صفحات الناس

مضايا: قافلة الجرحى تترقب الخروج.. و”التهجير”/ عمار حمو

 

 

يترقب أهالي بلدة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، خروج دفعة جديدة من جرحاهم، إلى مدينة إدلب في الشمال السوري، بالتزامن مع خروج أعداد مماثلة من بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب المواليتين للنظام.

مصدر طبي من مضايا، قال لـ”المدن”، إن 230 شخصاً، من بينهم ذوو المصابين، ينتظرون خروجهم هذا الأسبوع، من بلدة مضايا نحو مدينة إدلب، لتكون هذه الدفعة هي ثاني عملية إخلاء للجرحى من مضايا والزبداني. وكان قد أخرجت بعض الحالات الفردية بين العمليتين. وشهد شهر كانون الأول/ديسمبر 2015 خروج 126 جريحاً من الزبداني إلى لبنان، ومنها تم نقلهم جواً إلى تركيا. ووفق مصدر محلي من مضايا لـ”المدن”، فالدفعة الجديدة سيتم نقلها إلى إدلب “براً” عبر الأراضي السورية.

وتشمل القافلة خليطاً من الجرحى المدنيين والعسكريين. ورجحت مصادر أن يتم خروج القافلة، الأحد، قي حين أكد مصدر مقرب من الوفد المفاوض في “جيش الفتح” لـ”المدن” صحة ما يتم تناقله عن خروج قافلة من الجرحى، وأشار الى أن القافلة ستخرج هذا الأسبوع، ولكن لم يتم تحديد موعد خروجها حتى اللحظة.

أحد الجرحى، المفترض خروجه مع القافلة إلى إدلب، قال لـ”المدن”: “سأخرج الأحد إلى إدلب، ضمن قافلة الجرحى”. ورغم فرحه وهو المصاب منذ تموز 2015 والمتروك بلا علاج، لخروجه بحثاً عن العلاج والتخلص من الألم الذي رافقه طوال الفترة الماضية، إلا أنه لا يخفي ارتيابه من دوافع النظام في إخراج هذا العدد إلى الشمال في إدلب. وقال: “أتوقع أن إخراج هذا العدد من بلدتي مضايا والزبداني له علاقة مباشرة بما يخطط له النظام وحزب الله لإفراغ المدينة، وإخلاء أكثر من 230 شخصاً سيترك فراغاً في المنطقة”.

ويعتقد أهالي مضايا أن “الهدنة” الموقعة بين “جيش الفتح” وإيران، هي أصل التهجير، وسياسة النظام السوري ومليشيا “حزب الله” اللبناني تسير على خطى إفراغ المنطقة وتهجير أهلها. ناشط مدني قال لـ”المدن”، إن إخلاء الجرحى إلى إدلب، ومرافقة ذويهم لهم، هو خروج من دون عودة، وبعد ذلك سيفتح ملف العسكريين مع عائلاتهم وهكذا نتجه نحو التهجير.

مصدر طبي يعتقد أن “التهجير” أحد أهداف النظام السوري ومليشيا “حزب الله”، وقال لـ”المدن”: “يبدو أن تفريغ المنطقة من أهلها مطروحٌ، فبعد إخلاء الجرحى يوجد ما يعرف بلمّ الشمل، بحيث يستدعي الجرحى الذين وصلوا إلى إدلب أهلهم من مضايا. وما يعزز الريبة من سياسة التهجير، هي مطالبة النظام للأهالي بإخلاء منطقة الجمعيات، وترحيله لبعض العائلات التي كانت تقطن بالقرب من حواجزه.

وجاء التنسيق لإخلاء الجرحى من بلدة مضايا، بعد مطالبة قوات النظام ومليشيا “حزب الله”، الأربعاء، أهالي منطقة الجمعيات الواقعة غربي بلدة مضايا، بإخلاء منازلهم خلال 48 ساعة. والخطوة وصفها أهالي مضايا بأنها في سياق “التهجير القسري” الذي يستخدمه “حزب الله” في المنطقة.

وبعد التحذيرات التي أطلقها النظام و”حزب الله” بضرورة الإخلاء، قاموا بترحيل أربع عائلات، من دون السماح لهم بحمل أمتعتهم، من منطقة كروم مضايا “البديري” نحو الروضة. ووفق أحد المدنيين فإن بقية العائلات تنتظر في المنطقة المصير ذاته. ويرجّح أهالي البلدة المحاصرة أن عملية الإخلاء جاءت بناءً على رغبة “حزب الله” الذي أطلق النظام يده في المنطقة. وقرار الحزب في ترحيل الأهالي هو ليحضر عناصر الحزب أهاليهم إلى المنطقة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم النظام والحزب بإجبار أهالي منطقة كروم مضايا على ترك منازلهم، إذ أجبرا في كانون الثاني/يناير 15 عائلة على المغادرة.

سياسة النظام السوري في “الحصار” وما يترتب عليه من تجويع وتردٍ للحالة الطبية لأهالي مضايا، وإطلاق تحذيرات لهم لمغادرة منازلهم، يؤكد ما ذهب إليه أهالي مضايا، باتهام النظام بممارسة سياسة “التهجير” على أهالي المنطقة.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد اتهمت النظام بعرقلة وصول المساعدات الغذائية والطبية إلى المناطق التي يحاصرها، وعدم الوفاء بالتزاماته، وأعلنت رفضها لتكتيك “التجويع المستمر” الذي يستخدمه النظام في مناطق حول العاصمة دمشق.

وأطلق أهالي مضايا منذ بدء الحصار، مناشدات ورسائل للهيئات والمنظمات الدولية، لفك الحصار عليهم، كان آخرها مناشدة “الهيئة الطبية” في مضايا، السبت، للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التابعة لها، بضرورة التدخل لإدخال لقاحات الأطفال؛ الكبد والسل والحصبة وشلل الأطفال والسحايا، خشية من انتشار الأوبئة، التي طالما تكثر في فصل الصيف. وأشارت الهيئة إلى أن آخر دورة لقاحات دخلت البلدة المحاصرة كانت قبل عام. وحملت الهيئة الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن حياة 6000 طفل بحاجة للقاح مستعجل.

تفاعل المجتمع الدولي مع مأساة أهالي مضايا كان دون المستوى المأمول، فسجلت البلدة وفاة عدد ممن قضوا “جوعاً” أو لنقص المواد الطبية. فيما سجّل انتشار مرض “الكواشيركور” وهو شكل من أشكال سوء التغذية الحاد، الناتج عن نقص “البروتين الحيواني”.

ويذكر أن بلدة مضايا يقطنها أكثر من 45 ألف نسمة، بعدما نزح إليها آلاف المدنيين من مدينة الزبداني التي كانت مركز ثقل لقوات المعارضة في القلمون. ورغم أن البلدة تقع ضمن اتفاق الهدنة الموقع بين النظام و”جيش الفتح” في أواخر أيلول/سبتمبر 2015، إلا أن النظام التزم ببند “وقف إطلاق النار” نسبياً، ولكنه لم يلتزم بفتح المعابر الإنسانية إلى المنطقة.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى