زين الشاميصفحات سورية

ما هذا الرئيس المرتاح البال؟


زين الشامي

نقل عن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق عمر كرامي بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد أن الصورة التي وضعه في أجوائها الأسد تختلف كلياً عن المعلومات التي تصل إلى لبنان والعالم حول حقيقة الأحداث في سورية. ونقل كرامي عن الرئيس السوري قوله إن: «القصة انتهت، وأننا مرتاحون الى طي صفحة هذه الأحداث، وهي تحت السيطرة، وان بالنا ليس مشغولا».

أتى هذا الكلام فيما الجيش السوري والقوى الأمنية كانت تحاصر مدينة الرستن قرب حمص بنحو مئتين وخمسين دبابة والآلاف من الجنود والضباط، وفيما كانت طائرات تحلق فوق المدينة لترويع السكان، بعد أيام تكشفت الأحداث عن ارتكاب هذا الجيش مجزرة بحق الأهالي، وعن تحول المدينة الى مدينة أشباح بعد تدمير الكثير من أحيائها ومنازل اهلها.

وكانت مدن سورية عدة شهدت ارتكاب مجازر عدة بعد دخول الجيش لها في أعقاب خروج تظاهرات كبيرة، مثل حماة وبانياس ودير الزور وجسر الشغور وحمص والعديد من مناطق محافظتي درعا وادلب.

ما هو لافت في كلام الرئيس السوري انه أتى في وقت بلغ فيه عدد ضحايا أعمال القمع أكثر من ثلاثة آلاف، فيما يقدر الناشط هيثم المالح عدد شهداء الثورة السورية بخمسة آلاف شهيد سقطوا على أيدي القوات الامنية وعناصر الشبيحة والجيش منذ اندلاع الاحداث في منتصف مارس الماضي. ويأتي كلام الرئيس السوري أيضا بعد اعتقال عشرات الآلاف من الناشطين، ونزوح أكثر من 15 الف سوري نحو البلدان المجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن.

الغريب أن يقول شخص مسؤول مثل رئيس الجمهورية ان «باله مرتاح» فيما السوريون يدفنون كل يوم قتلاهم، وفيما هم يتعرضون للقمع والاعتقال، وفيما غالبيتهم يخرجون إلى الشوارع يطالبون بإسقاط النظام ويهتفون بأشد العبارات ضد رأس هذا النظام!

ليست المرة الاولى التي يقول فيها الرئيس السوري ان «الأحداث انتهت»، فقد نقل عنه أكثر من زائر لبناني وغير لبناني مثل هذه الانطباعات، كذلك هم ابواق وممثلو النظام يعلنون كل يوم ومنذ أكثر من خمسة أشهر أن الأحداث «شارفت على الانتهاء»، لكن كل يوم يمضي يؤكد أن الأحداث تزداد دراماتيكية واشتعالا، مثلما رقعة الثورة السورية تكبر وفيما أعداد المنخرطين بها في ازدياد، مثلما هم أعداد المنشقين من الجيش السوري إلى ارتفاع.

ليست المرة الأولى التي يعطي الرئيس السوري انطباعات محبطة للسوريين عبر تصريحات ومواقف غير مسؤولة يتخذها في معرض تعليقه وفهمه لما يجري في سورية من أحداث تاريخية، لقد خيب هذا الرئيس الآمال منذ أول ظهور له في مجلس الشعب معلقاً على ما كان يجري من احداث مأسوية في درعا، ففي حين كانت قوات الجيش والقوى الأمنية ترتكب مجازر مروعة بحق الأهالي وفيما كانت السجون تغص بالمئات من اهالي هذه المحافظة، وفيما كانت المواد الغذائية والطعام والشراب ممنوعة عن الاهالي، خرج الرئيس الأسد في خطابه ذاك يضحك ملء شدقيه ويتحدث عن مؤامرة من دون أن يقدم تعزية لأهالي القتلى أو يعد بمحاسبة القتلة والمسببين لما جرى هناك، والذي شكل لاحقاً الشرارة التي ألهبت كل السوريين وكل الجغرافية السورية!

ان الرئيس «المرتاح البال» فيما شعبه يموت ويقتل ويسجن ويجوع وينزح ويثور على الظلم، لا يستحق أن يكون رئيسا لهذا الشعب، ولا يستحق ان يكون رجلا مسؤولا، ولا يحق له أن يتحدث باسمه. لقد كان الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي أكثر التصاقا بشعبه حين خرج وقال انه تفهم مطالب التونسيين، صحيح ان ذلك جاء متأخرا لكنه على الأقل عبر عن وجود معرفة بما يجري على الأرض واحساس ولو كاذب أو مصطنع بمشاكل وهموم التونسيين. كذلك هو الرئيس المصري حسني مبارك الذي قرر التنحي بعد ثمانية عشر يوما من اندلاع حركة الاحتجاجات في مصر ضد نظامه. لقد كشفت تفاصيل المحاكمة التي تجرى لمبارك انه، وحسب المشير طنطاوي، لم يصدر أوامر للجيش بقتل المتظاهرين. ان ذلك يثبت أن مبارك لم يكن رجلاً دموياً وديكتاتورياً مثل رئيس سورية الذي قتل جيشه وقواته الأمنية الآلاف من السوريين واعتقل وشرد الآلاف غيرهم.

لن يرتاح بال الشعب السوري حتى يسقط هذا الرئيس «المرتاح البال» هو ونظامه، وإن غداً لناظره لقريب.

كاتب سوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى