صفحات العالم

الملا لافروف!

طارق الحميد
تصريح خطير، بل هو سقطة، ذاك الذي نقلته وزارة الخارجية الروسية عن وزيرها سيرغي لافروف، والذي قال فيه إنه: «إذا انهار النظام السوري الحالي، فإن بعض البلدان في المنطقة يرغبون في إقامة حكم السنة في سوريا»! فغريب جدا أن يصدر مثل هذا التصريح من وزير خارجية، ناهيك عن أنه روسي!
هذا التصريح، السقطة، لم يصدر عن حسن نصر الله، ولا نوري المالكي، ولا مقتدى الصدر، ولا حتى من صالحي وزير خارجية إيران، ولم يصدر كذلك عن بشار الأسد، بل إنه يصدر عن دولة علمانية لم يكن من عادتها السقوط في المستنقع الطائفي، وباللغة التي تحدث بها «الملا» لافروف. وعندما نقول «ملا» فهي من «ملالي» طهران الخمينية! لكن هل يمكن النظر إلى حديث لافروف فقط من هذه الزاوية الطائفية؟ لا أعتقد، الواضح أن تصريحات لافروف تنم عن إحباط، أكثر من كونها خوفا من السنة!
فطوال الأيام الماضية، أفرط وزير خارجية روسيا في إطلاق التصريحات حول الأوضاع في سوريا، ومجملها كان متناقضا. فمن انتقاد بشار الأسد، وتحميله مسؤولية تأجيج الأوضاع بالمعالجات الخاطئة التي قام بها في سوريا – بحسب ما قاله لافروف نفسه – إلى تصريحاته بأن بلاده تريد التعاون مع مجلس الأمن، وغيرها، وصولا إلى التصريح السقطة، الذي من الصعب تخيل أن يصدر من وزير خارجية، ناهيك عن أنه روسي. فالقول بأن بعض البلدان في المنطقة تريد إقامة حكم سني في سوريا ليس تصريحا خطرا وحسب، بل إنه افتقار للحصافة الدبلوماسية المفترضة بوزير خارجية روسيا. وعليه، فإن كل ذلك يقول لنا إن تصريحات لافروف حول الحكم السني هي دليل إحباط روسي من عدم تلقف دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديدا السعودية، لتصريحات لافروف المتناقضة حول سوريا، فتلك التصريحات تقول إن موسكو كانت قد فتحت باب «التحريج» على النظام الأسدي، لمن يريد أن يشتري، وهذا ما لم يحدث، وبالطبع كان الوقت يمضي، والحرج يزيد على روسيا.
وبالطبع، فقد سبق أن كتبت هنا مقالا ملخصه ضرورة الجلوس مع الروس، وتحديدا بعد اجتماع لافروف مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة. لكن حتى وإن لم تجلس الدول الخليجية – أو السعودية تحديدا – مع الروس، فإن هذا لا يبرر هذا التصريح المعيب الصادر من موسكو حول حكم السنة في سوريا. فهذا التصريح تأجيج للطائفية، وبشكل غير مسبوق، وهذا تصريح من الصعب أن يمحى من ذاكرة المنطقة، وعلى كافة المستويات، وحتى لو أخرجت موسكو الأسد من سوريا، بل ما الفرق الآن بين ما يقوله الشيخ عرعور حول النظام الأسدي، وما قاله لافروف حول السنة؟ فهل تتنبه موسكو إلى ذلك؟
الأكيد أنه حتى لو تنبهت روسيا، فإن الضرر – وهو كبير – قد وقع، حيث اتضح أنه لا فرق بين الملا المتوشح بالأحمر، والملا المتوشح بالأسود في إيران، فكلاهما أخطر من الآخر، لأنهما يسكبان الزيت على النار في منطقة تحتها الكثير من البارود! وهذا ما فعله الملا لافروف للأسف!
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى