صفحات الناس

“داعش” والناس – مجموعة مقالات –

 

“داعش” رهينة صورتها/ ديانا مقلد

لا يكلّ تنظيم «داعش» من محاولة إبهار الغرب بصورته، وقد نجح؛ فالتنظيم يبدي هوسا لا محدودا بـ«كيف نراه»، ويجهد لنيل اعتراف الغرب بقوة صورته وبقدرتها على التأثير. فلتكثيف القتل عبر تصويره وإعطائه عمقا ملحميا، دور في هوية الجماعة. صحيح أن «داعش» يجهد لإعادة المناطق التي تحت سيطرت مئات الأعوام إلى الوراء، من حيث الممارسة والمظهر واللباس والقوانين وطريقة القتل ذبحا وصلبا ورجما. لكن مع ذلك فهذا الجهد للعودة إلى ماضي «الخلافة» تشذ عنه علاقة التنظيم بالصورة، فهذه لا يبخل عليها العقل الداعشي، بل يرفدها بأحدث تقنيات العصر.

وشغف هذا التنظيم بصورته ظهر مرارا في الفيديوهات التي أنتجها، بحيث تبدو المساحات التي يسيطر عليها التنظيم أقرب إلى مدن إنتاج سينمائي يوظف فيها قسرا ممثلون ضحايا لا يملكون خيار عدم لعب دور القتلى، فنراهم يؤدون أمام الكاميرات موتهم الحقيقي بكل ما فيه من عذاب وألم ودم على يد جلادين ينظرون إلى العدسة وهم يقتلون؛ فهم يذبحون ويرجمون ويصلبون للصورة وليس لشيء غيرها.

كتب الكثير عن هوليوودية «داعش» وجاذبية الصورة بالنسبة إلى التنظيم، لكونها وسيلته في الحرب النفسية قبل القتال الفعلي. فالقتل في كنف التنظيم هو قتل للقتل وللصورة.

أما «كومبارس» الضحايا فهو يتجدد دائما، فيما «بطولة» الجلادين يجري تكريسها عبر بعض الوجوه، كما يحصل مع أشهر قتلة «داعش»، المعروف بالجهادي «جون»، الذي نفذ عمليات ذبح الرهائن الأميركيين.

هذه الحاجة الملحّة لإبهار الغرب لا تخطئها العين في فيلم التنظيم الأخير، الذي يُظهِر عملية إعدام جماعي لجنود وضباط من سلاح الجو السوري، وبعدها إعدام مماثل لرهينة أميركي، هو بيتر كاسيغ.

في هذا الشريط بذل العقل «السينمائي» الداعشي ذروة قدرته التصويرية والإخراجية، بحيث بدا العنف الممارس بمثابة محتوى لا مفر منه للإبهار البصري. ومن تمكّن من مشاهدة الشريط بالغ الوحشية لن تفوته ملاحظة نقاوة الصورة وتعدد كاميرات التصوير وتوليف المشاهد، بل حتى زوايا التصوير.

نعم، في الفيديو الأخير دشن تنظيم «الدولة الإسلامية» مرحلة جديدة من دعايته، ومن هوسه الجنوني بصورته. بدا أن عملية الإعدام أعد لها مخرج سينمائي، وليس مجرد جلاد فقد روحه. فعملية الإعدام أتت عبر سياق تصويري مشهدي تمت دراسته قبل تنفيذه بحيث بدت عملية الإعدام تلبية لحاجات الصورة، وليس لشيء آخر، فالكاميرات نقلت لنا ببطء تلك العيون الباردة للقتلة ووجوههم المكشوفة التي تشي بتنوع الأصقاع التي أتوا منها. ارتصفوا خلف ضحاياهم، بعد أن التقط كل منهم سكين الإعدام من سلة وُضعت خصيصا لمزيد من الرعب البصري. وحده الجهادي جون ارتدى زيا أسود وقناعا للوجه وقاد عملية الإعدام التي تمت بشكل متزامن ومبالغ في تصويره مقربا صوتا وصورة.

طرح البعض تكرارا دعوة إلى مقاطعة بث أفلام التنظيم والحدّ من تداولها، باعتبار ذلك وسيلة ستضعف من انتشاره حتما. المشكلة هي في ضعف قدرتنا كمشاهدين وكإعلام عن الانجذاب نحو تلك المشاهد التي نقف أمامها عاجزين يتملكنا الرعب، وأيضا الانبهار.. لكن الصورة رغم كل عنفها ستقع حتما في فخ الرتابة، وتلك ستحصل لا محالة إن لم تكن قد بدأت فعلا، وحينها لن يعود لذلك الموت العميم وقعه كما هو اليوم.

الأرجح أن هوس الصورة هو ما سيصيب التنظيم بمقتل.

كاتبة واعلاميّة لبنانيّة

الشرق الأوسط

 

 

 

التكتيك العسكري لـ”داعش”/ الياس فرحات

منذ ظهور تنظيم “القاعدة” في منتصف تسعينات القرن الماضي كان مؤلفا من خلايا سرية ونائمة في عدد كبير من البدان الاسلامية والاوروبية وفي الولايات المتحدة. وباستثناء “طالبان” التي اقامت نظام حكم بإيديولوجيا “القاعدة” وبدعم باكستاني، لم تشكل “القاعدة” جيشا ظاهرا ولا مواقع عسكرية.

عندما ظهرت “القاعدة” في العراق بقيادة ابي مصعب الزرقاوي عام 2004، احتلت قرى واحياء في بعض مدن وبلدات الأنبار حيث كان يسود استياء من السلطة العراقية الحاكمة ومن الاميركيين ايضا، الامر الذي مكن تنظيم “القاعدة” ولاول مرة منذ ظهوره، من العمل علنا داخل مدن وقرى. لكن التنظيم كان دائما ينفذ هجمات محدودة أوعمليات انتحارية بسيارات مفخخة أوأحزمة ناسفة.

في سوريا تغير الامر، اصبحت دولة الاسلام في العراق والشام (داعش) مستقلة عن “القاعدة” نظرا للخلاف الكبير بين ابي بكر البغدادي وايمن الظواهري الذي تكرس نهائيا بعد الحرب الضروس مع فرع “القاعدة” في سوريا (جبهة النصرة) واعلان الخلافة الاسلامية. اصبح لـ”داعش” جيش ظاهر يتألف من عشرات الالوف، وله نظام تعبئة دولي يستقدم المقاتلين من مختلف انحاء شمال افريقيا والخليج وجنوب روسيا وآسيا الوسطى واوروبا الى سوريا والعراق عبر تركيا. وعلى الارجح انه النظام نفسه الذي يعتمده تنظيم “القاعدة”. كما ان “داعش” اتخذت مواقع ظاهرة وسيطرت على مدن وقرى وبات لها قاعدة لوجستية تشكل تركيا الاساس فيها نظرا الى الاتصال الجغرافي المباشرمع تركيا. اسقطت “داعش” عقيدتها السلفية الجهادية على جيشها واعتمدت تكتيكا خاصا بها في كل العمليات الحربية بوحي من تلك العقيدة.

في الايديولوجيا عقيدة “داعش” هي نفسها عقيدة تنظيم “القاعدة” التي تعتنقها “جبهة النصرة” و”الجبهة الاسلامية” ومعظم التنظيمات الاسلامية المتشددة العاملة في سوريا. اما الخلاف بينها وبين باقي التنظيمات فهو صراع على السلطة والنفوذ ولا تدخل العقيدة فيه. لكن “داعش” اكتسبت شهرة ورهبة بسبب قسوة سلوكها الحربي في القتل وتصويرأعمال قطع رؤوس الأسرى واعدامهم وتعميم المشاهد على شبكة الانترنت. هذا الاسلوب اعتمدته “جبهة النصرة” وباقي التنظيمات المشابهة بنسبة اقل أوباعلام اقل. مع ذلك انشدّت الانظار نحو “داعش” باعتبارها اخطر المنظمات الارهابية وساهم في ذلك الرئيس اوباما الذي تحدث مرارا عنها وشد انتباه العالم لها في تصريحات كثيرة وجاء في احدها: “إن داعش تمثل تهديدا لشعبي العراق وسوريا والشرق الأوسط عموما بمن فيهم مواطنون وموظفون أميركيون ومنشآت أميركية. ويمكن أن يشكلوا تهديدا أكبر يتخطى تلك المنطقة، فقد هدّد قادة داعش أميركا وحلفاءنا”.

توصلت “داعش” الى احتلال اراض واسعة في الرقة وعلى حوض الفرات وفي بادية الشام والانبار وسهل نينوى باعتمادها تكتيكا مميزا في ما يلي اهم عناصره:

– اعتماد المفاجأة في اختيار الاهداف والهجوم عليها كما حصل في الرقة والموصل.

– السرعة في التحرك نحو الاهداف المحددة وهذا يعني مهاجمة الاهداف في المناطق المنبسطة وتفادي المعارك في المناطق الجبلية او الوعرة التي تتطلب وقتا وجهدا لعبور موانعها الطبيعية.

– العمليات الخاطفة باستخدام قوات كبيرة العدد ضد اهداف محدودة الامكانات وخصوصا القرى والبلدات الصغيرة. فقد استغرق احتلال 185 قرية في ريف عين العرب مدة اسبوع.

– الاعتماد على العمليات الانتحارية في شاحنات وسيارات مفخخة تفجر في المداخل والتحصينات كما حصل في مقر قيادة الفرقة 17 في الرقة وفي مطار الطبقة وفي حربها مع النصرة. وبعد التفجيرتتقدم قوات “داعش” مباشرة وتحت تأثير الهول والمفاجأة اللذين يصيبان الوحدات المدافعة لتحتل الهدف.

– الاعتماد على طابور خامس في المدن الكبرى، يثيرالفوضى ويمهد لهجوم قواتها ودخولها الى المدينة وهذا ما حصل عندما مهد النازحون في الرقة لهجوم “داعش” وشاركوا في احتلالها خلال ساعات معدودة. وفي الموصل ايضا عندما رتبت “داعش” امر انهيار الجيش والشرطة وفرارعناصرهما قبل دخولها السريع الى المدينة. يشير هذا المبدأ الى وجود اتصالات لـ”داعش” مع قوى اقليمية ومحلية في العراق وسوريا استغلتها لتحقيق هذا التوسع الكبير.

– اعتماد اسلوب الصدمة والرعب وذلك بالهجوم الخاطف وارتكاب المجازر وتصويرها وتعميمها على مواقع التواصل الاجتماعي وتشجيع بثها في شاشات الفضائيات، وخصوصا قطع الرؤوس والاعدامات الجماعية والذبح التي تثير الرعب وتجعل من اسم “داعش” وحده رعبا حقيقيا يدفع القرى والمدن المعرضة لخطرها الى الفرار السريع. وفي هذا المجال ارعبت “داعش” عشائر دير الزور عندما ارتكبت مجزرة عشيرة الشعيطات وارعبت ايضا عشائر العراق عندما ارتكبت مجزرة عشيرة ابو نمر.

– الهجوم بدلا من الدفاع. تلجأ “داعش” دائما للهجوم ولا تتورط في اعمال دفاعية. وعندما تتعرض لهجوم كما حصل في السفيرة قرب حلب وجرف الصخر جنوب بغداد تسارع الى الانسحاب والفرار بدلا من الانغماس في قتال دفاعي.

– اعتماد مراكز قيادة وسيطرة متطورة تستطيع من خلالها ادارة العمليات الحربية بسهولة وليونة ترتكز على نظام اتصالات متقدم يصعب التشويش عليه. وقد اثبت جهاز القيادة والسيطرة لـ”داعش” فاعليته في مسرح عمليات يمتد من عين العرب غربا الى اربيل وخانقين شرقا ومن سهل نينوى شمالا الى جرف الصخر جنوب بغداد جنوبا. كانت “داعش” تقاتل على جبهات متعددة في وقت واحد وتناور بالقوات بكفاءة عالية.

تكمن في هذا التكتيك نقطة ضعف تصيب منها مقتلا اذا اعتمدها اعداء “داعش”، وهي انها بحكم عقيدتها لا تستطيع القيام بحرب استنزاف او حرب تقليدية، بل تلجأ الى الهجوم من اجل تحقيق هدفها. ورغم تدخل طيران التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة – الذي لم يتعرض لجهاز الاتصالات والقيادة والسيطرة بعد – بقصف مواقع “داعش”، فانها لم تتورط في حرب استنزاف في عين العرب كوباني ولا تزال تشن هجوما تلو آخر وتتلقى ضربات الطيران من دون ان تتخلى عن عقيدتها الهجومية. وما فاجأ “داعش” في عين العرب هو ارادة القتال عند وحدات حماية الشعب الكردي في هذه المدينة. وهي نفسها الارادة التي كانت مفقودة في ريفها. لم تُختبر “داعش” في صد هجوم جدي وحقيقي من أية قوة، فهي انسحبت من حقل الشاعر شرق حمص بسرعة ولمرتين لانها شعرت بجدية المهاجمين وتصميمهم. بينما لم تلمس خطورة في الهجمات المتكررة على تكريت والفلوجة. وعوضا عن القتال الدفاعي لجأت الى الهجوم على الرمادي كافضل وسيلة للدفاع.

نتج صعود “داعش” السريع عن اعتمادها الهجوم والسرعة والمفاجأة والصدمة والرعب من دون ان تلاقي مقاومة حقيقية من اعدائها. اما وقد بدأ أعداؤها يقاتلون بارادة صلبة في كوباني وأمرلي وجرف الصخر فذلك يشير الى مرحلة تراجع “داعش”. فالصعود السريع يليه حتما هبوط سريع.

عميد متقاعد في الجيش اللبناني

النهار

 

 

 

 

“خمس أساطير” تدفع الشباب الغربيين إلى أحضان التطرّف الإنترنت فضاء واسع بلا أفق لغسل الأدمغة وتخريب العقول/ موناليزا فريحة

كثيرة هي الأسباب التي يمكن أن “تفسّر” سقوط شباب عرب ومسلمين في شباك الجاذبية القاتلة لـ”الدولة الاسلامية”. تزايد الاستقطاب الاجتماعي والتوترات الطائفية خصوصاً، حوّل اليافعين المستائين لألف سبب وسبب، ضحايا سهلة لتنظيم ماكر يتلاعب بالمشاعر الطائفية بحذاقة. ولكن ما الذي يدفع أولئك الشباب الذين يعيشون في بلدان أوروبية بعيداً من الانقسامات الطائفية والتشجنات المذهبية، الى ترك كل شيء ورمي أنفسهم في أتون حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟

أحياناً، تدخل سيفرين غرفة ابنتها، تستلقي على السرير وتغمض عينيها لحظات، محاولة أن تجد جواباً عن سؤالها المزدوج: لماذا بقيت ابنتها كينزا (15 سنة) معها، بينما تخلت سارة عنها؟

لم تبق أشياء كثيرة لسارة في الغرفة. أرنبها الثمين ونسخة مترجمة للمصحف ودليل عن الطرق الصحيحة لوضوء المسلمات، اضافة الى طلاء للأظافر لم تستخدمه منذ سنتين. فمذ بلغت الخامسة عشرة اعتنقت سارة الاسلام وتخلت عن كل مستحضرات التجميل.

في 11 آذار الماضي، غادرت ابنة السابعة عشرة فرنسا للانضمام الى الجهاديين في سوريا. وحتى الآن لا تعرف عائلتها مكانها تحديداً، ولا بأية جماعة التحقت. في ذلك اليوم أوصلها والدها، بحسب الرواية التي تنقلها مجلة “در شبيغل” الى المحطة في ناربون، كما كان يفعل كل يوم، لتأخذ القطار الى مدرستها في كاركاسون في جنوب غرب فرنسا. وفي صورتها الاخيرة على الاراضي الفرنسية والتي التقطت بكاميرا المراقبة، كانت سارة في مطار مرسيليا حيث ركبت رحلة الى اسطنبول، ومنها واصلت سفرها الى انطاكيا على الحدود السورية – التركية. وبعد ذلك بيومين، تلقت العائلة اتصالاً من سارة التي أرادت ابلاغها أنها بخير، وأنها في سوريا وتزوجت من فريد، وهو مقاتل في الخامسة والعشرين، من تونس.

لا شيء يبرر فرار سارة من حياتها. ومع ذلك، أمضت فترة طويلة تحضر لهروبها وتتجه نحو التطرف. تبدلت طريقة حياتها وملبسها، وباتت تمتنع عن مرافقة اصدقائها الى السينما. ومع ذلك، لم يخطر ببال أهلها أنها تخطط لامر ما. وعندما اعتنقت الاسلام، اعتقد والداها أنها اختارت دين ابيها المسلم المولود في فرنسا من أم فرنسية وأب جزائري، علما أنه لا يذهب الى الجامع ولا يصوم في رمضان، وانه ربى أولاده الثلاثة خارج الدين. بالنسبة الى سيفرين التي تعتبر نفسها ملحدة “كانت الوحدة أهم بالنسبة الينا من الايمان”.

نوع جديد من الارهاب

سارة، مثلها مثل ماكسيم وايلين ودافيد ومايكل وفرنسيين آخرين كثر في نهاية سن المراهقة، اعتنقوا الاسلام وتحولوا الى التطرف الراديكالي، فأثاروا صدمة في مجتمعاتهم وعائلاتهم. 15000 متطوع أجنبي وربما أكثر، ينتمون الى أكثر من 80 بلداً، انضموا الى صفوف الجماعات الجهادية التي تقاتل في سوريا، استنادًا الى تقرير أخير للأمم المتحدة. غالبية هؤلاء تأتي من دول عربية مجاورة، منها لبنان، لكن أكثر من ألفين منهم وصلوا من دول أوروبية، بينهم الف شاب من فرنسا انضموا الى المتطرفين في سوريا والعراق.

ليست هذه الظاهرة حديثة العهد، الا أنها اكتسبت في الاونة الاخيرة زخماً لا سابق له. فالجهاد في أفغانستان أو البوسنة أو الشيشان أو مالي لم يستقطب هذا العدد من المتطوعين الذي جذبه القتال في سوريا. وقد سجل وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف زيادة بنسبة 82 في المئة سنة 2014 لاعداد الفرنسيين الذين انضموا الى الجهاديين.

مع هذه الظاهرة، يبدو العالم أمام نوع جديد من الارهاب يتمتع بوصول حر الى العالم الرقمي الذي يضطلع بدور المجنِّد، مع مجموعات منظمة على الانترنت تستهدف شباباً مستعدين للانخراط في مغامرات ارهابية.

وعن هذه الظاهرة، يقول ديفيد تومسون، الصحافي في “إذاعة فرنسا الدولية” ومؤلف كتاب “الجهاديون الفرنسيون” إن تجنيد مقاتلين هو هدف أساسي للتنظيمات الاصولية، وخصوصاً “الدولة الاسلامية” التي لا تتوانى عن تعبئة عائلات بكاملها يخرج منها جهاديو المستقبل، ويجنّدون أيضاً أشخاصاً لبناء دولة. وليست مصادفة أن تختار “الدولة الإسلامية” ظهور مقاتلين أجانب في أشرطة ذبح رهائن. فهي تدرك تماماً أن وجود جهادي فرنسي مثلاً يمارس تأثيراً إعلامياً ونفسياً مضاعَفاً في فرنسا، ويضطر المسؤولين الى التعليق على مقاطع الفيديو. وهذا ما يحصل فعلاً. والامر نفسه ينطبق على المملكة المتحدة. والسبب الثاني هو جعل المجنّدين المحتملين يتماهون مع هؤلاء الأشخاص.

من هم؟

ولكن من هم هؤلاء المجنّدون الجدد الذين استطاع التنظيم تخريب عقولهم، وإلاَم يسعون؟

لا يمثل ماكسيم وايلين ودافيد والاخرون الذين ظهروا عبر أشرطة فيديو التنظيم أو عرفوا من خلال روايات أهلهم، عينة تمثيلية لآلاف الفرنسيين أو الاجانب الذي ذهبوا للقتال في سوريا والعراق، الا أن الخبراء بدأوا يرصدون قواسم مشتركة بينهم. عموماً، هم يتحدرون من عائلات ملحدة أو كاثوليكية، وقد تحولوا الى الاسلام في سن مبكرة نسبيا (13 سنة لدافيد دروجون، و15 سنة لايلين التي تكافح والدتها من أجل اعادتها الى صوابها ومنعها من مغادرة فرنسا، و17 سنة لماكسيم هوشار).

وتلاحظ مديرة مركز الوقاية من التجاوزات الطاائفية المتعلقة بالاسلام دنيا بوزار أنه في الماضي كان الخطاب الراديكالي يؤثر خصوصاً في الشباب المهمشين على المستوى الاجتماعي والعائلي، ولكن من أصل 160 عائلة اتصلت بالمركز للابلاغ عن ذهاب ابنائها الى سوريا، قالت 80 في المئة منها إنها ملحدة، وإنها تنتمي الى طبقات متوسطة. وتلفت أيضاً الى أن الفئات العمرية بين 15 سنة و21 سنة هي الاكثر استهدافاً (63 في المئة)، فيما تعتبر الانترنت وسيلة التلقين المعتمدة في 91 في المئة من الحالات.

خمسة أساطير

لم تعد المساجد المنبر الرئيسي للتعبئة. وجد الارهابيون في الانترنت منبراً أوسع أفقاً وأكثر حرية. في الواقع، لم يسبق لتنظيم جهادي أن استخدم الدعاية والتواصل بقدر ما تفعل “الدولة الإسلامية”. ومن أبرز أسلحته مقاطع الفيديو التي يبثها، اضافة الى كونه يتفنن في استخدام الانترنت.

ويفيد تقرير لمركز الوقاية إن “الخطابات الارهابية الجديدة صقلت تقنياتها للتعبئة من خلال اتقانها استخدام الانترنت، الى درجة أنها تصل الى اقتراح عرض فردي يمكن أن يخاطب شباباً مختلفين”.

وقد استخدمت هذه الخطابات “خمس اساطير” مؤثرة، وهي نموذج “الفارس البطل” الذي يفتن عقول الشباب، والتزام مهمة “باسم قضية انسانية” الذي يجذب فتيات قاصرات، و”السقاؤون”، وهم أشخاص يبحثون عن زعيم، والاستعانة بالفيلم الحربي” نداء الواجب” للشباب المتحمسين للمشاركة في المعارك، وأيضاً السعي من أجل السلطة المطلقة الذي يجذب الاشخاص “الذين لا أفق لهم”.

وفي رأي مارك بيريني، الباحث الزائر في معهد “كارنيغي – أوروبا” أن ثمة عاملاً آخر يشرح الحجم المتزايد للتعبئة، وخصوصاً لمصلحة “الدولة الاسلامية”، هو سيرة التنظيم التي تستند الى أسس دينية ضحلة، ذلك أن اللغة المعتمدة غامضة ولكن مؤثرة ما يكفي لجذب الشباب الذين يتمتعون بثقافة دينية محدودة أو أولئك الذين يفتقرون اليها، كما أولئك الذين لا يتمتعون بمعرفة عميقة لتاريخ الشرق الاوسط.

كذلك يرى، المتخصص في العالم العربي والاسلامية جان – بيار فيليو أن هذه التحولات الى الاسلام تزدهر على جهل الدين، وأن المتحولين الشباب مهمتهم تجنيد آخرين. هم يجندون في محيطهم، بحيث أن لا صورة نمطية للجهادي، وإنما تجاور لفئات مختلفة من عائلات ملحدة وكاثوليكية ومسلمة، موحدة أو مفككة.

النهار

 

 

 

السوريون بين رعب سجون “داعش” والنظام/ على الإبراهيم وألكسندر أيوب

دمشق

بعد انتشار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في سورية وإحكام سيطرته على محافظة الرقة بشكل كامل، والتمدد على مساحة تصل إلى 90% من محافظة دير الزور، إضافة إلى الاستحواذ على ريف حلب الشمالي، بات التنظيم مسيطراً على ثلث سورية، يفرض قوانينه وشرائعه على أهلها، ويرسم شكلاً جديداً للحياة، مستعيناً بجهاز قضائي تمثّله المحاكم الشرعية، وآخر أمني لتطبيق قوانينه وتشريعاته عبر السجون والمعتقلات المنتشرة على مساحة امتداده.

 

تغص سجون داعش بالمدنيين والعسكريين من عناصر الجيش الحر، إضافة للصحافيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان، تلك السجون تعد مجهولة إلى الآن كما التنظيم القائم عليها، ثمّة معتقلون لا يعرف أحد في العالم الخارجي أنهم موجودون فيها.

تُهَم وعقوبات

تطال اعتقالات تنظيم الدولة كل معارض لقوانينها، سواء كان كبيراً أو صغيراً، مدنياً أو مسلحاً، وتتنوع أسباب الاعتقال والتهم الموجهة بحسب شريعة التنظيم. كما يقول (س.م)، الناشط ضمن مدينة الرقة، لـ”العربي الجديد”.

يتابع الناشط موضحاً أن المدنيين يواجهون تهماً يومية بمخالفة قوانين “داعش”، بدءاً من الحسبة، الالتزام باللباس الشرعي، الجهر بالكفر، ارتكاب المعاصي، كتدخين السجائر وشرب الخمور.

يضيف الشاب: “توجد أسباب أخرى للاعتقال، مثل عدم دفع الضرائب المالية على المحلات التجارية لقاء الحماية، إضافة لمخالفة لباس المرأة الشرعي الذي فرضه التنظيم، وعدم الالتزام بالفصل بين الذكور والإناث في مختلف مناحي الحياة، مع فرض غرامة مالية على مَن لا يلتزم بذلك في خطوة أولى، وإغلاق المؤسسة واعتقال القائمين عليه بتهمة الكفر في مرحلة ثانية”.

أحمد مرهج، أحد الناجين من سجون “داعش”، اعتقل بتهمة التهرب من ضرائب الدولة بسبب نشاطه التجاري في ريف دير الزور، عوقب بالاعتقال شهرين وغرامة مالية قدرها 100 ألف ليرة سورية (600 دولار أميركي)، يشرح مرهج، لـ”العربي الجديد”، أنواع العقوبات التي تعرّض لها المدنيون ممّن كانوا معه داخل السجن قائلاً: “تعتمد العقوبات على المحاكم الشرعية التابعة للتنظيم، فبعد عرض الجرم عليها، تتم دراسته، يقر المتهم بالعقوبة، والتي تراوح بين التعزير بالسجن، الجلد، الغرامة المالية، أو النفي، والقتل الذي يتفرع بدوره أيضاً إلى القتل عبر الصلب، الشنق، الرجم، الرمي بالرصاص”.

سجون عامة

يقوم تنظيم الدولة باعتقالات شبه يومية بين المدنيين في مناطق سيطرته، ويتوزع هؤلاء على سجون عامة معروفة يقضي فيها الناس مدة الحكم أو تتم فيها عمليات التحقيق. بلال عبد السالم، شاب في العقد الثاني من عمره، أحد هؤلاء ممّن عاينوا التجربة يصف، لـ”العربي الجديد”، سجن الريف الشمالي في حلب، الذي اعتقل فيه بتهمة الجهر بالكفر قائلاً: “بعض سجون التنظيم عبارة عن مدارس أو مؤسسات دولة، ذات أبواب موصده جيداً وحراسة مشددة. داخل السجون تحدد العقوبة من قبل الهيئة الشرعية التابعة للتنظيم، حيث يتم الإيداع داخل السجن لحين البت بالحكم الشرعي للهيئة”.

يتابع عبد السالم: “تراوح حدة التعذيب من سجن لآخر، لكن أكثر ما شاهدته كان لعناصر الجيش الحر ممّن تم القبض عليهم، وهؤلاء لا يقضون مدة طويلة في هذه السجون العامة، إذ يتم تحويلهم فوراً لسجون خاصة”.

سجون الأطفال

للأطفال في سجون تنظيم الدولة نصيب، حيث يستذكر عبد السالم ما رآه داخل السجن بعد أن لبث طفل عمره 13 عاماً، في المعتقل مع والده شهراً ونصف، كل واحد منهما في مهجع منفصل.

“لم يكن الطفل وحده”، لكن عدداً لا بأس به من الأطفال أيضاً معتقلون لدى “داعش” بتهم مختلفة بعضها يصل للكفر، كما يروي عبد السالم.

معتقلات سرية

تتوزع سجون تنظيم الدولة على امتداد المناطق الشرقية والشمالية الشرقية بسورية، في كل منها يقيم التنظيم سجوناً خاصة. أبو مجاهد الحلبي، أمير سابق ومنشق عن تنظيم الدولة (داعش)، يرسم خارطة سجون داعش في سورية قائلاً، لـ”العربي الجديد”: “يحتوي ريف دير الزور على العديد من السجون، لكن تعتبر سجون مدينة البوكمال الحدودية أكثرها تحصيناً وسرية حيث تحتوي على معتقلين من التنظيم نفسه، إضافة لصحافيين وشخصيات مهمة، اختار التنظيم وضعهم في هذا المكان لسهولة وامكانية نقلهم للعراق في حال حصلت عمليات اقتحام أو قصف. كما تتوزع السجون السرية في ريف دير الزور الغربي، حيث يوجد عدد كبير منها في منطقة جبل طابوس في بلدة الشميطية، منجم الملح في بلدة التبني، وزغير شامية والوحدة الإرشادية، وجميعها تعتبر مراكز اعتقال وسجون”.

وعن محافظة الرقة يضيف: “يعتبر سجن “عكيرشة”، القرية التي تقع على بعد عشرين كلم شرق مدينة الرقة، من أهم مراكز سجون التنظيم في سورية وأكبرها، حيث يعتبر السجن السري للتنظيم، بداخله يتم احتجاز المعتقلين الأجانب والعرب، إضافة لمبنى المحافظة، والذي يعد من مراكز الاعتقال الأساسية في الرقة، ولكن سجن السد في مدينة الطبقة هو الأهم، وغالباً ما يعتقل فيه الصحافيون الأجانب، كما يحتوي على عدد كبير من قادة فصائل الجيش الحر، إضافة لسجن في مدينة تل أبيض، أما في حلب فيعتبر سجنا منبج ودير حافر من أهم السجون”.

وبحسب شهادات من معتقلين سابقين خرجوا من تلك السجون، فإن بعض عناصر تنظيم الدولة كانوا محتجزين معهم في السجن نفسه، بينهم القادة “أبو الوليد الطبقة” و”أبو إسلام الحلبي” والكويتي “حسين رضا”.

تعذيب ممنهج

عندما تدخل أحد سجون داعش السرية، تفاجأ بمشاهد مستنسخة من أقبية النظام السوري، هناك تجد وجوهاً دامية متورمة من الضرب، وآخرون أجسادهم مهترئة من الجَلْد”. هذا ما قاله راضي نعمان، أحد الناجين من سجن “عكيرشة” في الرقة. يضيف نعمان، لـ”العربي الجديد”: “من شدة التعذيب، يطالب المعتقلون بالموت أحياناً، إذ يبدأ العذاب بالإهانات اللفظية، الجلد، الشبح، الدولاب، ثم التهديد بالذبح، إلا أن أكثر حالات الموت تتم بسبب الأمراض، مَن يمرض يعد مشروع ميت لا محالة. هناك لا يوجد مَن يعالجه أو أي دواء، إلا المعتقلين الذين يريدهم التنظيم أحياء لأنه سيبادلهم بأسرى”.

راجي سلمان يعمل ضمن مجموعة من الشباب على توثيق انتهاكات تنظيم الدولة، يقول لـ”العربي الجديد”: “معظم سجون داعش سرية، والقليل منها علنية، تمارس فيها أبشع أنواع التعذيب ولا أحد يملك عدداً ثابتاً للمعتقلين في سجون التنظيم. كل يوم يختفي العديد من الشباب في سجون داعش، ينكرالتنظيم وجودهم لديه، حتى لا يتحملوا مسؤولية موت أحدهم تحت التعذيب”.

يكشف سلمان عن توثيق نحو 110 حالة وفاة لأشخاص قضوا تحت التعذيب في سجون التنظيم في الرقة بين شهري مايو/ أيار وسبتمبر/أيلول. ويوضح أن عدداً غير قليل من معتقلي سجون التنظيم يتعرضون للتعذيب داخل السجن، وعقب ذلك تطبّق العقوبات بشكل علني في الساحة العامة كنوع من الردع، لافتاً إلى أن مَن يتعرّض للتعذيب في الداخل غالباً ما يكون من فصائل مقاتلة معادية للتنظيم يرغب في انتزاع معلومات منهم”. ويشير راجي إلى أن مبنى المحافظة وسد الفرات في مدينة الطبقة أصبحا مكانين يراجعهما كل يوم مئات الأهالي سائلين عن المعتقلين، وغالباً ما يعودون إلى منازلهم دون جدوى.

السجانون

يؤكد معظم الناشطين ضمن مناطق سيطرة تنظيم الدولة، أن القائمين على السجون، سواء العامة أو السرية، هم من المهاجرين، لأن التنظيم لا يثق بالأنصار (عناصر التنظيم من السوريين)، إذ وقعت كثير من حالات التعاطف مع المسجونين وتهريب لبعض السجناء في السجون التي تولى أمرها سوريون.

زاهر الرواس، أحد المعتقلين السابقين في سجن السد بالرقة، يروي، لـ”العربي الجديد”، عن السجانين الذين عايشهم 5 أشهر داخل السجن قائلاً: “يعيش المعتقلون مع سجانين لا رحمة عندهم، بعضهم تحت سن 18 يعذبون رجالاً بعمر آبائهم، وهناك عدد لا بأس به قدم من العراق ولديه الخبرة في إدارة السجون وتنظيمها”. يستذكر زاهر اسم أحد هؤلاء السجانين، ويقول: “لا يمكن لمَن دخل سجن السد أو غيره من سجون الرقة إلا وسمع عن “خطيب الجزراوي” المكلف بالسيطرة والتنظيم لسجون الرقة”.

“معظم المعتقلين السابقين يعرفون شراسته لدرجة أنه عندما يدخل إحدى الغرف التي يحتجزون بداخلها الجميع يصمت ويدير وجهه للحائط، ولا أحد يجرؤ على النظر في وجهه”، هكذا اختتم زاهر شهادته.

تقارير دولية

منظمة العفو الدولية انتقدت، في تقرير لها، ممارسات تنظيم الدولة داخل السجون في سورية، وقالت في تقريرها المعنون بـ”عهد الخوف”: “إن الدولة الإسلامية دأبت على انتهاك حقوق السكان المحليين دون رحمة”. وكشف التقرير عن سبعة من مرافق الحجز تستخدمها “داعش” في محافظة الرقة ومدينة حلب، فيما أكد مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر، أن قائمة المخطوفين والمحتجزين داخل سجون داعش تضم أطفالاً أقل من 18 عاماً.

من جهتها، ترجّح الناشطة الحقوقية، لميس العبد، احتجاز تنظيم الدولة أكثر من 1800 سوري في محافظة الرقة ودير الزور من المدنيين، مؤكدة توثيق عمليات إعدام تعسفية بحق المدنيين في المعتقلات قبل الانسحاب من مناطق سيطرة التنظيم دون أي محاكمة.

العربي الجديد

 

 

 

 

فضائية الجيش السوري الحر متعاطفة مع “داعش”؟/ رامي سويد

حلب

سرّب ناشطون سوريون، منذ أيام، أمراً إدارياً صادراً عن إدارة فضائية الجيش السوري الحر يقضي بمنع العاملين في القناة من استخدام لفظ “داعش” للإشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وبرر المدير العام للقناة، يوسف القاسم، ذلك بالتماشي مع “التقدم الملموس لمجاهدي الدولة الإسلامية”، موضحاً من خلال الأمر الإداري أنه “يجب عدم انتقاص حق مجاهدي الدولة الإسلامية بسبب تحالفات حاقدة أقيمت ضدهم لإيقاف انتصاراتهم”.

وأوضح مدير القناة أنه سيقوم بفصل أي موظف في الفضائية، التي تتخذ من شعار الجيش السوري الحر “لوغو” خاصاً بها، في حال قام هذا الموظف أو الإعلامي العامل في القناة باستخدام لفظ “داعش” أو لفظ “تنظيم الدولة الإسلامية” أثناء إعداده أو تقديمه مواد صحافية لصالح الفضائية أو الموقع الإلكتروني الخاص بها.

وتأسست قناة الجيش السوري الحر، أو كما أصبحت تسمى اختصاراً بقناة السوري الحر، منذ ثلاث سنوات لتقوم بمهمة إعادة بث المقاطع المصورة التي يبثها النشطاء والإعلاميون العاملون مع قوات المعارضة السورية على شبكة الإنترنت، حيث قامت القناة خلال شهور عملها بإعادة بث معظم هذه المقاطع، بالإضافة إلى تقديم القناة عدداً قليلاً من النشرات الإخبارية والبرامج.

واتسمت المواد الصحافية التي قدمتها القناة بتركيزها على التجييش العاطفي والخطاب الموجه بعيداً عن الموضوعية، كما أنّها تعرضت لضربات كبيرة من ناحية المصداقية، بسبب نشرها كميات كبيرة من الأخبار التي تبين في ما بعد أنها تفتقر إلى المصداقية، حيث بثت منذ فترة خبر إصابة ماهر الاسد، قائد الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام، بعد أشهر من بثها خبر مقتله.

وتماشياً مع السياسة الجديدة، التي قررت القناة اتباعها تجاه تنظيم الدولة الإسلامية، بدأ محررو الأخبار في القناة باستخدام لفظ “المجاهدين” للإشارة إلى مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. وقام محررو الأخبار بتغطية أخبار الاشتباكات بين قوات النظام السوري من جهة وقوات تنظيم الدولة الإسلامية من جهة ثانية بريف حمص الشرقي، مستخدمين خطاباً إعلامياً عاطفياً يُركز على تسويق رواية تنظيم الدولة الإسلامية للأحداث.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل قامت القناة منذ أيام ببث أخبار تفتقر إلى المصداقية بهدف التسويق لتنظيم “الدولة” حين أعلنت سيطرة “المجاهدين” على مطار التيفور العسكري في ريف حمص الشرقي، والذي يُعتبر أكبر المطارات العسكرية في سورية، ليتبين خلال يومين عدم صحة هذه الأخبار.

وبثت قناة “السوري الحر على قمر نايلسات طوال الفترة الماضية، وحاولت مع بداية تأسيسها تغطية العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات المعارضة، الممثلة بالجيش الحر، ضد قوات النظام السوري، إلا أنها وقعت في حالة انعدام وزن مع انطلاق الصراع الشامل بين قوات المعارضة السورية من جهة وقوات تنظيم الدولة الإسلامية، فبين تجاهل هذا الصراع وتغطية عمليات قوات المعارضة ضد تنظيم “الدولة” وتغطية عمليات التنظيم ضد قوات المعارضة، ضاعت تقارير وتغطية الفضائية.

العربي الجديد

 

 

 

 

هل ساعد سنودن مقاتلي “الدولة”؟

بيروت ــ العربي الجديد

في آب/أغسطس الماضي، نشر الناشط دلشاد عثمان على حسابه على “تويتر” وثيقةً أرسلها تنظيم “الدولة الإسلامية” لمناصريه، طلب منهم فيها استعمال “تايلز” (والذي يصدر عنه “تور” للتخفّي على الشبكة) للتخفّي خلال نشرهم موادّ على شبكة الإنترنت.

وفنّد التنظيم في الوثيقة كيفيّة تنزيل البرنامج وكيفيّة استعماله للحفاظ على أمن الإنترنت وعدم السماح باختراقهم. وتُظهر الوثيقة التي تحتوي رسوماً توضيحيّة أنّ التنظيم على دراية كافية باستخدام الإنترنت.

وبعد شنّ التحالف الدولي ضدّ “داعش” هجمات على التنظيم في سورية، أصبح مناصرو التنظيم أكثر حذراً في المحتوى الذي ينشرونه على مواقع التواصل. فقد منع التنظيم مقاتليه من التصوير بهواتفهم ونشر الصور على مواقع التواصل خلال المعارك لأنّه يُعرّضهم للتعقّب، فقام التنظيم بفرض حظر حقيقي وتعتيم إلكتروني على مقاتليه.

وفي آب/أغسطس الماضي أيضاً، نشرت “إن بي آر” الأميركيّة مقالاً تحدّثت فيه عن معلومات تُثير أسئلة حول ارتباط المتعاقد السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية، إدوارد سنودن، بتغيير سلوك الجهاديين على الشبكة.

وبيّن التقرير أنّ سنودن تحدّث عن 3 إصداراتٍ برمجيّة جديدة، دفعت “القاعدة” إلى تغيير استعمالها لبرمجيّات التشفير وتحسين الاستخدام.

وفي تقرير آخر لـ”ماشابل” عن تصرّفات “داعش” على الشبكة، طرحت أسئلة حول تصريحات سنودن عن الأمن الإلكتروني، وتحديداً تمجيده ببرنامج “تور”، والذي فرض التنظيم على مناصريه استخدامه في ما بعد.

إلا أن البرنامج مُتاحٌ للعموم ويمكن تنزيله عن موقعٍ على الشبكة، وهو أيضاً ما استخدمته منظّمات حقوقيّة لتدريب معارضين للأنظمة على استخدامه للتخفّي وعدم تعرّضهم للملاحقة أو التعقب والتجسس، خصوصاً في البلدان التي تفرض رقابة على مواقع التواصل وتخشى إيصال صورة القمع عنها للعالم.

لكن لا شيء يُؤكّد هذه الشكوك حول سنودن وتصريحاته. إلا أنّ معلومات موجودة على الشبكة عن “تور”، تُشير إلى أنّ سنودن كان من ضمن الفريق الذي عمل على إنتاجه، عدا أنّه استخدم البرنامج لإرسال معلومات عن تعقب “إن إس آي” لواشنطن بوست والغارديان.

العربي الجديد

 

 

الفن الساخر في مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية

تطرف “داعش” يشعل حس السخرية لدى العديد من العرب

يوظف العديد من العرب السخرية والفن كوسيلة للتصدي لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وتنوعت أشكال الرد بين أغانٍ وأعمال كرتونية بل وصور نسائية أثارت الجدل واستفزت مشاعر البعض. إليزابيت ليمان ترصد لموقع قنطرة أبرز هذه الأعمال.

عندما كان أبو بكر البغدادي الذي يطلق على نفسه خليفة “الدولة الإسلامية”، يتجول في حواري المدينة القديمة لتفقد أحوال الرعية، قابل رجلا فقيرا بحذاء ممزق يكشف عن أصابع قدميه. تأثر الخليفة بشدة من حال الرجل وبدأ في البكاء. وفي اليوم التالي أرسل الخليفة أحد رجاله للفقير ذي الحذاء الممزق والذي كان واقفا في نفس المكان وعلى نفس الوضع. قال الرجل للفقير إن الخليفة أرسله لمساعدته ثم سارع بقطع أصابع قدم الفقير المكشوفة من الحذاء الممزق.

انتشرت هذه النكتة القاسية على شبكة الإنترنت بشكل كبير لاسيما وأن هذه هي الإمكانية الوحيدة المتاحة لمعظم العرب للتعامل مع إرهاب “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش) والتعبير على موقفهم منها، ففي الوقت الذي يقف فيه الغرب مكتوف الأيدي تقريبا أمام الجماعة المتشددة المسلحة، تشعل جرائم داعش خيال وإبداع الكثير من العرب.

ويسخر المدون اللبناني العراقي كارل شارو، في مدونته “Karl reMarks” من “الخليفة” ومقاتلي داعش من خلال ابتكار الشخصيتين الكاريكاتوريتين: أبو “أ” و أبو “ب”. ويقول شارو إن التطرف الحاد لداعش يعطي مادة خام كبيرة للسخرية تفوق المادة التي توفرها باقي الجماعات.

وفي إحدى الفقرات الساخرة يلتقي “الجهاديون” مع كائنات فضائية تجرأت على مناقشة العقيدة الإسلامية مع “أبو أ” و “أبو ب”، حيث أن كليهما لا يجيد اللغة العربية وتعلم الإسلام عبر مقاطع فيديو من الإنترنت. وعندما أراد الكائن الفضائي الاعتذار لأبو “أ” قال له: “سامَحني الله، أحسست أنك تفتقر للدراية الكاملة بالأمر”، ليرد الأخير مستغربا عن استخدامه للفظ “الله”، لكن الكائن الفضائي يوضح له أنه تعلم الكلمة من أحد المسلسلات ليبدأ من هنا خلاف بين الطرفين من نوع آخر يهدف لمعرفة هل مسلسل “نظرية الانفجار العظيم Big Band Theory ” أفضل أم مسلسل “الأصدقاء” Friends.

سخرية نابعة من الازدواجية

يركز شارو على الماضي الديني المنعدم تقريبا للكثير من مقاتلي “داعش” وعلى ازدواجيتهم الأيدولوجية وهو ليس وحده في هذا الأمر فالفيديو الساخر من “داعش” لمسلسل “وطن ع وتر” حقق أكثر من مليون مشاهدة. وتسخر هذه الحلقة من بروباغندا “داعش”. ويلعب اثنان من الممثلين أدوار مقاتلي “داعش” ويوقفان السيارات على الطريق ويسألان عن بعض الأمور الإسلامية ويقتلان بالرصاص من لا يجيب بشكل صحيح، إذ يعتبر الرجلان أن هذا القتل هو الباب لجمع الحسنات ودخول الجنة.

ويتطرق أحد المقاتلين خلال الحوار مع أحد المارة اللبنانيين عن ماضيه في بيروت مع البنات الجميلات هناك. وفي إحدى المرات يوقف الرجلان سيارة بها شخص مسيحي وهنا يتسابقان على قتله باعتبار أن قتل المسيحي يكسبهما حسنات أكثر، لكن الرجل المسيحي يموت بسكتة قلبية وهنا يشعر الرجلان بالحزن لخسارة حسنات قتله لدرجة أن أحدهما يحاول إيقاظه قائلا: “استيقظ يا أخي المسيحي لنقتلك وبعدها يمكنك الموت من جديد”.

الخليفة مع طبيبه النفسي

“الخليفة” أيضا مادة للسخرية، إذ تخيل المدون شارو حوارا بين البغدادي وطبيبه النفسي خلال إحدى الجلسات العلاجية، إذ عبر البغدادي عن قلقه بعد إعلان الخلافة لأنه لا يدري كيف يمكن للأمور أن تسير بعد ذلك قائلا إنه يفتقد لكتالوغ سير العمل في الخلافة. وهنا ينصح الطبيب البغدادي بالبحث عن الأمر على موقع “غوغل” مؤكدا له أن الموقع يقدم معلومات عن كل شيء. ويستشير الخليفة طبيبه فيما إذا كان عليه ارتداء عمامة أكبر باللون الموف أو الفستقي ويتوسطها دبوس فضي أم أن هذا الأمر ربما يجعله أضحوكة.

وكما الحال مع من يعتمدون السخرية كطريقة للتعبير ، يواجه شارو تهمة الابتذال لتقديمه هذه الأعمال ضد “داعش”، لكن شارو يرى أن العكس هو الصحيح مؤكدا: “يجب علينا نحن العرب كسر التابوهات وعدم صنع تابوهات جديدة. من الخطأ وليس من الصواب السياسي أن نتوقف عن الحديث عن داعش أو السخرية منه”.

الفن كسلاح

لكن ثمة أمر يقره شارو وهو أنه بعيد عن الأحداث ويوضح: “أعيش في لندن ولست متضررا من الأمر بشكل مباشر وهو أمر يضعني في وضع مريح يمكنني من إنجاز هذه الأمور”. ويختلف هذا الوضع مع عناصر أخرى تعتمد أيضا السخرية كما الحال مع فرقة “الراحل الكبير” اللبنانية لاسيما وأن لبنان لا يبعد كثيرا عن مناطق انتشار “داعش” علاوة على أن الآلاف فروا إلى هذا البلد الصغير هربا من ممارسات التنظيم المتطرف. وقررت فرقة “الراحل الكبير” مواجهة “داعش” بأكثر سلاح يحتقره المتطرفون وهو الفن والثقافة وذلك من خلال أغنية “مداد يا بغدادي” التي تتحدث بسخرية عن البغدادي قائلة: “يا حاكم لأمر الله، يا ناصر بشرع الله..يا سايق عباد الله على هاوية ولا بعدها هاوية”.

غياب التاريخ الديني لمقاتلي “داعش” والازدواجية الأيديولوجية الواضحة لديهم هي نقطة انطلاق المدون اللبناني العراقي كارل شارو الذي يستخدم السخرية كوسيلة لمواجهة التنظيم المتطرف.

الملفت للنظر أن معظم الأعمال الساخرة خرجت من دول متضررة من “داعش” بشكل مباشر كما الحال مع مسلسل “دعشاوي” الكرتوني الذي قدمته قناة “العراقية” والذي يستعرض في إحدى حلقاته يوميات مقاتل داعشي والتي يتعلم من خلالها تنفيذ الهجمات بالعبوات الناسفة، لكن المقاتل الأرعن يصيب مدربه قبل أن يقتله عن طريق الخطأ بالسلاح الذي صوبه بطريقة خاطئة.

أشكال مختلفة للرد على “داعش”

دفع خبر مقتل طباخ “داعش” في ظروف غامضة، قناة “الشاهد المستقل” لتخمين سبب مقتله وما إذا كانت “جبنة الخليفة” هي السبب في تسممه. وقدمت القناة إعلانا دعائيا اشتقت فكرته من الإعلان الأصلي لجبن “كيري” تحت شعار” جبنة الخليفة..خذها معك في كل مكان تفجر نفسك فيه”. ومراعاة لتقاليد “داعش”، تم التشويش على ضرع البقرة في الإعلان.

لا يعرف الكثير من العرب طريقة أخرى للتعامل مع “داعش” سوى السخرية منه أو استفزازه ويستخدمون طرقا حادة للغاية. وتعتبر طريقة تعبير المصرية علياء المهدي من أكثر الطرق استفزازا، إذ نشرت المهدي على صفحتها على موقع “الفيس بوك” صورة لها مثيرة للجدل وهي تحيض على علم “داعش” الأسود وبجانبها امرأة أخرى تتبرز عليه. وتسببت الصورة في سلسلة من التهديدات بالقتل ضد المهدي. وتتلقى المهدي ردود الفعل على شبكة الإنترنت، كما تنشر بشكل شبه يومي رسائل الكراهية والتهديدات التي تصلها، لكن هناك بين مستخدمي الشبكة العنكبوتية من يرى فيها الملهمة للتصدي لـ”داعش” بطريقة حادة. وفي إطار حملة بعنوان “اسأل الدولة الإسلامية” #AskIslamicState على تويتر، نشر أحد المستخدمين الصورة المثيرة للجدل لعلياء المهدي معلقا عليها بعبارة: “قل مرحبا لحورك العين”.

إليزابيت ليمان

ترجمة: ابتسام فوزي

حقوق النشر: قنطرة 2014

اقرأ أيضًا: موضوعات متعلقة من موقع قنطرة

 

 

 

مناقصات “داعش”.. محاولات لتثبيت سمات “الدولة”/ جهاد اليازجي

أعلن تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” عن إجراء ثلاث مناقصات، لتنفيذ أعمال كهربائية في المناطق الواقعة تحت سيطرته في شرق سوريا. وقد نشرت الإعلانات الثلاثة من جانب “مديرية الخدمات العامة- إدارة المشاريع” في الرقة، “عاصمة” “الدولة”. ويطلب في المناقصات تركيب كابلات هوائية متنوعة، لنقل التيار متوسط التوتر 20KV، بهدف ربط محطات فرعية ببعضها البعض. تشبه هذه المناقصات، من نواح عديدة، تلك التي تصدرها المؤسسات الحكومية، حيث حُدد زمن انجاز الأعمال المطلوبة، والذي يتراوح من 10 إلى 30 يوما، وكذلك حدد آخر يوم لتقديم العروض، على الرغم من أنه تم تحديد التواريخ، في حالة “داعش”، وفقا للتقويم الإسلامي وما يقابله من التقويم الميلادي.

إنها أولى المناقصات المعروفة التي يعلن عنها “داعش” الذي يدير الآن جزءاً مهماً من شرق سوريا، وتسلط هذه المناقصات الضوء على عدد من المسائل.

فهي، أولا، تذكرنا بأنه وراء أخبار القصف اليومي الذي يقوم به “التحالف الدولي” أو “النظام”، ثمة نوع من الحياة الطبيعية يستمر في الرقة وفي غيرها من مناطق “داعش” حيث يعيش عدد غير معروف بشكل دقيق من السكان، ولكنه يقدَرعلى أي حال بمئات الآلاف على الاقل. وهؤلاء يذهبون يوميا إلى العمل، المدارس، وإلى الاسواق… الخ.

ثانيا، تظهر المناقصات أن “داعش” قد أدرك أن عليه تلبية احتياجات الناس الذين يتولى إدارتهم، وذلك ليعزز من صدقيته وشرعيته. هؤلاء السكان بحاجة للحصول على مختلف انواع البضائع والخدمات، بما فيها الكهرباء، الماء، مواد التدفئة، الخبز… وغيرها. وعلى سبيل المثال، أعلن مسؤولون في العراق، أن “داعش” قد قام بنقل ما يقارب المليون طن من القمح إلى سوريا، حيث يمكن تخزينه بصورة أكثر أمنا، ويمكن ان يتم بيعه للسكان. وبهذا التصرف، يشبه “داعش” الحكومة التي كفلت، منذ بداية الثورة، استمرار تقديم المنتجات والخدمات الاساسية اللازمة للسكان، موحية بخلق إحساس بالحالة المعتادة وبوجود نظام في المناطق الخاضعة لإدارتها، على عكس المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حيث تسود الفوضى ويستمر النقص في غالبية المواد.

ثالثا، تؤكد المناقصات أن “داعش” يحاول زيادة عدد السمات التي تتوافر عنده، والتي تتميَز بها الدولة الرسمية عادة. وعلى سبيل المثال، أعلن “داعش”، مطلع هذا الشهر، أنه سيقوم باصدار وسك عملته الخاصة، وبدأ قبل ذلك بفرض الضرائب على الشركات والأفراد.

وأخيرا، تثب “داعش” بذلك، أنه يخطط للبقاء، ولمدة طويلة، مسؤولاً عن المناطق التي يسيطر عليها، لأنه ولو كانت مخططاته قصيرة الاجل، لما قام بإنفاق المال على مثل هذه المشاريع، ولكان احتفظ بالاموال لينفقها على السلاح وعلى المقاتلين.

في الحقيقة، ما يزال “داعش” بعيدا من أن يكون دولة، ولكن من المهم أن ندرك أيضا أنه بعيد من أن يكون مجرد مجموعة عسكرية، وبالتالي يجب أخذ طموحه المعلن لإقامة نوع من الإدارة الذاتية، على محمل الجد.

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى