صفحات الرأي

ما تحقّق وما لم يتحقق/إبراهيم غرايبة

 

 

حددت الأمم المتحدة/ البرنامج الإنمائي، في أوائل الألفية، وبعد قمة عالمية، شارك فيها قادة العالم عام 2015 موعداً لتحقيق مجموعة من الأهداف ومواجهة التحديات التي تواجه العالم؛ الفقر والجوع، والمرض، والتعليم، والتلوث.

ويؤشر التقرير الأولي الموجز لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية إلى مجموعة من الإنجازات والتحديات، وتؤشر التغيرات في الأرقام بين عامي 1990 و 2015 إلى تحسن مستمر في الدخل والصحة والتغذية، ففي مواجهة الفقر والجوع، يورد التقرير أن معدلات الفقر بمعيار دولار وربع الدولار للفرد يومياً، انخفضت من 50% عام 1990 إلى 14% عام 2015، وتضاعف عدد الطبقة الوسطى (4 دولارات يومياً للفرد) ثلاثة أضعاف من 18% إلى أكثر من 50%. وانخفضت نسبة الذين يعانون من سوء التغذية من 23% إلى 13%.

وتزايدت نسبة التعليم الابتدائي من 83% إلى 91%، وانخفض عدد الأطفال الذين لا يلتحقون بالمدارس، من مائة مليون إلى 57 مليون طفل، وفي مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، يتزايد التحاق الفتيات بالتعليم، وأصبح عدد الطالبات في المدارس يفوق عدد الطلاب في معظم دول العالم، وتحقق المرأة مكاسب إضافية في الالتحاق بالعمل والمشاركة السياسية وفي البرلمانات، وإنْ ما زالت النساء يمثلن 20% من أعضاء المجالس النيابية.

وتناقصت نسبة وفيات الأطفال بتسارع كبير، وزادت نسبة الأطفال الذين يتلقون لقاحات ضد أمراض الحصبة، من 73% إلى 84%. وتراجعت نسبة الوفيات للنساء في أثناء الولادة بنسبة 45% منذ 1990، وانخفضت الإصابات الجديدة بمرض الإيدز بنسبة 40%، أي من 3.5 ملايين إلى 2.1 مليونَي إصابة، وانخفض المعدل العالمي للإصابة بالملاريا بنسبة 37% وانخفض معدل الوفيات بسبب الملاريا بنسبة 58%، وانخفضت الإصابات بالسل بنسبة 41%.

وتخلص العالم نهائياً من استخدام المواد المضرّة بطبقة الأوزون في الجو، ويتوقع أن تستعيد هذه الطبقة عافيتها بحلول منتصف القرن، وتزايدت نسبة السكان الذين يستخدمون مصادر محسنة من مياه الشرب من 76% إلى 91%.

وفي مجال الشراكة العالمية، تزايدت نسبة المعونات التي تقدمها الدول المتقدمة بنسبة 66% لتصل في عام 2014 إلى 135 مليار دولار، وتزايدت نسبة السلع التي تستوردها الدول المتقدمة من النامية بدون جمرك من 65% إلى 79%، ووصلت نسبة سكان العالم الذين يحصلون على خدمات الموبايل إلى 95%، وتزايدت نسبة مستخدمي الإنترنت من 6% إلى 43%، ليصل عدد المستخدمين في 2015 إلى 3.2 مليارات نسمة.

وفي المقابل، ما زالت هناك تحديات ومخاطر تهدد التنمية ومستوى المعيشة والاستقرار في العالم، فما زالت النساء يواجهن التمييز في العمل والدخل والمشاركة في القرار، ففي حين تبلغ نسبة مشاركة الرجال في سوق العمل 75%، فإن نسبة مشاركة النساء 50%، ويقل ما تكسبه المرأة في عملها عن الرجل 24%، وما زالت ثمّة فجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء، ففي الدول النامية تصل فرصة الإصابة بالمرض والوفاة لدى أطفال أفقر 20% من السكان، ضعف فرص الإصابة لدى الأطفال من فئة أغنى 20% من السكان.

وفي المجال البيئي، تزايدت نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50%، ويفقد العالم مزيداً من الغابات، ويتزايد الاستهلاك الجائر للأسماك، ما يهددها بالانقراض، ويطاول شح المياه 40% من سكان العالم، وهي نسبة مرشحة للازدياد.

وتبقى النزاعات أكبر تهديد يواجه العالم، ففي نهاية عام 2014 كان حوالى 60 مليون إنسان قد هجّروا من بلادهم، وهو أعلى رقم للمهجرين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد تضاعفت معدلات اللجوء والتهجير في السنوات الخمس الأخيرة.

قياس الأهداف والإنجازات يساعد على تحقيقها، كما أن تحويلها إلى قضية عامة للتداول يحسّن من البيانات المتعلقة بها، والجدل حولها يجعلها عرضة للمراجعة والمراقبة، مما يحسّن الأداء العام، وقد حان الوقت ليشغل المثقف العربي نفسه بقضايا وأهداف التنمية العالمية والوطنية، مهما كانت متخصصةً أو مملة، ففي هذه المرحلة من العولمة والصراعات التي تخصنا في شرقنا الأوسط المنكوب، نحتاج أكثر من غيرنا أن نكون جزءاً من العالم، نتقبله ويتقبلنا، ولعلنا نساعد أنفسنا في التحول من كوننا عبئاً على أنفسنا والعالم، لنكون شركاء فيه.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى