صفحات الرأي

مداخلة في مفهوم الدولة المدنية


نقولا الزهر

في الواقع من أهم الأهداف التي طرحتها ثورات الربيع العربي،هو بناء الدولة المدنية،طرح هذا الشعار في تونس وفي مصر وليبيا واليمن وسوريا. وكذلك هذا الشعار طرحه الليبراليون والأحزاب القومية والأحزاب الدينية والأحزاب اليسارية. إنني شخصياً لست ضد هذا الشعار وإنما من مؤيديه.ولكن لندخل في كنه هذا المفهوم : أي ماذا يعني مفهوم الدولة المدنية؟ فالليبراليون وبعض اليساريين، يعتبرونها دولة ديموقراطية لا دينية ولا عسكرية،والقوميون يطرحون الدولة المدنية ولكنهم حتى الآن لم ينقدوا الدولة الشمولية والأحادية التي سادت في السبعينات(الدولة الناصرية)،وكذلك بعض الأحزاب الدينية مثل الإخوان المسلمين يطرحون شعار الدولة المدنية وفي رأيهم أن هذا المفهوم يشكل بديلاً عن مفهوم العلمانية الذي يمقتونه كثيراً، ولذلك فهم يطرحون دولة مدنية لها هوية دينية،وهذا كلام ملتبس وينطوي على تناقض كبير. في رأيي لابد من التوسع في مفهوم الدولة المدنية ليصبح أكثر وضوحاً.إني ارى أن الدولة المدنية هي ديموقراطية أولاً وتنطلق من مفهوم المجتمع المدني الذي يمكن أن يشكل كفة التوازن مقابل سلطة الدولة حتى لاتتغول. وهذه الدولة بطبيعة الحال ليست عسكرية ووزير الدفاع فيها شخصية سياسية ومدنية، أي ان االحكومة المدنية هي التي تقود القوات المسلحة وليس العكس، وكذلك هي دولة ليس لها هوية دينية أو مذهبية، وكذلك هي دولة مواطنة ذات تعددية ثقافية وبعيدة عن الدولة القومية المركزية ذات اللغة الواحدة والقومية الواحدة والتراث الواحد والثقافة الواحدة،لأن مثل هذه الدولة القومية المركزية تحمل في كنفهاالميل للعسكرة والنظام الديكتاتوري من أجل إقصاء الاخر.وكذلك الدولة الدينية تحمل في كنفها ايضاً الميل إلى العسكرة والنظام الشمولي التسلطي وهذا مالاحظناه في كل من ايران والسودان.إن الدولة المدنية هي دولة المواطنة والتساوي في الحقوق السياسية والمدنية بين المواطنين بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وقوميتهم وثقافاتهم.فحتى الدولة القومية في الغرب أخذت، في عصر الهجرات وبروز حركات حقوق الأقوام الأصلية، تنحو باتجاه دولة المواطنة والتعددية الثقافية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى