وغمزاً، عما يُمكن أن يكون عليه الأمر لو “امتنع” لبنان أو تجرّأ على التصويت “مع” القرار العربي الأخير… بمعنى، أن تكلفة “وقفة عزّ” لبنانية كهذه، يُمكن أن تكون أغلى ثمناً على البلد والمجتمع الدولي والعربي الموجود فيه، مما هي عليه اليوم. فالجميع يعلم، وبمَن فيهم أشدّ المعارضين للنظام السوري، أنه إذا قرّرت سوريا يوماً

المواجهة مع العالم والعرب، فهي لن تَجد سوى لبنان مسرحاً وحيداً ومُفضَّلاً لها، سبق أن اختبرته في المواجهة بالوساطة! وعندها، سيدفع لبنان الثمن، مرّة أخرى، من مصلحته الوطنية، وأمنه، واستقراره، وسلامة مواطنيه، واقتصاده، ومعه المَصالِح الغربية والعربية المُقيمة فيه، والسريعة الانتقال منه. هكذا سيناريو يُذكِّر بالماضي الأليم، ويُنبّه إلى واقع كون لبنان “الحلقة الأضعف” الأكثر تأثُّراً بتداعيات الوضع في سوريا، من حيث امتداداته اللبنانية، المسلّحة منها وغير المسلّحة، وارتداداته على الدولة اللبنانية ومؤسساتها وأجهزتها… وخصوصاً، على ما تبقّى لها من هيبة!

في المُحصّلة، إذا قرّرت سوريا المواجهة، في لبنان وعبره، يُمكنها لعب أوراق “اللحظة الأخيرة”، وإلحاق الضرر الفادح بالجميع، حلفاء وخصوما، من دون استثناء. لكن، حتى مع هكذا خيار، لن يكون من السهل على سوريا هذه المرّة تغيير وضعها الداخلي، أو رسملة سياسة خارجية باتت فاقدة الصلاحيّة ومكشوفة لدى الدول الغربية والعربية.

ومن غير المحسوم أيضاً أنها ستتمكّن من استغلال الفوضى المُستتبَعة في لبنان لمصلحتها، سعياً لاستعادة دور “الشرطي – الإطفائي”، الذي أُوكِل إليها – أو أَوكَلَته الى نفسها ذات مرّة، والذي صار المجتمع الدولي في غنىً عن خدماته، وغير مُستعِدّ لمكافأته، كما في السابق.

عسى ألاّ يدفع لبنان، كما في كل مرّة، ثمن حروب الآخرين وصراعاتهم والرهانات، وأن نتذكَّر: “عند تغيير الدول، احفظ راسك”… عالياً، لكن حافظ على بلدك… أولاً!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى