صفحات سوريةمنذر بدر حلوم

مراجعة متأملة لحال معظم النخب الثقافية والسياسية الثورية السورية

 

منذر بدر حلوم

مراجعة متأملة لحال معظم النخب الثقافية والسياسية (الثورية) السورية تظهر بما يدعو للأسف أنها شريكة في الوضع الكارثي الذي تعانيه البلاد، وذلك من خلال:

(1) سوء تقديرها لطبيعة النظام وقوته وحساباتها الخاطئة لإمكانية سقوطه السريع،

(2) تسهيلها، بل تجميلها الإنجرار إلى ملعب النظام واللعب بأدواته وأساليبه، وجعله معياراً لقيمة الأداء، فكل عمل يقل وحشية عن أعماله مقبول، وهو البادئ والمسبب وبالتالي فكل فعل في مواجهته مرحب به وإن سرّاً،

(3) تقديرها الخاطئ لهشاشة البنية الاجتماعية السورية ومخاطر غياب مفهوم المواطنة الجامع، بل غياب مفهوم الشعب،

(4) إغفالها لطبيعة المصالح التي تربط شريحة واسعة من السوريين بمختلف طوائفهم بالنظام،(5) تقليلها من شأن الأوراق التي يملكها النظام وطبيعة الخدمات التي يؤديها في المنطقة لأمريكا وإسرائيل وغيرهما،

(5) شنها حملة مختلفة الوسائط لمحاربة الاختلاف نحو التماثل في الثورة، وما يعنيه ذلك من خضوع للأقوى الذي هو إسلامي بطبيعة الحال، ولخيار إسقاط النظام بقوة السلاح المدعوم من قوى صاحبة مصلحة في حرب أهلية سورية ودمار سورية،

(6) تبنيها شعار “نسقط النظام أولا وبعد ذلك لكل حادث حديث”، وما يعنيه من تخل عن السياسة،

(7) دفعها نحو السيناريو الليبي ودفاعها المستميت عنه، على ما فيه من عبء رمزي-فتمزيق علم البلاد ومسح الأحذية به كاف لجعل كثير من السوريين ضد الثورة- وما فيه أيضا من ضريبة دم باهظة، ناهيكم بالدمار، وما سيرثه السوريون من أعباء أموال إعادة الإعمار وأثمانها السياسية،

(8) محاربتها عامل النقد داخل الثورة واعتبارها كل ملاحظة على أداء ثوري تشويشاً على الثورة وخدمة للنظام، وكذلك مساهمتها في التضليل الإعلامي وتجميلها ممارسات ثورية تستحق الإدانة والتصويب، وخلقها أوهام عن أداء ثوري نظيف في فصام مع الواقع مفضوح ضاعف التخندق السوري، وأفقد السوريين الثقة بنخبتهم،

(9) تعاميها عن حقيقة الاستقطاب الطائفي في المجتمع السوري، والمخاطر التي تترتب على انفتاح ملف الثمانينات إلى اليوم

(10) تقليلها من شأن النجاح الإسرائيلي في تحويل الصراع في المنطقة من عربي-إسرائيلي إلى سني-شيعي، أو عربي-فارسي،

(11) إغفالها المصلحة السعودية والخليجية (العربية والفارسية) في خوض المعركة على أرض سورية وبدماء سورية، والمصلحة الإسرائيلية في تأجيج هكذا صراع،

(12) إسقاطها حاجة السعودية ودول خليجية أخرى إلى عبرة لشعوبها في التجربة السورية، وفائدة إغراق سورية بالدم لضمان قطع سلسلة الثورات نحوها،

(13) إغفالها الأهمية الجيوسياسية للورقة السورية، وبالتالي حتمية تدويل الصراع في سورية،

(14) عجزها عن الإفادة من العامل الخارجي بل خضوعها للاعبين الدوليين الذين يديرون الأزمة لغير مصلحة السوريين دون حلها…

وعوامل أخرى تضع النخبة السورية أمام مسؤولية تاريخية لا تستحق عليها الثناء. ولكن هل الجميع أغفلوا المخاطر واستسهلوا النزال المسلح مع النظام؟ بالتأكيد لا، فهناك قوى وشخصيات شخّصت الوضع ومخاطره ورسمت سياساتها انطلاقا من الاحتمالات الأسوأ وليس من الحسابات المراهقة اللامسؤولة، إنما هذه القوى وتلك الشخصيات وضعت في صف واحد مع النظام، في اعتناق واضح للشعار السيئ الصيت “من ليس معنا فهو ضدنا”. وأما أن يتنصل أصحاب هذا الشعار المضمر من مسؤولياتهم ويقولوا إننا لم نكن نتوقع سوء ما آلت إليه الأمور، أو لم نكن نعلم..أو لو كنا نعلم.. فأمر يدعو إلى الشعور بالأسف على شعب هذه نخبته. ويبقى السؤال عن ضرورة المساءلة المعنوية على الأقل لمن يقود السوريين إلى مزيد من الموت وسورية إلى الخراب يدا بيد مع النظام. وأما بناء دولة الحريات المدنية الديمقراطية فشعار قلّما يذكر اليوم ناهيكم بما يدور على الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى