صفحات العالم

ما يحدث في سورية

 


حسان القطب

الشبكة العربية العالمية – الرغبة في التغيير الديمقراطي وتطوير النظام والانطلاق نحو رحاب الحرية الإعلامية، والدعوة لإطلاق حرية العمل السياسي والنقابي والاجتماعي، والمطالبة بتثبيت استقلالية القضاء ورفع يد الأجهزة الأمنية عن المؤسسات القضائية كما عن سائر مؤسسات وقطاعات وإدارات الدولة،

وطلب العمل على تحقيق الإنماء المتوازن في مختلف المدن والمناطق والأرياف السورية… كل هذه الأهداف كانت من جملة الأسباب التي دفعت المواطن السوري للانتفاض والتظاهر والتحرك العفوي في مختلف مناطق القطر والكيان السوري، ولكن هذا التحرك الشعبي واجهته السلطة بجملة اتهامات بدأت مع اتهام مجموعات فوضوية بالسعي لزعزعة الاستقرار في الوطن السوري، وتطورت هذه الوتيرة من اتهام مجموعات سلفية وعناصر من حركة الإخوان المسلمين، بقيادة التظاهرات والتحريض على النظام، إلى الادعاء أن هناك مجموعات مسلحة إرهابية تمارس القتل والإرهاب بهدف شق الصف الوطني وضرب العيش المشترك في سوريا وتفتيت الكيان السوري إلى كيانات تضم مذاهب وأعراق وطوائف متعددة، واستغرق بعض الإعلام اللبناني الموالي للنظام السوري، وكذلك سواه من المتواجد في بعض الدول الأخرى، في شرح خطر هذا المشروع وتداعيات تغيير النظام السوري الحالي على الاستقرار في المنطقة وعلى بقاء واستقرار الأقليات في سوريا ولبنان، باعتباره نظاماً قومياً علمانياً لا دينياً ومنفتحاً على حماية الأقليات كما على رعايتها وحمايتها؟؟

وكان قد ورد سابقاً كلام حول هذا الموضوع نشرته جريدة النهار اللبنانية في معرض حديثها عن رسالة وجهها نبيه بري للقيادة الفرنسية محذراً إياها من خطر التغيير في سوريا على مستقبل الأقليات المسيحية بالتحديد، وتثبيتاً لهذا الكلام فقد ورد في مقال نشرته جريدة الأخبار اللبنانية بقلم الصحافي نقولا ناصيف جاء فيه: (شدّد سليمان أمام الزائر الأميركي..(فيلتمان) على أنّ تداعيات ما يحصل لا تقتصر على سوريا ولبنان، بل تشمل المنطقة برمتها. وقال أيضاً: إذا تسلّم الإسلام المتشدّد الحكم في سوريا، فإن ما رأيتموه في العراق والسودان، مرشح كي يتكرّر في سوريا ولبنان. لن يبقى بعد ذلك مكان لمسيحيي سوريا ولبنان. ردّ الدبلوماسي الأميركي: نحن أيضاً لا نريد للإسلام المتشدّد تسلّم السلطة في سوريا. لذا، ندعم الأسد لإجراء إصلاحات حقيقية. الجميع يعرف أننا نؤيد الإسلام المنفتح والمعتدل. أضاف الرئيس اللبناني: نحن الذين ندعو المغتربين اللبنانيين للعودة إلى بلادهم، سنجد أنفسنا إذا انقلب الحكم في سوريا وصار لمصلحة الإسلام المتشدّد، ندعو المقيمين في بلادهم إلى الاغتراب. وشدّد أيضاً على ضرورة ضمان الاستقرار في سوريا، مع تأييده الإصلاحات التي يجريها الأسد)..

 

لا ندري مدى صحة هذا الكلام المنسوب لفخامة رئيس الجمهورية، ولن نناقش مضمونه رغم انه لا يتناقض مع ما كان قد ورد على لسان نبيه بري سابقاً، وأهم ما فيه الإشارة إلى أن بشار الأسد لا زال استمراره في السلطة مرغوب أميركيا، إلا أن من حقنا أن نتساءل عن حجم وأهمية الخطر المحدق بشعب برمته أو(بحوالي 23 مليون) مواطن سوري يمثلون مختلف طوائف ومذاهب وأعراق وإثنيات الشعب السوري، في حال استمر الأسد، في الحكم وهم يعيشون في كنف نظام ظالم يرى العالم اجمع سوء استخدامه للسلطة وشدة بطشه وجبروته وعدم احترامه للقوانين والأعراف الإنسانية والدولية وتجاهله لكل المواثيق والمعاهدات الراعية لحقوق الإنسان.. وهل صحيح أن حماية الأقليات الدينية أو العرقية تتطلب ظلم الأكثرية مهما كان دينها أو عرقها..!!! وهل وصل الأمر بهذا النظام وحلفائه في الداخل السوري وفي لبنان بالتحديد إلى استعمال ورقة تحريض الأقليات على الاندفاع لحماية نظام الأسد في سوريا، خوفاً من تغيير النظام، وبذلك تكون الأقليات ضحية تورطها في صراع غير مبرر لحماية عائلة حاكمة أو أقلية ظالمة.. وهذا قد يستدعي بالتالي تدخل دولي وتورط عالمي في شؤون داخلية لبلد انتفض شعبه فقط لتغيير نظام ظالم جائر..؟؟ والسؤال الأهم هو …؟؟ هل النظام السوري في حقيقة الأمر علماني ..؟؟ أم أن هذا الأمر هو مجرد ادعاء ليخفي خلف الإطار الحزبي الشكلي طبيعة نظامه الطائفي والعائلي..؟؟ وهل أصبحت المطالبة بنظام ديمقراطي وحرية التعبير والعمل السياسي والانتقال إلى الدولة المدنية التي تحترم الأكثرية الشعبية والدينية وكذلك الأقليات الدينية والعرقية والسياسية تشكل خطرا يتهدد القليات الدينية.. ومن الذي أطلق هذا التهديد وهذا الخطر سوى النظام نفسه وأعوانه، لذا مجرد نظرة سريعة على طبيعة تحالفات النظام وعلاقاته الخارجية تعطينا انطباعاً واضحاً عن عدم صدق علمانية نظامه وعدم جدية تهديداته حتى أن بعضها من صنعه:

– لقد تحالف النظام السوري ومنذ عقد السبعينات خلال حكم الأسد الأب مع نظام الخميني في إيران، ضد صدام حسين حاكم العراق وهو نظام بعثي خرج من نفس المدرسة التي خرج منها حافظ الأسد.. مدرسة حزب البعث..؟؟ فقد تحالف الأسد مع المؤسسة الدينية ضد المدرسة العلمانية..؟؟ والنظام الإيراني كما يعلم الجميع هو نظام ديني قائم على نظرية ولاية الفقيه، التي تعطي مرشد الجمهورية السلطة المطلقة لإدارة البلاد، ويقوم النظام الإيراني أيضاً على تقديم العنصر الفارسي على كافة أطياف وأعراق دولة إيران ويعتبر المذهب الشيعي الجعفري هو مذهب الدولة…وهذا يتناقض تماماً مع فكر حزب البعث العلماني القائم على تمجيد الوحدة العربية ويحترم علمانية الدولة اللادينية..؟؟؟

– تحالف حافظ الأسد ومن بعده ولده بشار الأسد مع حزب الله في لبنان وهو حزب ديني مرتبط بالنظام الإيراني علانية ودون أدنى مواربة، وتجاهل الأحزاب اليسارية والناصرية والقومية، ألم يكن الأسد يخشى من تطور النزعة السلطوية لدى هذا الحزب فتهدد النسيج اللبناني وبالتالي السوري وتطيح بالقوى القومية واليسارية لصالح القوى الدينية..؟؟ وألم يكن هذا التحالف ليشكل خطر على الأقليات الدينية في لبنان..؟؟؟ ولاحقاً في سوريا…؟؟

– ارتبط النظام السوري بتحالف متين مع حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس وكليهما خرجا من رحم الحركة الإسلامية الأم (الإخوان المسلمين) التي حاربها ويحاربها النظام السوري ولا يزال وهو يتهمها الآن بتبني الثورة في سوريا..؟؟ وإذا كان هذا التحالف لصالح ولخدمة المقاومة الفلسطينية، فكان بإمكان الأسد التحالف مع حركة التحرر الوطني الفلسطيني غير الدينية وغيرها من الحركات المقاومة على الساحة الفلسطينية..؟؟ أم أن الشعار الديني أكثر بريقاً ولفتاً للأنظار، ومن الممكن استخدامه لاحقاً للتهويل والترهيب كما نرى اليوم…؟؟ وكيف يحظر نظام الأسد على أبناء سوريا الانخراط في حركة الإخوان تحت طائلة عقوبة الإعدام، ويتبنى ويرعى إقامة حركتي مسلحتين دينيتين يتبنيان فكر الإخوان المسلمين..؟؟

– لماذا بنا نظام الأسد علاقاته في لبنان مع القوى السياسية على قاعدة مطالبتها باستمرار بتدعيم مبادئ الوحدة الوطنية وتعزيز العيش المشترك، وتشكيل حكومات وحدة وطنية، ويرفضها في بلاده ويعتبرها مؤامرة أميركية – صهيونية، تستهدف النظام والكيان..

– لماذا يصر الأسد على فتح جبهة لبنان مع إسرائيل باستمرار، سواء خلال حكم الأب أو الابن، ويترك جبهته صامته..؟؟ فأين التحضير العسكري لتحرير الجولان وفلسطين..؟؟

قد يكون عنوان النظام السوري علماني وسلطته وشعاراته علمانية، ولكنه في حقيقة الأمر ليس كذلك على الإطلاق، ولكن هناك سؤال لا بد منه في نهاية الأمر نوجهه لكل من يتحدث عن فتنة ومجموعات إرهابية وخوف على الأقليات، هل المطالبة بإصلاح النظام السياسي والاقتصادي واجتثاث الفساد والتخلص من الحكم العائلي في كافة أقسام وإدارات الدولة السورية يشكل تهديداً للأقليات ومستقبلها في الشرق الأوسط، أم أن المطلوب هو زرع الخوف وتعزيز الفرقة والخلاف بين أبناء الشعب الواحد لحماية مكتسبات عائلة وطائفة وحزب وفريق ومشروع.. وهذا ما دفع حسن نصرالله الذي تجاهل ضحايا الشعب السوري ومعاناته وآلامه، لإطلاق تأييده العلني لنظام الأسد من بوابة القضية الفلسطينية التي تسيل دماء أبنائها سيلاً عارماً كلما شعر حلفاء سوريا وكذلك نظام سوريا بالخطر يتهدد بقاءه في سدة السلطة… والحل في سوريا اليوم هو في انخراط جميع مكونات المجتمع السوري في عملية التغيير لإعادة بناء وتشكيل الدولة المدنية التي تضم كافة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى