صفحات المستقبل

متظاهرو دمشق يسخرون من “شبيحة” بيروت


عمر حرقوص

لكل تظاهرة لثوار سوريا نكهة، لكن للتظاهرات التي يتداخل فيها الوضع اللبناني بالأزمة السورية نكهة خاصة جداً، فالمسألة اللبنانية وارتباطها الطويل بزمن “الوصاية” السورية وبعد ذلك ارتباطها بزمن “السلاح” غير الشرعي و”منحبكجية” النظام السوري في بيروت، أي محبي الرئيس السوري بشار الأسد، ورفعهم الشعارات العالية الصوت دفاعاً عن القتل وتخويف الأقليات من تحرك الشعب السوري، هذه كلها تؤثر في متظاهري المدن والبلدات السورية فتحول شعاراتهم هناك إلى أهداف متحركة يكتبون عنها أو يغنون لها، فيصيبونها بسخريتهم الجميلة.

في ظل التظاهرات اليومية للشعب السوري لاسقاط النظام، برزت سخرية معبرة وعميقة غير عادية قدّمت إلى جانب الموقف السياسي، رؤية الناس من باب اضحك على المأساة وعلى المدافعين الأبرز عن النظام أي مؤيدي الأسد اللبنانيين. فالمتظاهرون ألفوا الأغاني وطوروا العراضات الفولكلورية لتتناسب مع الواقع وصنعوا “الاسكتشات” الضاحكة إضافة إلى كتابة اللافتات الساخرة في التظاهرات التي طالت النظام وأتباعه ومؤيديه، ومن آخر النماذج التي أطلقتها الثورة السورية في تظاهرات بلدة الزبداني لافتات ردوا فيها على بعض المسؤولين اللبنانيين المؤيدين لعمليات القتل والإبادة من مناصري حزب البعث السوري، حيث تحولت كل لافتة إلى موقف واضح وصريح من الناس الذين يتعرضون لإطلاق النار من “الشبيحة” والذين لا يجدون أمامهم إلا الاستغاثة بالله ليحميهم، وبالسخرية لتعبّر عن كل مرحلة بذاتها.

ففي تظاهرات بلدة الزبداني حمّل الشبان السوريون في مواقفهم لهذا الأسبوع بعضاً من استهزائهم بسياسيين من لبنان ربطوا أزمة النظام في سوريا ببقائهم وبـ “عبادتهم” لرأس النظام، فكتبوا لهم في اللافتات ما أمكنهم من تعليقات منمقة وقاسية حول النقاشات السياسية التي حدثت حول الوضع في سوريا. فبعد انفجار النقاشات اللبنانية إلى أعلى ما يمكن أن تصله حول انتفاضة الناس فبدأ هؤلاء الشبان التعليق عليها، ولكل واحدة منها نكهتها الخاصة، تحول الأمر بالنسبة لهم إلى مرمى شباك يخترقونه بضرباتهم كأنهم يلعبون كرة قدم.

فالقيادي البعثي فايز شكر قالوا له في إحدى اللافتات “فايز شكر رئيثك كذاب.. كذاب والله العظيم كذاب”، واستعمالهم حرف الثاء بدلاً من حرف السين لكلمة “رئيسك” يأتي من ضمن السخرية أيضاً على طريقة كلام الأسد، فالنقاش الحاد الذي انفجر خلال حلقة “بموضوعية” بعد تفلّت شكر على عضو المكتب السياسي لـ”تيار المستقبل” مصطفى علوش أدى بالمتظاهرين إلى شكر علوش لدفاعه عن المواطنين السوريين الذين يذبحون كل يوم برصاص يدفعون ثمنه من جيوبهم.

ففي إحدى اللافتات المرفوعة في الزبداني عرض المنتفضون في تظاهرة ليلية “مناقصة” طلبوا فيها من معامل إنتاج الكرتون صندوقاً غير عادي يسع الأسد لشحنه إلى منزل رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون في الرابية، هذا الطلب أتى على خلفية نقاش تلفزيوني بين الناشط السوري محمد العبدالله وأحد مناصري عون والأسد الذي كان يدافع عن عمليات القتل تحت مسميات التخويف والاقليات، في ذلك البرنامج التلفزيوني طالب العبدالله الشعب السوري أن يرسلوا الأسد هدية لعون بمناسبة الأعياد.

ومع الهدية المرسلة إلى الرابية قرر الشبان في الزبداني شحن “الشبيحة” ايضاً محملين بهدية إضافية، وهو عرض خاص جداً قد لا يصح لـ”المنحبكجية” أن يحصلوا عليه كل يوم، حيث كتبوا “اشحن شبيح إلى الرابية واحصل على الثاني مجاناً”.

في هذا الوقت كانت صفحة “مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات” الساخرة تقدم عرضاً خاصاً لـ”العونيين” كما كتب مدير الصفحة “من محمد عبد الله خود الشبيح الأول واربح الشبيح الثاني مجاناً عرض مقدم للعونيين” وفيه صورة لوزير الخارجية السوري وليد المعلم معبأً في صندوقة كرتونية، وأنهى جملته الساخرة بالقول “راحت عل اللبنانيين رح يموتوا الجوع”.

كما علقت الصفحة نفسها على حديث رئيس شعبة المخابرات الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد الذي قال فيه “إن سقوط الأسد سيؤدي إلى كارثة في اسرائيل”، حيث قال مدير الصفحة “لحقوا محمد العبد الله إذا لسا ما بعثوا لبشار بالكرتونة خلي يغير المرسل إليه على قفا الكرتونة من ميشيل عون ويغيروا ليصير الموساد الإسرائيلي، والله شكلو محتاجينلو أكتر لبشار بتل أبيب”.

وبمناسبة الحديث عن الرابية واتباعها فقد أصدرت إحدى فرق الغناء السورية السرية العاملة من ضمن الثورة أغنية جديدة تحمل عنوان “عالرابية عالرابية بشار رايح عالرابية” وهي مهداة إلى الناشط العبدالله أيضاً.

أما الوزير السابق وئام وهاب فله دائماً حصة “الأسد” من مواقف المعارضين السوريين، فهو بالنسبة لهم يمثل الكثير حيث أصبحوا يخافون عليه من رصاص النظام وشبيحته، ولذلك حملوا له لافتة خاصة جداً بتوقيع الزبداني البلدة الدمشقية الجميلة.

أما صفحة “تنسيقية لبنان من أجل دعم الثورة السورية” فقد أصدرت أغنية جديدة عن النظام السوري مقلدة أغنية “يا مال الشام” حيث يقول المغنون بلهجتهم السورية “يا مال الشام والله يامالي، طار النظام يا حلوة تعالي” والحلوة في الأغنية هي كلمة “حرية” التي تظهر على الشاشة وإلى جانبها يظهر العلمان اللبناني والسوري يلتقيان يدا بيد.

وفي الصفحة نفسها عرض لعدد من الأخبار عن لبنانيين “منحبكجية” يتنقلون أمام شاشات التلفزة ولكل واحد منهم تسميته الخاصة مثل “فلت الزمّور …. هذا المساء على قناة المنار مع عماد مرمل…ساعة من الكذب المتواصل على قطع النفس..ننصح به للترفيه”.

بعض الثوار السوريين كانوا يعلقون بعبارات الضحك والاستهزاء على صفحاتهم كلما استقبلت قناتا “الدنيا” و”الاخبارية” التابعتين للنظام في دمشق لبنانيين يدافعون عن عمليات القتل، وكأن هؤلاء “الفايسبوكيين” الثوار يعتبرون أن الوضع المحشور للنظام يجبره على جلب بعض أزلامه من بيروت لتركيب “الأفلام” والقصص الخيالية عن الثائرين وشتمهم وربطهم بكل محاور الانعزال والامبريالية والصهيونية في العالم.

أما التعليقات على مواقف الحكومة اللبنانية من عمليات اختطاف الناشطين السوريين في لبنان فهي كثيرة وبشكل يومي على صفحات “فايسبوك” و”تويتر” وغيرها، فهم يعتبرون أن الحكومة الحالية هي فرع أمني جديد فتح في بيروت، ويشيرون إلى الخاطفين بأنهم “شبيحة” لبنان، ويضعون لكل “منحبكجي” لبناني صفة خاصة مثل “أبو لسان لحاس البوط”، و”ماكل كف يوم الولادة”، و”كذاب من حضن أمه إلى القبر”، وغيرها من الأسماء المضحكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى