صفحات العالم

متغيرات العام الأول في المشهد السوري


رفيق خوري

تغيّرت الدنيا في المشهد السوري خلال عام من الأحداث الدامية، وإن بدا الوضع ثابتاً. فما بدأ في درعا بمطالب متواضعة قوبلت بالعنف بعد سجن طلاب كتبوا شعاراً على جدار صار صراعاً على النظام امتد على خارطة البلد ودخل عامه الثاني. وما انتهى اليه قمع التظاهرات السلمية ليس فقط عشرات آلاف القتلى والجرحى والمعتقلين والنازحين ووقوع المعارضين في فخ العسكرة بل ايضاً تصاعد الصراع المكشوف بين القوى الإقليمية والدولية على موقع سوريا. والأخطر هو اكتمال الارتباط بين الصراع الداخلي والصراع الخارجي الممتد من الموقع السوري وخطوطه في لبنان والعراق والصراع العربي – الإسرائيلي الى موقع ايران ونفوذها وملفها النووي، وصولاً الى صراع الأدوار الاستراتيجية بين اميركا ومعها اوروبا وتركيا ودول عربية خائفة تدور في الفلك الغربي وبين روسيا والصين ومعهما ايران.

أقل المتغيرات ان سوريا اللاعب الإقليمي هي الآن ساحة. روسيا تتجاوز خط الدفاع الأول عن النظام الى خط الهجوم على خصومه ومنافسيها. وأميركا غير المستعجلة تدفع دولاً اوروبية وعربية وإقليمية الى الخط الأول وتتولى هي القيادة من المقعد الخلفي. كل الأحاديث عن رفض التدخل الخارجي، وليس في سوريا سوى كل انواع التدخل الخارجي. والرهانات على الأدوار الخارجية، سواء من جانب النظام او من جانب المعارضين، أصبح بعضها بقوة الأشياء نوعاً من الارتهان الى تلك الأدوار.

وأبسط المعادلات أن ما بعد بابا عمرو وأدلب ليس نهاية الأزمة السياسية. فالعنف يتقدّم على الحلول السياسية من دون ان يكون الحل الأمني – العسكري حلاً. واللاعبون الإقليميون والدوليون يتقدمون على اللاعبين المحليين، من دون ان يضمنوا تسوية سياسية يتحدثون عنها او أن يتجاهلوا مخاطر التدخل العسكري. وليس امراً قليل الدلالات ان يقول رئيس الوزراء البريطاني كاميرون بعد لقاء الرئيس اوباما ان الأولوية للتسوية السياسية، لكن البديل من فشلها هو الثورة او الحرب الأهلية. ولا بالطبع ان تكون مهمة الموفد الدولي كوفي أنان في سباق مع الوقت، وسط الوقائع التي توحي ان الوقت طويل لإمكان التوصّل الى وقف العنف وبدء الحوار السياسي.

ذلك ان المنطلقات متناقضة بالنسبة الى الحوار والنظرة الى التسوية. فالإصلاح السياسي في مفهوم النظام الذي يستعجل إكمال السيطرة العسكرية، هو ما فعله عبر قانون الانتخاب وقانون الأحزاب والاستفتاء على الدستور والدعوة الى انتخابات في ايار. والتسوية السياسية في مفهوم المعارضين هي تجاوز كل ما فعله النظام الى حوار للاتفاق على مرحلة الانتقال الديمقراطي للسلطة.

والمشكلة في لعبة الأمم ان المخفي أعظم من الظاهر.

الأنوار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى