صفحات سوريةنارت عبد الكريم

الخطر في “النرجسيّة”/ نارت عبدالكريم

 

 

مع تلاشي تلك الشحنة العالية من التفاؤل والأمل بتحقيق أحلامنا بالحرية والديموقراطية، التي بَثها فينا القدوم المفاجئ للربيع العربي مع حادثة البوعزيزي وما تلاها، كأن كثباناً رملية قد ابتلعتها تماماً كما ابتلعت حتى ارتيابنا، انتقلنا في غضون سنوات قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة من حالة إيجابية قصوى إلى أخرى مُعاكسة لها تماماً، حالة من اليأس والقنوط، وكلَّما أصبحنا قريبين من حدود الفهم وجدنا أنفسنا في درك العتمة من جديد، فعلى أرض الواقع مثلت الانتصارات المدوية لـ «القاعدة» وأخواتها مفاجأة أخرى وصدمة قوية لأكثرنا تشاؤماً، فما الذي يحدث وما الذي أَصَابَنا، أهي رُومانسيّتنا المُعتادة والأَصيلة، التي أُصيبتْ بالعمق بعد نكسة حزيران (يونيو) وقد عاودتْ الظهور مُجدداً مع البوعزيزي، أم أمنياتنا التي وضعناها أمامنا وبين الواقع بالآن عينه قد أغوتنا بالتّمام والكمال لنجد أنفسنا نطفو في حالة من العجز والقصور والضياع تجاه ما يواجهنا من أحداث وتقلبات، مع عسر في الفهم والإدراك، فهل نمتلك الجرأة للإقرار بذلك الفشل فنتلف أدواتنا، هذا إن كنا نمتلكها أصلاً، أم نكابر ونتابع سيرنا، كعادتنا، مع ما نحمله من عدتنا؟

بل ربما مرد ذلك الفشل إلى غموض ونقص في المعطيات أو أنه مجرد ضعف في أدائنا وصدأ بسيط في أدواتنا المعرفية، بيد أنه لا ريب في أنّ خللاً ما يحجُبنا عن تفسيره، وقد لا نتفقُ، من حيثُ المبدأ، على ذلك، لكنَ نرجسيتنا تأبى التراجع وتحضنا على المزيد من التقدم والبناء، ولكنْ أليس ذلك هو خَطأنا بالتحديد؟ أي التقدّم بدلاً من التراجع؟ والبناء بدلاً من «التخريب»؟

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى