خلف علي الخلفصفحات سورية

مشافهات عن الرفيق رياض الترك وحزبه الديموقراطي


خلف علي الخلف

هناك جمل من نوع “مستنداً على إرثه التاريخي” تمرُّ مرور الكرام فلايلقي لها المرء بالاً فيكاد يهوي في وحول السياسة سبعين خريفاً. أما إذا كنت عند محطة الإرث التاريخي وجاءك من يبيع “أيقونات الرموز” فاعلم يارعاك الله أن المسألة قد باتت قاب قوسين أو أدنى. وإذا تركت الأمور دون تدخل وسمعت ضجيجاً مدوياً وبحثت حولك فلم تر أثراً فاعلم إن هذا ما يسمى “حزب الشعب”. الذي هو بالتعريف حزب وهذا هو الأساس بينما الشعب مضاف إليه. وهو حزب لايضم كل الشعب لأنه لو كان كذلك لأصبحنا بلدا شيوعياً من حلف وارسو حكمه هذا الحزب، ولسقط النظام مع من سقط من تلك الأنظمة وخلصنا. ولكن التاريخ منصف كما يقول جاري بائع العدس المطحون، فلم يسقط حزب الشعب الذي كان اسمه القديم ” الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي” وذلك لتمييزه عن الاحزاب الشيوعية السورية الأخرى، التي تفرخت بانشقاقات كانت تجري حسب متوالية هندسية.

وفي مصر قديماً لكل سياسي بلطجي وسفيه. ويبدو أن التاريخ مقروء ويتم التعلم منه لمن أراد. لذلك تجدهم في البرامج التلفزيونية يقولون ” الدرس التاريخي” وهم يتحدثون عن شيء آخر غير التاريخ. وفي مباراة لكرة القدم يقولون “لقنه درساً تاريخياً”. وليس من المعقول أن يكون حزباً “تاريخياً” لا يقرأ التاريخ ويستفيد منه.

فعلى سبيل المثال يضم الحزب حالياً أكثر من 300 عضو بقليل، وحسب مصدر في ذاتية الحزب أنه في “ذروته” التي بلغها في صيف 2006 من العقد الفارط كان عدد أعضائه 900 وكسور وأنصار متناثرين حول الأعضاء. وضمر هذا العدد تاريخياً لأسباب موضوعية خارجة عن إرادتنا. ولأن السفهاء عدد وليس نسبة فكلما قل أعضاء الحزب برزوا وظهروا وبانوا.

وبدون سابق إنذار سأسألك سؤالا مباشراً وأنا متأكد إنك ستأخذ صفر على الإجابة ” من هو الأمين العام الحالي لحزب الشعب؟” ويمكنك أن تكون نزيها وتستعين بسبعة أصدقاء ليس من بينهم عضو “حزب شعب” ولن تعرف الإجابة. وستكون نسبة الذين يجيبون بشكل صحيح موضوعاً خاطئ لفظاً بأنه رياض الترك 80 بالمية. بينما بعض الغارسين بعلم السياسة سيعلمون أن رياض الترك محرك للأمور لكنه ليس الأمين العام الحالي، لكنهم يعجزون عن معرفة الأمين الجديد. وأنا شخصيا ذكر لي اسمه أحد الأصدقاء من الحزب نفسه ولا يمكنني تذكر ذلك إلا بالعودة لصفحته ولا أجد الأمر يستحق هذه المشقة.

والطريف في الأمر أن سائق الباص عندما يرى شخصا ماشيا في الشارع أمامه يزمر كي يبتعد الشخص، أو سيكون مضطرا أن “يضرب فرامل”. وبينما هكذا وضع الحزب فقد احتل اعلان دمشق عبر الثلاثية آنفة الذكر، ثم احتل اعلان دمشق في المهجر لولا بعض الخربطة التي أحدثها لهم رئيس إعلان دمشق في المهجر، بينما كان متبوءاً فقط في عهد “التجمع الديمقراطي” الـ “باهي” لأسباب تاريخية. ولا يوجد أحد في هذا الكون “لايحب بطنه” لذلك من الطبيعي أن يحضر الحزب كل طبخات المعارضة، التي يخربها إن لم يكن هو “الشيف رمزي” فيها فيضع ما يريد في كل طبخة وما يحب من البهارات والخضروات التي تجعل الطعم لذيذاً، فاحتل اخيرا جزءا من المجلس الوطني فأصبح لكل عضوين من الحزب عضو في المجلس الوطني.

وكنت الذراع اليمين لجارنا الذي يصنع لنا القهوة العربية بكميات كبيرة في المناسبات و”العزايم”، وكان أثناء ذلك يقطّع الوقت بالحديث معي ويقول لي “يا ابن اخوي إذا واحد كذب كذبة.. نحبسه؟” ومن نبرته وهو يسأل السؤال أعرف أن الجواب: كلا. فيمتدح ذكائي. ويستمر في تعليمي صنع القهوة مؤكداً أنه لايجوز أن تكيل الماء بماعون والقهوة بماعون، لازم نستخدم نفس الماعون. أما عن سياسية الكيل بسبعة مكاييل لدى حزب الشعب، الذي لايعرف جارنا، فحدث ولا حرج. فعلى سبيل الحصر هناك مثال قريب، حيث “انكشف” فيديو للسيدة قضماني التي تنطق باسم المجلس الوطني الذي لكل عضوين من الحزب عضو فيه، تقول فيه بصريح العبارة انها مع وجود اسرائيل وما معناه ان اسرائيل ضرورة وتحدثت عن ابنها وصديقه الاسرائيلي والخ. وبرأيي الشخصي هذا رأيها الشخصي وهو رأي يجب أن يكون مكفول دستورياً لكن رأيها هذا حتى في دول لديها معاهدات سلام مع إسرائيل كافي لحرقها سبع مرات إحداهن بمية النار. لكن “جوقة” الحزب المذكور انبروا، وانبروا لوحدها كافية لتجفل الأعداء عنها. وكان انبراؤهم قد صب الماء على النار المشتعلة فخرجت القضماني كالشعرة من العجينِ (لاحظ الكسرة تحت النون). وندعوا أن يستمر هذا الغرام بين بسمة والحزب كي لايفرط المجلسُ. بينما لو كان ربع هذا الفيديو لشخص لاتربطه “مصلحة” بالحزب، لأماتوه بالضربة الرشيقة المتوازنة القاضية والتي أساسها “العدو.. العدو.. إسرائيل”، وإن بقي حياً فسيتحول إلى درويش فاقدا لعقله يمشي في الشوارع ويلعن الاختراع المسمى تلفزيون ويمر على المحلات مجبرا إياهم على اطفائها.

وفي قديم الزمان كان يمكن لأي شجاع أن ينتقد حافظ أسد وقد “يزمط” منها، إذا لم يكن هناك كاتب تقارير أو كان الكاتب رؤوفا رحييما ولم يجرؤ على ذكر ذلك في تقريره. أما حزب البعث فكما تعلمون الكل كان يشتمه حتى أعضاؤه. بينما كان وما زال انتقاد رياض الترك زعيم حزب الشعب منذ تأسيسه، ومنذ أن كان اسمه الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي؛ يعني أنك تغامر بنفسك في المجهول وستصل الحقائق التي ستكتشفها “الوحدة الاعلامية المختصة” في الحزب إلى من كان عشيق امك المتوفية من سبعين سنة. وستثبت وحدة تحليل الدي إن إي (وهي أحد أقوى الوحدات التي تستند إليها الوحدة الإعلامية) أن أبيك ليس ابن جدك! أما أولادك إن وجدوا فسيموتون بالجلطة. وهذا تفسير منطقي أنه منذ تأسيس الحزب بانشقاق عن حزب بكداش لم تجرؤ امرأة على نقدهم كوننا مجتمع شرقي. ورغم كل هذا وذاك فإن حزب الشعب مصراً على أنه ديموقراطي في اسمه… وهكذا دواليك.

خلف علي الخلف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى